القدس.(أرشيف)
القدس.(أرشيف)
الإثنين 23 أبريل 2018 / 19:43

حين يموت الحلم وتحيا الذاكرة

نحن نستعد لمواجهة الخطوة الأمريكية القادمة بنقل السفارة بالفعل إلى مدينة القدس نسأل الجامعة عن رأيها في هذه الخطوة، وكيفية مواجهتها لها، وهل ستكتفي ببيان إدانة أم أنها ستلتزم بقراراتها وتعلن قطع العلاقة مع الولايات المتحدة والدول الأخرى

قرأ العرب منذ فترة طويلة توجه الولايات المتحدة والدول الذيلية التابعة لها إلى ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي للقدس، وأكد النظام العربي في قممه المتعاقبة بطلان كافة الإجراءات التي اتخذتها وتتخذها إسرائيل لتغيير معالم المدينة، كما طالب في قرارات قممهم دول العالم بعدم نقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس. وفي أربع قمم سابقة قررت الدول العربية قطع علاقاتها مع الدول التي تنقل سفاراتها في إسرائيل إلى القدس المحتلة. وكانت قرارات قمة عمان 1980 وقمة بغداد عام 1990 وقمة القاهرة عام 2000 واضحة في نصوص قراراتها المتعلقة بهذا الشأن، وجاءت قمة عمان 2001 لتؤكد هذا الموقف بقرار واضح جاء في نصه "يذكر القادة بقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمدينة القدس الشريف، وخاصة قراراته 252 (1968) و 267 (1969) و 478 (1980) التي اكدت بطلان كافة الاجراءات التي اتخذتها وتتخذها إسرائيل لتغيير معالم هذه المدينة وطالبت دول العالم بعدم نقل سفاراتها إلى القدس. وفي هذا الإطار يجدد القادة التأكيد على قرارات القمة العربية في عمان عام 1980 وبغداد عام 1990 والقاهرة عام 2000 والقاضية بقطع جميع العلاقات مع الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس أو تعترف بها عاصمة لإسرائيل، قبل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة وفق قرارات الشرعية الدولية".

واقع الأمر أن الولايات المتحدة اعترفت بالقدس عاصمة للكيان الاحتلالي، ورغم الزوبعة الإعلامية، والتصريحات العربية الرافضة لهذا الاعتراف فإن قرار القمم العربية لم ينفذ، بل إن أحداً لم يتطرق إليه ولم يسأل الجامعة العربية عن مصير قرارات قممها الخاصة بالقدس.

الآن، ونحن نستعد لمواجهة الخطوة الأمريكية القادمة بنقل السفارة بالفعل إلى مدينة القدس نسأل الجامعة عن رأيها في هذه الخطوة، وكيفية مواجهتها لها، وهل ستكتفي ببيان إدانة أم أنها ستلتزم بقراراتها وتعلن قطع العلاقة مع الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تقدم على هذا الإجراء المخالف ليس فقط لقرارات القمم العربية ولكن أيضاً للشرعية الدولية التي يتغنى النظام العربي باحترامها والالتزام بقراراتها.

بالطبع، ندرك أن الواقع تغير كثيراً منذ العام 2001 حين كانت الانتفاضة الفلسطينية الثانية تشعل الأرض الفلسطينية كلها، وفي القلب منها مدينة القدس، لكن القمم اللاحقة لقمة عمان لم تلغ قراراتها المتعلقة بالقدس، ولم تستبدلها بقرارات أخرى تستبعد قطع العلاقات، ما يوجب التذكير وطرح السؤال الصعب.. ماذا أنتم فاعلون؟

نعرف مسبقاً أن الدول العربية لن تقطع علاقاتها مع أمريكا، ونعرف أيضاً أن الرافضين لهذا القرار الأمريكي لا يستطيعون تغييره، ونستذكر رد الفعل العربي الضعيف أو الغائب على قرارات أمريكية استفزازية كثيرة سبقت جنوح الإدارة الأمريكية الحالية إلى الجنون البائن في عهد دونالد ترامب.
لكن الموقف هذه المرة سيكون أكثر صعوبة وإحراجاً، لأن رد الفعل الفلسطيني على الإجراء الأمريكي القبيح لن يكون عادياً أو مألوفاً، خاصة وأن الخطوة الإجرائية ذاتها ستتزامن، بشكل متعمد، مع ذكرى النكبة الفلسطينية التي يختار أصدقاء إسرائيل تسميتها "ذكرى الاستقلال".

ربما يكون من حق المواطن العربي أن ينتظر توضيحاً من مؤسسته الجامعة وأن يطالب مؤسسة القمة بالابتعاد عن اللغة العنترية والمواقف التي لا تستطيع الالتزام بها، لأن لغة الاستهلاك المحلي لم تعد مناسبة لمئات الملايين من العرب الذين يضعف حالهم وتموت أحلامهم لكن ذاكراتهم تظل حية ونشيطة.