تصدير إرهاب إيراني (ديلي بيست)
تصدير إرهاب إيراني (ديلي بيست)
الأحد 20 مايو 2018 / 13:04

إيران لن تتوقف عن تصدير الإرهاب...لأربعة أسباب

كتب الصحافي شعيب رفاعي، في مقال نشره موقع "دايلي بيست" الأمريكي، أن إيران لن تتوقف عن تصدير الإرهاب والمشاحنات في الشرق الأوسط، خاصةً لأن المتشددين الإيرانيين لم ينسوا قط أو يغفروا الندوب التي تسببت فيها الحرب الإيرانية العراقية التي دامت ثماني سنوات، وباتت "المقاومة" المبررة أخلاقياً من وجهة نظرهم سبباً لوجود ملالي طهران.

من أجل مواجهة تفوق الإصلاحيين يحتاج المتشددون والمرشد الأعلى الإيراني على خامنئي إلى قضايا مقدسة وأجندة سماوية لكي يستمدوا منها شرعية وجودهم وقوتهم

ويشير رفاعي، وهو ناشط أمريكي من أصل سوري، ويُغطي الأحداث في سوريا والشرق الأوسط منذ 2011، إلى تصاعد خطر اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل، حيث تصر الأخيرة على تنظيف حدودها من وكلاء إيران، ولكن إيران أيضاً تبدو أكثر تصميماً على توسيع وترسيخ وجودها في سوريا وفي المنطقة سياسياً وعسكرياً واجتماعياً.

ويرى كثيرون أن التهديدات والاشتباكات العسكرية المحدودة، والعقوبات ضد إيران سيجعلها تتوقف عن تأجيج الصراع مع إسرائيل والسعودية ومنطقة الشرق الأوسط، ولكن هذا لن يحدث، حسب كاتب المقال، لأربعة أسباب وهي:

أولاً: جروح الحرب الإيرانية العراقية 
يوضح كاتب المقال أن غالبية القادة والجنرالات المتشددين في النظام الإيراني، الذين يرسمون أجندة إيران الإقليمية، شاركوا في الحرب بين إيران والعراق، ولا يزالون يسعون إلى الانتقام من الدول "الشريرة" التي ساعدت الرئيس العراقي صدام حسين على قتل أبناء الشعب الإيراني في الحرب الوحشية التي استمرت بين 1980 و1988 وحصدت أرواح أكثر من مليون شخص.

وعلى سبيل المثال فإن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني والعقل المدبر والمنفذ لإستراتيجيات إيران العسكرية في الخارج، يُعد أحد الناجين من الحرب الإيرانية العراقية التي قُتل فيها العديد من أصدقائه.

وعلاوة على ذلك، أرسل العديد من كبار العسكريين الإيرانيين الذين نجوا من تلك الحرب المدمرة إلى الحرب الأهلية السورية، ليقتلوا فيها مثل الجنرال حسين همداني، نائب قائد فيلق القدس.

ثانياً: إنقاذ الحليف القديم بأي كلفة
ويعتبر كاتب المقال أن المتشددين الإيرانيين قرروا المخاطرة بأي شيء من أجل انقاذ نظام الأسد وذلك انطلاقاً من معتقداتهم الدينية، ومن أجل الوفاء بمساعدة الحليف القديم الذي وقف معهم من قبل "ضد العالم"، إذ كان حافظ الأسد، والد بشار، أول رئيس عربي ينشق عن جامعة الدول العربية، ويؤيد إيران في الحرب الإيرانية العراقية.

أما الدولة العربية الوحيدة الأخرى التي أقدمت على مساعدة إيران فكانت ليبيا أثناء حكم معمر القذافي، ولكنها لم تقدم سوى دعم رمزي.

وحسب المقال، لم يدخر حافظ الأسد جهداً لتقويض صدام حسين في الحرب بداية من عرقلة تدفق البضائع بين سوريا والعراق، إلى إغلاق خط أنابيب النفط كركوك بانياس، الأمر الذي حرم صدام من 30% من عائدات النفط الخام من البحر المتوسط، فضلاً عن تدريب نظام حافظ الأسد الإيرانيين وتسليحهم داخل سوريا، والواقع أن نظام الأسد كان يساعد إيران بقدر استطاعته لمواجهة الدعم الأمريكي لصدام حسين في الحرب.

ورغم الاختلافات العديدة بين سوريا وإيران، فإن حافظ الأسد كان صديقاً وحليفاً رئيسياً لإيران ولذلك فإنها لا تزال تدين له بالوفاء، ولن تتوقف أبداً عن دعم بشار الأسد مهما كانت التضحية أو الكلفة، وخاصةً لأن حافظ الأسد اعترف بالجمهورية الإسلامية في 1979، ودعم أجندتها في الحرب الإيرانية العراقية عبر الحرب الأهلية اللبنانية. ولاحقاً، دعم حافظ الأسد وابنه موقف إيران في حروب العراق التي تورط فيها الأمريكيون.

ثالثاً: شرعية نظام الملالي  

ويلفت كاتب المقال إلى أن نظام ملالي طهران نفسه يستمد شرعيته من الحروب المقدسة والقضايا النبيلة، ويعتبر المتشددون وقادة الحرس الثوري الإيراني أنفسهم أصحاب الكلمة الحقيقية والأوصياء على العديد من القضايا، من تحرير القدس إلى حماية الإسلام، ويقودون حركة المقاومة الدولية، ويتصرفون كما لو كانوا يلعبون أدواراً مقدسة لا يمكن المساس بها.

وفي ظل التحول الجذري للسياسة الداخلية الإيرانية واتجاه الإيرانيين لانتخاب الإصلاحيين، فإن خطر صعود الإصلاحيين يشكل تحدياً خطيراً على المتشددين وملالي طهران وسلطاتهم الشاملة في البلاد، لدرجة أن الشعب الإيراني قد تجاوز حاجز الخوف مراراً وتكراراً واحتج على سيطرة الحرس الثوري على ثلث الاقتصاد الإيراني وإهدار المليارات في الحروب الخارجية في سوريا واليمن رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة في الداخل.

ومن ثم فإن نظام الملالي المتشدد يلجأ إلى اللعب بأوراق "ولاية الفقيه" و"المقاومة المقدسة" لضمان استمرار السلطة الدينية في الوقت الراهن، حيث أن بقاء هذا النظام بات مرهوناً بإدارة الصراعات القائمة بصورة فاعلة والاستمرار في تنفيذ مهام مقدسة جديدة في الخارج، وإذا توقفت "المقاومة" فإن الواجبات الإلهية المفترضة ستنتهي ويفقد الملالي السبب الرئيسي لوجودهم.

رابعاً: بقاء الدول العميلة 

يلفت كاتب المقال إلى أن المتشددين الإيرانيين يحتاجون إلى دول عميلة ووكلاء لتحقيق أهدافهم المعلنة، وإذا شعر هؤلاء الوكلاء بالقوة الكافية، فإنهم لن يحتاجوا إلى دعم إيران، ولذلك يبدو مهماً بالنسبة لإيران أن تظل الدول العميلة لها والوكلاء معرضة للخطر.

وحسب الكاتب، تسيطر إيران، بشكل أو بآخر، على أربع عواصم عربية هي بيروت، ودمشق، وصنعاء، وبغداد، وذلك من خلال جهود تراوحت ما بين القتال ومجرد مراقبة فشل الخصوم بسبب الحسابات السياسية الداخلية والإقليمية.

وتعتمد استمرارية إيران في ترسيخ نفسها بعمق في هذه الأماكن على شعور تلك الدول بالضعف. ومن ثم فإن إيران لا تمطر حلفاءها بالأموال أو الازدهار أو تطوير البنية التحتية، وإنما يتمثل الدعم الإيراني في القدرة على إدارة الصراعات في المنطقة ومواجهة التهديدات لعملائها، وتقدم إيران نفسها صديقاً حقيقياً لا غنى عنه، ولذلك إذا لم يشعر العملاء بالتهديد فإنهم لن يلجؤوا إلى الاعتماد على إيران.

ويخلص المقال إلى أن إيران لن تتوقف عن تأجيج الصراعات في الشرق الأوسط وتصعيد الحرب مع إسرائيل، فمن أجل مواجهة تفوق الإصلاحيين يحتاج المتشددون والمرشد الأعلى الإيراني على خامنئي إلى قضايا مقدسة، وأجندة سماوية ليستمدوا منها شرعية وجودهم وقوتهم.