نموذد للكبلز على السوشيال ميديا.(أرشيف)
نموذد للكبلز على السوشيال ميديا.(أرشيف)
الجمعة 4 مايو 2018 / 19:45

عصر الكبلز

للمرة الأولى، نحن نميّز فرح التي يهيم بحبها عقيل، ونضحك مع أحمد الذي خطب مشاعل علناً، ونفخر بسلامة كما يفخر بها خالد، وذلك بعد أن كان الأزواج والزوجات في وعي أغلبنا مجرد انعكاس ظل غامض من نصفهم الآخر

هيمنت ظاهرة الثنائيات الشهيرة –أو "الكبلز"- على وسائل التواصل الاجتماعي حتى بات "لا يعيب الرجل سوى تعداد متابعيه في انستجرام"، وصار معيار الزوجة الصالحة هو في مدى توافق ملامحها مع فلتر الورد في "سناب شات". إنهما ببساطة زوجان ترتكز عوامل جاذبيتهما وشهرتهما على كونهما يعشعشان معا في ذاكرات هواتفنا الذكية، ويتشاركان الحياة يومياً تحت شاشاتها.

إن هذه الثنائيات هي الورقة الرابحة حقا للـ"سوشيال ميديا"، فعلى الرغم من أنها تجد نفسها حبيسة شبه دائمة لأقفاص الاتهامات الظالمة بهدم العادات والتقاليد، ونشر التغريب، والإساءة لعائلاتها وقبائلها ومجتمعاتها، فإن ذلك لا يقتطع شيئاً من نصيبها من الصيت وإثارة الجدل.

كل عناق طفيف يوحّد هؤلاء يتحوّل إلى قضية رأي عام، وكل مشروع يجمعهم بأشخاص من الجنس الآخر يصير حجة قاطعة على انعدام غيرتهم وشرفهم-!-، ولا بد وأن يتصدر المواقع الإخبارية كل نبأ يرتبط بهم، حتى لو تعلّق بالفلس الذي عقدوا به قرانهم، والفلس الآخر الذي حددوه كمؤخر لهم، كما حدث مؤخراً في حالة أحد الثنائيات. الأمر يبدو وكأنما القضاة الذين ينصبون لهم المشانق هم نفسهم الذين لا ينفكون يتابعون "جرائمهم" المزعومة ضد قيم المجتمع!

وأمام هذا التناقض، اسمحوا لي بأن أحاول تحليل المشهد من زاوية أبسط بكثير من تلك التي يحتلها الباحث الاجتماعي، أو الأكاديمي المحنك. إنها زاوية "الكاتب الملقوف"، ذلك الذي يراقب بصمت، فيحفظ الكلمات الصادرة بين أسطر الحديث، ويدوّن بشغف التقلبّات التي لا تكاد تُلحظ على تعابير الوجوه.
أعتقد –والله أعلم- أن هذه الثنائيات الشهيرة تروي تعطّشاً طبيعياً في داخل بعض الناس لرؤية زوجين يشذان عن القاعدة المعتادة التي تفرض على أحدهما الانزواء، أو الاختفاء، في أحد أركان الصورة الظاهرة إلى العامة. إننا نشاهد -للمرة الأولى ربما- زوجين يبدوان واقفين إلى جانب بعضهما بعضاً، موازيين لبعضهما بعضاً، ويشغلان البرواز معاً عوضاً عن أن تقتطع أحدهما قسراً القواعد شديدة الصرامة بشأن عزل الجنسين، والتزمت المفرط تجاه إظهار العاطفة.

للمرة الأولى، نحن نميّز فرح التي يهيم بحبها عقيل، ونضحك مع أحمد الذي خطب مشاعل علناً، ونفخر بسلامة كما يفخر بها خالد، وذلك بعد أن كان الأزواج والزوجات في وعي أغلبنا مجرد انعكاس ظل غامض من نصفهم الآخر، حيث جرت العادة ألا نعرف لـ "أبي فلان" أو "أم فلان" وجهاً، ولا هوية، شخصية.

ولأقرّب الفكرة من خصوصيتك الخليجية، فالأمر أشبه بأن تعيد قراءة قصائدك الغزلية المفضلة، وعوضاً عن أن يبقى الفراغ ينخر في أبياتها، ترى بعينيك ذاك الفارس النبيل الذي تغنّت به الشاعرة، أو تبصر دماثة أخلاق محبوبة الشاعر وطيبها.

بالطبع، قد أكون مخطئة بنسبة 100%، ولكن حسبي محاولة فهم الظاهرة في وقت تكتفي فيه الأغلبية بالمتابعة الصامتة لما يعتبرونه أسلوب حياة مستهجن ومعيب.