حراك الضفة الغربية أمس الأحد (أرشيف)
حراك الضفة الغربية أمس الأحد (أرشيف)
الإثنين 11 يونيو 2018 / 21:03

الضفة تفك الارتباط مع أوسلو لتقاوم صفقة القرن

يرى اليائسون أن حراك الضفة تضامناً مع غزة ضد حصارها ومعاقبة أهلها كان صغيراً ومحدوداً، وجاء متأخراً.

لم تكن هبة الضفة في المنارة مهمة فقط لدحر مؤامرة الفصل وإخراس دعاة الانقسام، بل كانت ضرورية أيضاً للتمهيد لموقف وطني جامع إزاء ما هو قادم

ويرى المستفيدون من الانقسام والداعون إلى الفصل بين الضفة والقطاع أن ما جرى ليلة الأحد في ساحة المنارة كان زوبعة حركتها العاطفة في فنجان التنسيق الأمني.

ويحاول الفصائليون الإيحاء بأن مظاهرة رام الله خرجت بقرار تنظيمي وأن الشارع الفلسطيني في الضفة تحديداً لا يتحرك بلا قرار.

 وتروج إسرائيل مزاعم كاذبة بأن المشاركين في هبة المنارة كانوا من أعضاء وأنصار حركة حماس فقط، وذلك في سياق محاولة الحركة تصفية الحساب مع السلطة ورئيسها محمود عباس.

من تابع وقائع اليومين الأخيرين يدرك أن كل ما سبق مجرد أوهام وأكاذيب لا أساس لها على الأرض في رام الله أو غيرها من مدن الضفة، فالذين خرجوا إلى المنارة في ليل التنسيق الأمني كانوا آلافاً من الفلسطينيين، ولم يكونوا "عشرات" مثلما نقلت بعض وسائل الإعلام المعروفة بمحاولة تسخيف المقاومة والفعل النضالي الفلسطيني.

وقد زحف هؤلاء إلى ميدان المنارة من رام الله والقدس ونابلس والخليل رغم القمع السلطوي والتهديد بالاعتقال والفصل من العمل، والجهد الأمني الكبير الذي شارك فيه جهازا المخابرات العامة والأمن الوطني للحيلولة دون تجمع المتظاهرين في وسط رام الله، وعلى مرمى العصا من مقر الرئاسة في المقاطعة.

كما تزامن هذا الجهد الأمني مع سلسلة من التصريحات الخادعة التي أطلقها بعض أعضاء اللجنة المركزية المتصارعين على خلافة عباس. ولم يكن المشاركون في الحراك كائنات منبتة، بل هم أبناء عائلات ضفاوية ولديهم أسر وجيران وأصدقاء يعبرون عنهم جميعاً.

وما جرى في المنارة لم يكن مجرد زوبعة صغيرة في فنجان "المقاطعة" بل هبة شاركت فيها طليعة مجتمعية تعبر عن موقف الأغلبية الكبيرة الرافضة للتنسيق الأمني النجس مع الاحتلال، وترفض الخطاب السلطوي القائم على التحريض ضد غزة وأهلها، والتعبئة الجهوية لمشروع الفصل بين الضفة والقطاع من أجل التمهيد لتمرير مؤامرة صفقة القرن.

أما الفصائل، وجلها مشاركة في منظمة التحرير الفلسطينية ولجنتها التنفيذية التي يفترض أن تنفذ قرارات المجلس الوطني الأخير برفع الحصار ووقف العقوبات ضد غزة، فأثبتت أنها لا ترى أبعد من أنوفها حين حاولت تجيير الحراك الشعبي التلقائي والطبيعي لصالحها والزعم بأنها قادت هذا الحراك، فالذين شاركوا في مظاهرة المنارة كانوا يهتفون لغزة الفلسطينية ولفلسطينية غزة، ولم يرفعوا شعارات فصائلية.

ولعل إسرائيل اكتشفت سذاجة زعمها بمسؤولية حركة حماس عن الحراك الضفاوي، فتراجعت، وتوقفت عن أكاذيبها وتصريحات مسؤوليها التي ينقلها الإعلام، وانكبت على دراسة دوافع هبة المنارة، وما يمكن أن يلحقها من حراك يؤشر على نهج فلسطيني جمعي ليس برفض التنسيق الأمني فقط، ولكن برفض اتفاق أوسلو برمته، واستعادة روح المقاومة لمواجهة صفقة القرن التي لا يمكن أن تمر بلا قبول فلسطيني. وكان مهماً أن تبادر رام الله تحديداً إلى التأكيد على رفض هذه المؤامرة.

ويبدو أن الأمريكيين قرأوا المشهد بواقعية، فقالوا إنهم سيعلنون بنود وتفاصيل صفقتهم التسووية حين تكون قابلة للتحقيق، وهم بذلك يعترفون بأنها غير قابلة للتحقيق نتيجة الرفض الفلسطيني المطلق لهذه الصفقة المشبوهة.

بالإجمال، لم تكن هبة الضفة في المنارة مهمة فقط لدحر مؤامرة الفصل وإخراس دعاة الانقسام، بل كانت ضرورية أيضاً للتمهيد لموقف وطني جامع إزاء ما هو قادم، وكانت رسالة للاحتلال ورعاته الأمريكيين والقوى الإقليمية بأن لا شيء تغير، وليست أوسلو إلا وقتاً مستقطعاً من التاريخ الفلسطيني، وقد حانت نهايته.