جنود إسرائيليون في الجولان.(أرشيف)
جنود إسرائيليون في الجولان.(أرشيف)
الأحد 13 مايو 2018 / 12:46

تقرير: ماذا تريد إيران في سوريا؟

منذ الغارات الجوية الأخيرة ضد قاعدة تيفور في سوريا، وإسقاط مقاتلة إسرائيلية من طراز F-16 في فبراير( شباط)، اشتدت التوتر بين إسرائيل وإيران. وفي 26 أبريل (نيسان)، تحدث وزير الدفاع الأمريكي جميس ماتيس، عن إمكانية وقوع صدامات مباشرة بين الجانبين. وليلة 9 مايو( أيار)، أطلق سرب من الصواريخ من الأراضي السورية، مستهدفة مواقع إسرائيلية في مرتفعات الجولان.

يصب هدف الحملة الإيرانية في سوريا لصالح توسيع تصديرها التقليدي للقوة، وبناء منشآت عسكرية خارج حدودها بهدف تدمير إسرائيل

وتأتي المناوشات في لحظة دقيقة، وفق ما كتبه، في مجلة "فورين بوليسي"، بايام محسني، مدير مشروع إيران لدى مركز "بلفر للشؤون العلمية والدولية"، وحسن أحمديان، باحث في نفس المركز، اللذين حضا صناع السياسة في واشنطن على تكوين فهم أوضح عن أهداف إيران في سوريا، والتي تعمل على ردع إسرائيل وجهات خارجية أخرى من التدخل في سوريا.

وبرأي الباحثين قد يقود سوء فهم حول نوايا إيران الاستراتيجية لمواجهة عسكرية ودورة من التصعيد، وخاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي.

تحالف قديم
وباعتقاد الباحثين، عوضاً عن إشعال مواجهة عسكرية مع إسرائيل، تتركز نشاطات إيران في سوريا، قبل أي شيء، في المساعدة على حماية الحكومة السورية كجزء من "محور المقاومة"، تحالف قديم بين إيران وسوريا وحزب الله، بالإضافة إلى اخرين. كما تسعى إيران للتأسيس لميزان قوة مع لاعبين إقليميين ودوليين آخرين ذوي مصالح في سوريا. ولم تكن تحركات إيران الأخيرة، والتي ربما اعتبرت استفزازية، كخرق طائرة إيرانية للمجال الجوي الإسرائيلي، إلا تكتيكات لرسم خطوط حمراء ورفع الكلفة على إسرائيل، في حال اختارت مواجهة إيران في سوريا.

تفسير آخر
لكن، من وجهة النظر الإسرائيلية، لا يمكن السماح لإيران بتكثيف تواجدها العسكري في سوريا، لأن طهران تخرق بذلك خطاً أحمر إسرائيلياً يقضي بمنع وجود قواعد عسكرية إيرانية دائمة هناك.

وتبعاً لهذا التفسير للأحداث، يصب هدف الحملة الإيرانية في سوريا لصالح توسيع تصديرها التقليدي للقوة، وبناء منشآت عسكرية خارج حدودها بهدف تدمير إسرائيل. وفيما تشاطر بعض النخب الإسرائيلية هذا الهدف، فإن الرأي الإسرائيلي السائد بشأن الوجود السوري يخطئ في قراءة أهداف إيران الفعلية، وترتيب أولوياتها ومصالحها الحالية في سوريا.

قيود
كما يرى الباحثان، أن وجهة النظر هذه تغفل قيوداً تواجهها إيران في سوريا، وخاصة لجهة تردد حقيقي من قبل الحكومتين السورية والروسية في السماح بأن يكون لإيران تواجد عسكري رسمي داخل البلاد. ويفترض ذلك الرأي بأنه ليس لسوريا كلمة في كيفية إدارة علاقاتها مع إيران بسبب ضعفها، في حين أن الواقع على الأرض أشد تعقيداً. كما تفرض سياسات أوسع نطاقاً يمارسها الرئيس السوري بشار الأسد، وروسيا وإسرائيل والمجتمع الدولي قيوداً على السياسة الإيرانية في سوريا.

وبرأي الباحثين، فيما تعادي إيران وشركاؤها إسرائيل بشدة، فإن إثارة مواجهة عسكرية مع إسرائيل ليست أولوية إيرانية. وتتطلع طهران لتعزيز موقعها بين الأطراف الرئيسية في الصراع السوري: تركيا والولايات المتحدة والحكومة السورية، فضلاً عن حلفائها الآخرين. كما توفر سوريا لإيران عمقاً استراتيجياً، وتسمح لها بتصدير قوتها نحو شرق المتوسط، وتمنحها ممراً نحو حزب الله، ما يعزز الردع الإيراني لإسرائيل.

ومن هذا المنطلق، رأت الحكومة الإيرانية أن الانتفاضة ضد النظام السوري عبارة عن مؤامرة أجنبية هدفها تقويض إيران، وهو ما عد تهديداً مباشراً دفع بعض النخب الإيرانية لحد الزعم "إن فقدنا سوريا، فلن نستطيع الحفاظ على طهران".