سيارات بشعارات حزب الله في الانتخابات النيابية في لبنان (أرشيف)
سيارات بشعارات حزب الله في الانتخابات النيابية في لبنان (أرشيف)
الإثنين 14 مايو 2018 / 20:10

الانتخابات اللبنانية... الطوائف على حالها

6 مايو (أيار) يوافق في لبنان عيد الشهداء الذين علقوا عهد العثمانيين، في أعواد المشانق، اليوم نفسه خلال الحرب العالمية الأولى. لا يبدو أن أحداً تذكر هذه المناسبة أو عاد إليها فالأرجح أن الماضي بكل تفاصيله لم يعد في الحساب، بعد أن تراكمت عليه أزمان ومراحل، وبعد حرب أهلية سقط فيها شهداء يتجاوزون المئة الف شهيد.

أطاحت حركة أمل ولحقها حزب الله بالزعامات الشيعية التاريخية والموروث الشيعي منذ قرن على الأقل

كانت مرت سنوات تسع على الانتخابات الأخيرة، مع ذلك لم يتدفق الناس للتصويت، بالعكس كان الاستنكاف عن التصويت هو السيد، الأمر الذي لم يلق تفسيراً واضحاً من السياسيين الذين اشتركوا في الانتخابات.

لم يعرفوا سر هذا الإحجام وتعجبوا منه. تسع سنوات لم تمنح اللبنانيين شوقاً للانتخابات، وحين حان الوقت لم يفعلوا سوى الإهمال وترك الأمور على حالها. وعود التغيير الكثيرة لم تلق كثيراً من المستجيبين. لم تفعل السنوات التسع سوى زيادة يأس الناس من السياسيين ومن السلطة.

كان شعار التيار الوطني الحر الذي يترأس مؤسسة الدولة هو القوة، اللائحة القوية، لبنان القوي. كان هذا مستلهماً من الجنرال الذي أسس التيار من منفاه في فرنسا، عسكريته هي مظهر قوته التي مارسها في حروب، بعضها على اللبنانيين.

إنه القوي خاصة بعد رئيسين بارزي الضعف، ولا بد أن اللبنانيين الخارجين من حروب متوالية واستبدادات المسلحين يشتاقون الى دولة قوية، تفرض الأمن، وتغريهم القوة. العماد ميشال عون الذي خاض حروباً ضد الجيش السوري والقوات اللبنانية يبدو رمزاً لهذه القوة، وتنسحب هذه الصفة على الدولة التي يرأسها.

لكن هذه الدولة كما يعرف اللبنانيون أضعف عسكرياً من حزب الله، الذي يشكل في المنطقة قوة منظورة. نال التيار الوطني الحر 29 نائباً لكن هذا لم يمنع من أن يكون التيار ليس الفائز الأكبر، ففوز القوات اللبنانية التي تقاسم التيار معها التمثيل المسيحي ب 15 نائباً يعني أنها الطرف الأكثر ربحاً في الوسط المسيحي.

وإذا أضفنا الى ذلك أن تيار المستقبل الأكثر تمثيلاً للمسلمين السنة قد تراجع من 31 نائباً الى 20 نائباً. نفهم من ذلك أن الطرفين اللذين يشكلان الحكومة قد تراجعا في طوائفهما، وهذا في لبنان المعيار الوحيد للفوز أو الخسارة.

تشكل نتائج الانتخابات معياراً حقيقياً لما يجري داخل الطوائف نفسها، كما أن هذه النتائج تلقي ضوءاً على العملية السياسية التي تدور في كل طائفة. لقد فاز تحالف حزب الله وحركة أمل الشيعيين بكل المقاعد العائدة للشيعة.

هذا مظهر هيمنة كاملة، فالواضح أن اللوائح المعارضة للثنائي الشيعي كانت هزيلة إلى حد لم تكن كلها في مجموعها تمثل شيئاً مقابل لوائحه.

لا نعرف ماذا يعني ذلك سياسياً وسوسيولوجياً، لكن هيمنة حزب الله وحركة أمل وحزب الله بشكل خاص، لم تكن إلا بعد أن أطاحت حركة أمل ولحقها حزب الله، بالزعامات الشيعية التاريخية والموروث الشيعي منذ قرن على الأقل. كما أن الحركة التي أسسها السيد موسى الصدر الذي هو قطب ديني وحزب الله الذي يتبع الحكم الديني في ايران، هما تنظيمان يمتان الى المذهب وإلى الدين.

قد تكون هذه الهيمنة من عواقب الحرب الأهلية، ليست الحال غيرها عند المسيحيين، فالقوات اللبنانية التي كانت قيادة في الحرب الأهلية، والتيار الوطني الحر أسسه جنرال ترأس الحكومة بعد أن ختم الرئيس أمين الجميل عهده بتكليفه برئاسة الوزراء هذان بهذه الدرجة هما أيضاًَ من نتائج الحرب الأهلية. في لم تكن هذه حال المسلمين السنة الذين لم يشاركوا بقوة في الحرب الأهلية.

لقد أدى مقتل رفيق الحريري رئيس الوزراء السني الى هيمنة لورثته، لكن الوقت أكل من هذه الهيمنة، وها هي نتائج الانتخابات الأخيرة تثبت ذلك، خسارة 10 نواب رقم كبير، فالطائفة التي لم تكن في يوم تحت هيمنة قائد واحد تعود الى توزعها.