الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر (أرشيف)
الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر (أرشيف)
الإثنين 21 مايو 2018 / 12:06

إيران تقوّض الإصلاحات الواعدة لمقتدى الصدر في العراق

لفت تقرير، بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إلى أن مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي المنشق الذي حل في المركز الأول في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، وانتصر ائتلافه السياسي على المرشحين المفضلين لإيران، يسعى إلى تشكيل حكومة تضع مصلحة العراقيين في المقدمة.

طهران لا تزال تمتلك نفوذاً كبيراً على ائتلاف النصر بزعامة العبادي الذي يتضمن العديد من الشخصيات الموالية لإيران، من بينهم نائب انتخب حديثاً يواجه عقوبات أمريكية بسبب اتهامات بتمويل الحرس الثوري الإيراني

وكانت اللجنة الانتخابية أعلنت يوم السبت الماضي أن رجل الدين المتشدد، الذي تحول إلى شعبوي يعارض منذ فترة طويلة النفوذ الإيراني والأمريكي في العراق، قد تفوق على منافسيه في الانتخابات البرلمانية.

سيادة العراق
وحسب التقرير الذي أعده قاسم عبد الزهرة وفيليب عيسى، فإن الصدر، الذي سبق له أن تولى قيادة الاحتجاجات ضد القوات الأمريكية بعد غزو 2003، لم يخض الانتخابات شخصياً.

ومن غير المرجح أن يصبح رئيساً للوزراء، ولكنه سيحصل على عدد كبير من المقاعد في البرلمان، وبدأ فعلاً محادثات غير رسمية لتشكيل الحكومة.

وحذر صلاح العبيدي، المتحدث باسم ائتلاف "سائرون" بزعامة الصدر، من تدخل أي دولة في السياسة العراقية وتجاوز الشعب العراقي، مشدداً على أن "سيادة العراق" ستكون "المبدأ التوجيهي" للحكومة الجديدة.

تهديد النفوذ الإيراني
ولكن تقرير "واشنطن بوست" يرى أنه حتى إذا كان الصدر في وضع يُتيح له ترشيح من يتولى منصب رئيس الوزراء، فضلاً عن تحديد الأجندة السياسية للأعوام الأربعة المقبلة، فإن النفوذ الإيراني في العراق قد يقوض خياراته، خاصةً لأن السلطة الشيعية البارزة في الشرق الأوسط لديها قنوات اتصال مباشرة مع بعض السياسيين الأقوياء في العراق، وتحاول حشدهم في كتلة موحدة من أجل تحجيم الصدر.

ويهدد صعود الصدر، حسب التقرير، إدعاء إيران بأنها تتحدث باسم الغالبية الشيعية في العراق، الأمر الذي يُعد سابقة يمكن أن تشعل الحركات الشيعية المستقلة في أماكن أخرى. وعلاوة على ذلك، باتت أعلى المناصب الوزارية على المحك بما في ذلك التعيينات السياسية التي تنطوي على النفوذ.

ونقل التقرير عن أحد قادة الميليشيات الشيعية العراقية الذي طلب كتم هويته: "أرسلت طهران الجنرال قاسم سليماني، أعلى قائد عسكري إقليمي، لتشكيل ائتلاف لمعادلة التوازن مع الصدر، حيث أن إيران لن تقبل أبداً تشكيل كتلة شيعية تهدد مصالحها، لأن هذا الأمر يعد بمثابة خط أحمر".

علاقة معقدة

ويصف تقرير واشنطن بوست علاقة الصدر مع إيران بأنها "معقدة"، فرغم حفاظه على علاقات وثيقة مع القيادة السياسية والدينية الإيرانية، فإن الصدر خلال السنوات الأخيرة شجب تدفق الذخائر الإيرانية إلى الميليشيات الشيعية في العراق، وفي الوقت نفسه احتفظ بكتائب السلام في مدينة سامراء بشمال العراق.

واشتبكت ميليشيات جيش المهدي السابقة التابعة للصدر، والتي قادت الاحتجاجات ضد الولايات المتحدة، بعنف مع منظمة "بدر" المدعومة من إيران في العقد الماضي.

وأعلن الصدر رغبته في استيعاب الميليشيات داخل قوات الأمن الوطني، وهي الخطوة التي تجد إيران صعوبة في قبولها، كما تستنكر الأخيرة أيضاً التقارب بين الصدر والسعودية.

نتائج الانتخابات البرلمانية
وفي رأي التقرير، فإن الصدر على الأرجح لن يتمكن من تشكيل ائتلاف حاكم دون الجماعات السياسية المتحالفة مع إيران التي لديها أصوات لتشكيل تحالفها الخاص، لتقويض حق الصدر في تسمية رئيس الوزراء.

وفاز تحالف الصدر "سائرون" بـ 54 مقعداً في البرلمان العراقي المكون من 329 مقعداً، بينما حصل تحالف انتخابي من الميليشيات يُطلق عليه اسم "فتح" بقيادة هادي العامرى قائد منظمة بدر على 47 مقعداً، بفارق 7 مقاعد فقط عن الصدر. ولكن أياً منهم لم يحصل على الغالبية، أي 165 مقعداً.

وتسيطر الميليشيات على وزارة الداخلية القوية في الحكومة المنتهية ولايتها، وتتوقع أن تحصل على نفوذ مماثل في الحكومة الجديدة.

ويبدو أن الصدر يميل إلى التودد لرئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يُنظر إليه باعتباره وسيطاً في ما يتعلق بالمصالح الإيرانية والأمريكية، ويبدو أن العبادي يتأرجح بين الصدر والعامري.

الوعود الإصلاحية
ويقول تقرير "واشنطن بوست" إن "طهران لا تزال تمتلك نفوذاً كبيراً على ائتلاف النصر بزعامة العبادي الذي يتضمن العديد من الشخصيات الموالية لإيران، بينهم نائب انتخب حديثاً تعرض لعقوبات أمريكية بسبب اتهامات بتمويل الحرس الثوري الإيراني.

وسيُحاول حلفاء إيران السياسيون في العراق، على الأرجح، الضغط على تلك الشخصيات للتخلي عن العبادي والتسبب بانهيار تحالف الصدر إذا لم يتوافق تشكيله مع طهران، الأمر الذي يمنح إيران، والعبادي نفوذاً على الصدر لتهدئة مواقفه من  إيران والميليشيات.
  
ويخلص التقرير إلى أن فوز مقتدى الصدر بالمركز الأول في الانتخابات البرلمانية يشكل تحدياً بالنسبة إلى تنفيذ وعوده الإصلاحية، فعلى سبيل المثال يتعين على رئيس الوزراء العراقي المقبل إدخال قانون الخدمة المدنية الذي دافع عنه الصدر باعتباره علاجاً للفساد المستشري في العراق، ولكن إقرار هذا القانون من قبل مجلس الوزراء أو البرلمان ربما يكون أمراً بعيد المنال في ظل غياب الأغلبية الفاعلة، وعلى الأرجح ستكون الحكومة الجديدة ائتلافية، وهذا يعني أنها لن تكون أكثر استقراراً من سابقتها.