الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.(أرشيف)
الثلاثاء 24 أبريل 2018 / 14:58

لماذا غيّر أردوغان موقفه من الانتخابات المبكرة؟

دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم الأربعاء الأخير، إلى نتخابات مبكرة ما أدى لتقديم موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية إلى 24 يونيو (حزيران)، أي قبل 17 أسبوعاً من موعدها السابق، علماً أنه كان معارضاً قوياً لأية انتخابات مبكرة، وكان يشير إليها باعتبارها "علامة على التخلف والخيانة".

هناك شيء وحيد مؤكد، وهو أن الرئيس التركي، الذي ليست لديه استراتيجية مخرج سياسي، يجب أن يرحل الآن

وفيما يدافع اليوم أنصاره عن تلك المفاجأة، ويعتبرونها من صنع استراتيجي محنك، يرى آيكان إرديمير، عضو سابق في البرلمان التركي، وزميل رفيع لدى مركز الدفاع عن الديمقراطيات، أن التحول المفاجئ والكبير للرئيس التركي في الدعوة لانتخابات في خلال 67 يوماً، يعكس شعوره بانعدام الأمان.

تبرير
ويلفت كاتب المقال لحرص وسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية لتبرير التحول الكلي لأردوغان بوصفه "انتصاراً يظهر براعته كسياسي واستراتيجي". ومن جانبه، أكد سياسي إسلامي تركي أن مناورة الرئيس التركي فاجأت المعارضة، وكتب على تويتر "الحرب خدعة". ورأى خبراء دوليون أن دعوة أردوغان لانتخابات مبكرة كانت "خطوة محسوبة تم فيها تقييم التكاليف والمكاسب بعناية شديدة"، وتشكل جزءاً من "تكتيكات أردوغان لإحكام سيطرته على المعارضة". ولكن عند النظر من قرب، تأتي خطوة الرئيس التركي المتسرعة نحو الانتخابات نتيجة للإكراه أكثر منها كخدعة.

مراهنة
وفي المقابل، من الخطأ الاعتقاد أن المعارضة التركية تفاجأت بدعوة أردوغان للانتخابات. فقد توقع ميرال آكسيندر، زعيم "حزب الخير"، في ديسمبر( كانون الأول) الماضي، أن انتخابات مبكرة سوف تتم في 15 يوليو( تموز) في العام الجاري، بمناسبة مرور عامين على الانقلاب الفاشل. كما أشارت صحيفة غازيت دوفار، يوم الأربعاء الأخير، إلى أن برلمانياً تركياً من حزب الشعوب الديمقراطي المعارض(HDP)، راهن مع ثلاثة نواب آخرين، واختار يوم 24 يونيو كموعد لانتخابات مبكرة، وفاز بجناح فندقي خاص برجال الأعمال، عقب إعلان أردوغان الأخير.

عجز عن الانتظار
ويرى إرديمير أن عدم قدرة أردوغان على الانتظار لمدة إضافية حتى 15 يوليو( تموز)، حيث كان من الممكن له أن يستقطب دعماً شعبياً كما جرى عند التفاف الأتراك حول علمهم، قبل عامين، يعتبر مؤشراً واضحاً لقلق أردوغان. فقد كان شهر إبريل( نيسان) قاسياً على الاقتصاد التركي، إذ هبطت قيمة الليرة التركية إلى مستويات قياسية، ما دفع شركات لإعادة جدولة ديون بمليارات، وهو ما انتقده أردوغان سابقاً باعتباره "هجوماً اقتصادياً من قبل أْعداء الدولة".

أزمة في الأفق
ويرى كاتب المقال في تحرك أردوغان قبل وقوع أزمة اقتصادية تلوح في الأفق، بمثابة رد فعل أكثر من كونه استراتيجية قائمة على حسن تدبير. وكبداية، مازالت تركيا تفتقر إلى قانون انتخابي ينظم الترشح للرئاسة في ظل قانون جديد طرح عبر استفتاء أبريل( نيسان) 2017.

وحسب ما نصت عليه التعديلات الدستورية لاستفتاء العام الماضي، ستؤشر الانتخابات الرئاسية القادمة في تركيا لانتقال البلاد من نظام برلماني إلى رئاسي. وسوف يتطلب هذا شطب كل ما يشير للقوانين الحالية التي تشير لمجلس الوزراء ومؤسسات أخرى سينعدم ذكرها بعد انتخابات 24 يونيو( حزيران) المقبل.

تقويم
ويقول إرديمير إنه، في الوقت نفسه، سيكون على المجلس الانتخابي الأعلى إصدار تقويم انتخابي "سريع"، لأن مدة 67 يوماً ليست كافية لتنفيذ عملية تسجيل جميع الناخبين، سواء للانتخابات التمهيدية أو للناخبين المقيمين خارج تركيا.

ومع دفع أردوغان تركيا نحو انتخابات مبكرة، تلوح في الأفق أزمة. فثمة مؤسسات وأحزاب ومرشحون يسعون لمعالجة مشاكلهم في غياب أساسيات، كإطار عمل قانوني، وقواعد انتخابية واضحة، وتقويم انتخابي. ولكن هناك شيء وحيد مؤكد، وهو أن الرئيس التركي، الذي ليست لديه استراتيجية مخرج سياسي، يجب أن يرحل الآن. ولكنه لا يبالي مع شركائه من اليمين المتشدد، في ما لو مهدت مناوراتهم للتعجيل بحدوث أزمة اقتصادية تكون بمثابة آخر مسمار في نعش الديمقراطية الانتخابية المتهاوية في تركيا.