صورة وزعتها إسرائيل لمطار التيفور.(أرشيف)
صورة وزعتها إسرائيل لمطار التيفور.(أرشيف)
الجمعة 20 أبريل 2018 / 12:25

إيران وإسرائيل وبينهما روسيا...من أين تبدأ الحرب؟

حذر تقرير لمعهد "بروكينغز" الأمريكي من أن اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل في سوريا بات مجرد مسألة وقت، وأن العد التنازلي للجولة التالية من الصراع العسكري بين الطرفين قد بدأ بالفعل.

من أجل تجنب الضغط على الروس، فإن إيران سوف تلجأ إلى الهجمات التي تجدها روسيا مقبولة ويمكن احتواءها

في الأسبوع الماضي استهدفت إسرائيل مرة أخرى قاعدة T4 في سوريا (مطار التياس العسكري المعروف بالتيفور) التي تضم طائرات إيرانية بدون طيار، وقد أسفر هذا الهجوم عن مقتل 7 إيرانيين فضلاً عن تدمير مشروع بنية تحية. ومن هذه القاعدة العسكرية تم إطلاق طائرة إيرانية بدون طيار خلال شهر فبراير(شباط) الماضي اعترضتها القوات الجوية الإسرائيلية التي ردت بقصف قاعدة التيفور وتم إسقاط طائرة إسرائيلية من قبل مضادات الطائرات السورية.

ضربة انتقامية
ويرجح الباحثان دورو ميشمان ويائل مزراحي أرنود أن تشن إيران ضربة انتقامية ضد إسرائيل، ولكن لا يزال هدف طهران أمراً غير واضح، وإن يكن يتوقع أن تشن هجوماً صاروخيا يتم إطلاقه من سوريا وذلك لعدة أسباب يطرحها التقرير الذي يؤكد أن اختيار إيران من شأنه أن يحدد التوقعات المستقبلية للمواجهات العسكرية ما بين إيران وإسرائيل.

ويرى التقرير أن ثمة إشارات واضحة أن إيران سوف ترد هذه المرة، وبخاصة لأن وسائل الإعلام الإيرانية ركزت على تغطية الهجوم الإسرائيلي ضد قاعدة التيفور خلال الأسبوع الماضي، كما حرص القادة الإيرانيون على إطلاق التهديدات المباشرة بالرد الإيراني المرتقب مثل مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية على أكبر ولايتي، وكذلك حذر حسن نصر الله زعيم حزب الله من أن "إسرائيل هذه المرة سوف تدفع ثمناً باهظاً"، وهكذا باتت إيران الآن ملتزمة بشكل عميق وعلني بالرد على الهجوم الإسرائيلي.

تقويض النفوذ الإيراني
وينوه الباحثان إلى أن إيران عازمة على الاستفادة من الاستثمارات الضخمة التي ضختها في سوريا من خلال تحسين وجودها العسكري والضغط على إسرائيل من أجل ترسيخ نفسها كقوة إقليمية، ولكن إسرائيل تصر على عدم تكرار الخطأ الذي ارتكبته من قبل مع حزب الله في لبنان، قالت إنها لن تتسامح مع وجود وكلاء إيران على حدودها في سوريا، ولن تنتظر حتى يصبح الوجود العسكري الإيراني في سوريا تهديداً لا يمكن التعامل معه أو التحكم فيه.

وتعتبر إسرائيل أن الوقت قد حان الآن للتدخل العسكري بسبب عدد من العوامل الجيوسياسية والإستراتيجية، بينها أن رغبة روسيا في إبقاء الوضع في سوريا مستقراً نسبياً يضع إسرائيل في موقف فريد من نوعه باعتبارها مصدراً محتملاً لعرقلة ذلك. ومن ثم تتمتع إسرائيل بنفوذ على روسيا وهي اللاعب الأكبر والأكثر تأثيراً في سوريا. ولعل الأكثر أهمية، برأي الباحثين، أن حرية إسرائيل في العمل في الأجواء السورية قد تكون محدودة مستقبلاً من خلال تحسين قدرات الأجهزة المضادة للطائرات الإيرانية أو السورية على حدا سواء أو من خلال إبرام اتفاق دولي.

الرد الإسرائيلي المضاد
ويؤكد التقرير توافر النوايا الواضحة لشن الهجوم الإيراني المحتمل ضد إسرائيل، بيد أنه لا يزال هناك جدل حول شكل الضربة الانتقامية؛ وبخاصة لأنه في الشرق الأوسط تبرز أهمية مثل هذه الفروق الدقيقة؛ حيث أن ثمة عدة احتمالات قائمة ولكن كل احتمالية تنطوي على تداعيات مختلفة للرد الإسرائيلي المضاد.

ويبدو أن إطلاق الصواريخ ضد أحد الأهداف العسكرية الإسرائيلية هو الرد الإيراني الأكثر ملاءمة على الأرجح من حيث القدرات وحساب المخاطر، كما أنه سيكون ضربة قاتلة لسمعة قوة الدفاع الإسرائيلية، ولكن الرادع الأكثر فاعلية، برأي الباحثين، ربما يكمن في استهداف مدينة كبيرة لإثارة الذعر حتى إذا تم اعتراض الصواريخ من قبل أنظمة الدفاع الإسرائيلية. وفي هذه الحالة سيكون الهدف من المنظور الإيراني هو خلق ضغط علني سيعمل بدوره على تغيير حسابات المخاطر التي تواجهها إسرائيل في سوريا.

معضلة إطلاق الصواريخ
ويوضح الباحثان أن إيران تواجه معضلة في تحديد مكان إطلاق الصواريخ: إيران أم سوريا أم لبنان؟ ومن شأن إطلاق الصواريخ من إيران أن يوجه رسالة قوية إلى إسرائيل من حيث القدرات والتصميم ولكنه في الوقت نفسه سيمنح إسرائيل الشرعية في شن هجوم مضاد ضد إيران فضلاً عن إثارة تصعيد غير ضروري على الأقل في المرحلة الراهنة من المنظور الإيراني.

وعلى رغم توافر مجموعة متنوعة من الصواريخ لدى حزب الله في لبنان، الذي يعتبر موقعاً مناسباً لإطلاق الصواريخ ضد إسرائيل، فإن التصعيد في لبنان سيكون أكثر ضرراً لكل الأطراف المعنيين، وسيقود إلى إشعال الحرب بين إسرائيل وحزب الله، وسيؤدى ذلك إلى الإضرار بالنبية التحتية والترسانة العسكرية لحزب الله. وهذا لا يخدم أيضا مصالح إيران ولا حزب الله، لا سيما أن الأخير يسعى إلى تحسين صورته قبل الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقرر عقدها في شهر مايو(أيار) المقبل.

وبناء على ذلك، فإن سوريا هي الخيار الأكثر منطقية والأقل خطورة بالنسبة إلى إيران، لاسيما في ظل المناوشات الأخيرة، ولكن هناك تحديان رئيسيان يتعين التعامل معهما وهما: العلاقة الضعيفة مع الروس والمخاطرة بإلحاق الأضرار بالأصول والقدرات الإيرانية الموجودة في سوريا إذا اضطرت إسرائيل للرد.

روسيا والمعادلة المستحيلة
ويشير الباحثان إلى أنه من أجل تجنب الضغط على الروس، فإن إيران سوف تلجأ إلى الهجمات التي تجدها روسيا مقبولة ويمكن احتواءها. وقد أعربت روسيا عن غضبها بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير، وسوف تتحمل على الأرجح نوعاً من الرد الإيراني المحسوب، ولكن شرط ألا يشكل تهديداً كبيراً للاستقرار في سوريا ولا يفضي إلى تصعيد رد الفعل الإسرائيلي. وقد يبدو هذا الأمر معادلة مستحيلة أمام إيران التي ترغب في إثبات قدرتها على توجيه ضربة قوية ضد إسرائيل بعد أن أثبتت الأخيرة استعدادها لدفع ثمن باهظ من أجل منع إيران من إنشاء جبهة أخرى ضدها في سوريا تهدد الأمن الإسرائيلي (مثل حزب الله في لبنان).

ويختتم الباحثان بأن التنبؤ بالآفاق المستقبلية يعد أمراً في غاية الصعوبة، وبخاصة لأن الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني المحتمل سوف يعتمد على مدى الضرر والخسائر في الأوراح أو القدرات العسكرية؛ إذ تدرك إسرائيل جيداً أنه لا يمكنها غض الطرف عن الرد المضاد. وفي الوقت الراهن ستدفع إسرائيل ضد إيران حتى تنجح أية ضغوط دولية أو جهود دبلوماسية كبرى في كبح نفوذ إيران في سوريا، ولن تنجح روسيا على الأرجح في منع اندلاع المواجهات بين إسرائيل وإيران.