تلامذة سوريون في مدرسة قرب دمشق.(رويترز)
تلامذة سوريون في مدرسة قرب دمشق.(رويترز)
الأربعاء 16 مايو 2018 / 13:45

تقرير إسرائيلي عن أولاد سوريا...الجيل الضائع

لفت زيفي باريل، مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إلى معاناة الأطفال السوريين الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة مع دخول الحرب الأهلية الآن في سوريا عامها الثامن؛ فبات هؤلاء محرومين من التعليم، كما حرم أكثر من مائة ألف طالب سوري من دراستهم الجامعية.

قرابة مائة ألف طالب يبحثون عن بدائل للدراسة في سوريا، كما يتقدم الآف الطلاب السوريين للالتحاق بالجامعات في تركيا والأردن ولبنان

ويصف مراسل الصحيفة التعليمات التفصيلية التي نشرتها وزارة التربية والتعليم في سوريا مؤخراً، بشأن معاقبة الطلاب الذين حصلوا على شهادات مزورة، بأنها محاولة من نظام الرئيس السوري بشار الأسد لإظهار أن المناطق الخاضعة لسيطرته تدار بشكل صحيح.

وثائق مفقودة
ولكن المراسل يرى أن هذه التعليمات لا قيمة لها؛ وبخاصة في ظل غياب التفاصيل الحقيقية لعدد الدبلومات المزورة، كما أن الحاجة إلى تزوير الوثائق لا تنبع فقط من رغبة الطلاب في ممارسة الغش والخداع، وإنما من واقع فقدان الوثائق أثناء الحرب الأهلية؛ إذ يحتاج الطلاب لتلك الوثائق في الحصول على الوظائف أو حتى لاستكمال دراستهم.

ويشير باريل إلى أن قرابة مائة ألف طالب يبحثون عن بدائل للدراسة في سوريا، كما يتقدم الآف الطلاب السوريين للالتحاق بالجامعات في تركيا والأردن ولبنان. ويعترف مسؤولو التعليم السوريون من خلال وسائل الإعلام بأن الوثائق المزورة ليست المشكلة الأكثر خطورة؛ فهناك إشكاليات أسوأ من ذلك تتمثل في صعوبة دفع الرسوم الدراسية والعثور على المعلمين الموهوبين وتحديث المواد التعليمية، فضلاً عن ندرة توافر فرص العمل لخريجي الجامعات.

جامعات خاوية
ولا يوجد في بعض جامعات سوريا سوى أقل من 10% من طلابها؛ إذ يفضل معظمهم الدراسة في الكليات التي لا تلزمهم بالحضور حتى يتمكنوا من العمل للحصول على لقمة العيش، ويعني ذلك أنهم يفضلون كليات العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية، وهو ما يُعد إشكالية لأن تلك الكليات لا تؤهل للحصول على عمل مناسب سواء في الوقت الراهن أو في مستقبل ما بعد الحرب الذي سوف تحتاج فيه سوريا إلى المهارات لإعادة بناء البلاد.

وبحسب المراسل، لا تخلو الجامعة من الطلاب فقط، وإنما أيضاً من كبار أساتذة الجامعات إلى حد كبير، ويمكن القول إن 30% منهم على الأقل قد غادروا سوريا في أفضل الأحوال، وربما تصل هذه النسبة إلى أكثر من 70% في أسوأ الأحوال، ولذلك قامت الحكومة السورية بسد هذا النقص من خلال الاستعانة بالمعلمين الحاصلين على درجات الماجستير أو الطلاب الجامعيين الذين لم يتخرجوا بعد في بعض الأحيان. ونتيجة لذلك فإنه حتى الطلاب الذين يحصلون على شهاداتهم الجامعية من دون تزوير لا يمكن اعتبارهم مؤهلين معرفياً بصورة كافية للحصول على الوظائف.

ويوضح المقال أن المخصصات المالية الحكومية لمساعدة الجامعات قد انخفضت بنسبة ثلاثة أرباع بين عامي 2010 و2017، ويبلغ متوسط دخل عضو هيئة التدريس حوالي 150 دولاراً شهرياً، أما تكلفة المشروع النهائي في كليات الهندسة والعمارة فتتراوح ما بين 400 إلى 1000 دولار، وهو مبلغ ضخم جداً بالنسبة إلى الطلاب غير الحاصلين على المنح الدراسية، ونتيجة لذلك يتخلى العديد منهم عن مشروعهم النهائي.

معاناة اللاجئين
وإلى ذلك، فإن أوضاع الطلاب اللاجئين ليست أفضل؛ فعلى الرغم من إمكانية التحاق الطلاب اللاجئين بالدراسة في الجامعات الأردنية، يتعين عليهم دراسة المواد التي فاتتهم، وفي لبنان لا يُسمح لهم رسمياً بالدراسة في الجامعات لأن السلطات تمنحهم "إقامة مؤقتة" لا "وضعية اللجوء"، وبالتالي لا يتم السماح لهم بالعمل أيضاً.

وفي الوقت الراهن، تُعد تركيا الدولة الوحيدة التي تقدم برنامجاً خاصاً للطلاب السوريين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين، ولكن يجب على هؤلاء الطلاب تعلم اللغة التركية كشرط أساسي لقبولهم في الجامعات التركية. ولكن يوضح مراسل "هآرتس" أن الأمر ينطوي على إشكالية تتمثل في أن العديد من اللاجئين في تركيا لا يعيشون في المخيمات ولا يتلقون خدمات تعليمية حكومية، وليست لديهم أي فرصة تقريباً للالتحاق بالتعليم الجامعي إلا إذا تمكنوا من الهجرة إلى ألمانيا أو السويد على سبيل المثال حيث تتوافر البرامج التحضيرية والمناهج التي تكفل عملية التوظيف.

شروط قاسية
وفي ما يتعلق بالمنح الدراسية التي توفرها منظمات الإغاثة الدولية للطلاب اللاجئين المسجلين قانوناً في تركيا وكردستان العراق والأردن، فإنها، بحسب مراسل الصحيفة، تتطلب شروطاً قاسية تشكل عقبة أمام حصول الطلاب على فرص لتمويل دراستهم؛ حيث يتعين على هؤلاء الطلاب تقديم شهادة التخرج من المدرسة الثانوية في غضون 24 ساعة وليس أكثر وأن يتوافر لديهم جواز سفر أو تحقيق شخصية أو موافقة من هيئة الأمم المتحدة للاجئين، فضلاً عن إثبات صحة هذه الوثائق.

ويخلص المقال إلى أن جيل سوريا الضائع لا ينتهي مع هؤلاء الطلاب، فبعد مرور سبع سنوات على الحرب التي لا يلوح لها حل في الأفق، سوف تستمر معاناة الملايين من طلاب المدارس الثانوية والإبتدائية ورياض الأطفال الذين ينتظرهم مصير مجهول بعد أن أصبحوا خارج التعليم.