الدوقة كيت ميدلتون والأمير وليم  وطفلهما.(أرشيف)
الدوقة كيت ميدلتون والأمير وليم وطفلهما.(أرشيف)
الجمعة 27 أبريل 2018 / 20:24

الدوقة

من المثير للدهشة كيف أن هذه المقارنات قد أفقدت الكثير من النساء بدورهن ميلهن الطبيعي إلى التعاطف مع من تشاركهن المرور بتجارب الحمل والولادة والتربية!

وأخيراً، وضعت كيت ميدلتون طفلها الثالث.

وكان من المفترض بالقصة أن تنتهي هنا، حيث نهنئ الوالدين الشابين، متمنين أن "يربى الأمير في عزهما"، ومتسائلين عن مدى احتمالية أن يطلقا عليه اسم "محمد صلاح" تيمّناً بنجم ليفربول.

ولكن العربان لم يتركوا لنا مجالاً لنترك ما لا دخل لنا به.

فبعد 7 ساعات فقط من الولادة، خرجت الدوقة إلى الجمهور حاملة وليدها بين ذراعيها، وانطلقت في سماء العوالم الافتراضية رصاصات المقارنات الساخرة بينها وبين الأم العربية، تلك التي تنهار بعد الولادة "لأسابيع متواصلة كالمشلولة". والعهدة على الراوي.

أمروا الأم العربية بأن تفتح عينيها المثقلتين بهالاتهما السوداء، فتنظر إلى إطلالة كيت المشرقة، وحسن هندامها. انظري إليها فيما تتبختر بكعبها العالي بعد ساعات فقط من خوضها لما يُفترض بها أن تكون إحدى أشد التجارب إيلاماً للجسد البشري. حدّقي في قوامها الذي راح يستعيد رشاقته، فيما تتكورين أنتِ كالبقرة منذ أولى مراحل تكوّن العلقة.

أما الأم الخليجية المُتهمة بالتبذير، فأُوصوها بأن تنظر إلى الدثار الذي تستخدمه كيت مرة تلو المرة تلو المرة عوضاً عن اتخاذ وليدها الجديد حجة للتفاخر.

ولا داعي إلى أن أشير إلى الدور الذي تلعبه هذه المقارنات الشريرة في إشعار الأم بالسوء حيال جسدها، وقدرته على التحمّل والتكيف، بل وحتى "التكشّخ" لمجاراة توقعات المجتمع. لقد أفرطوا في اعتبار الولادة مجرد عملية بيولوجية مضجرة تقوم بها جميع الثدييات منذ ملايين السنين، حتى توقفوا عن التعاطف مع من تمرّ بها، والتماس الأعذار لها، واعتبروا معاناتها ضرباً من الدلال والغنج!

ولكن من المثير للدهشة كيف أن هذه المقارنات قد أفقدت الكثير من النساء بدورهن ميلهن الطبيعي إلى التعاطف مع من تشاركهن المرور بتجارب الحمل والولادة والتربية!

فلشدة ما نُصبت كيت –ودوقة كامبريدج مجرد مثال عابر هنا- كالنموذج، والمعيار الأكمل، الذي عليهن الاحتذاء به في التعاطي مع مشاق الحمل والولادة، لم تفكر إحداهن في ما إذا كانت "أم جورج" تفضّل مثلهن أن تبقى طريحة لفراشها. لم يتخيلن صعوبة أن تلصق على وجهها ابتسامة بهذا الاتساع في وقت قد تشعر فيه بالرغبة في البكاء. لم يتساءلن ما إذا كانت ترزح تحت ضغوطات مضاعفة لفقدان الوزن، وهي التي لا تمتلك رفاهية حبس نفسها أمام "ام بي سي 4".

بل جاءت ردة الفعل بمستوى الإهانة.

فأولئك الذين عايشن تجربة الولادة مثل كيت بدين متجردات من التفهّم فيما رحن يشرن بإصبع المقارنات إلى الأفضلية التي تحظى بها، فهي على الأغلب تقود جيشاً من الحاضنات، ويتحرك بأمرها جيش آخر من فناني المكياج وتنسيق الألبسة، ناهيك عن ولادتها في أفخم الأجنحة، حيث تتصوّر الأم العربية المتعبة بأن عمليات الولادة تسري بسلاسة جلسات احتساء الشاي الإنجليزي والتهام شطائر الخيار.

أرأيتم قبح صنيعكم فيهن؟