شعار حملة ترشح المغرب لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2026.(أرشيف)
شعار حملة ترشح المغرب لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2026.(أرشيف)
الجمعة 15 يونيو 2018 / 19:15

قفزة إلى 2026

أين تهم الدناءة والغدر، ونظريات المؤامرة المضحكة، عن الدول الإفريقية التي امتنعت مثلنا عن التصويت للملف المغربي، كجنوب إفريقيا وناميبيا، والتي تعتبر المغرب مُحتلاً للصحراء الغربية

جاءت خانقة –وإن لم تكن مستغربة- موجة التخوين التي ضربت مشرقنا العربي بسبب تصويت عدد من دوله، كالإمارات والسعودية والكويت والبحرين، لصالح الملف الأمريكي الشمالي المشترك لاستضافة بطولة كأس العالم 2026، وامتناعها عن التصويت للملف المغربي.

فجأة، أصبحنا جميعاً أعداء للعروبة، ومن يتغنون في كل مناسبة بالنسب العلوي للملك محمد السادس عادوا ليسخروا من المنتخب السعودي بتلقيبه بمنتخب قريش-!-، متمنين له التعثر في مشاركته المونديالية.

بالطبع، بإمكاني هنا أن أشوّه مقالتي الأسبوعية بالاستفاضة في شرح كل الأسباب المنطقية التي أدت إلى هزيمة الملف المغربي بنتيجة ساحقة بلغت 65 إلى 134 صوتاً.

وبإمكاني كذلك أن أتساءل أين تهم الدناءة والغدر، ونظريات المؤامرة المضحكة، عن الدول الإفريقية التي امتنعت مثلنا عن التصويت للملف المغربي، كجنوب إفريقيا وناميبيا، والتي تعتبر المغرب مُحتلاً للصحراء الغربية.

ولكن تلك مقالة تتناسب مع العام 2018. يا للضجر.
بل لنقفز إلى 2026، ولنتخيل أن المغرب قد فازت بتنظيم كأس العالم بالفعل. نعم، وفقاً لهذا السيناريو، فقد صوت لها الأشقاء "الخونة"، واستطاعوا بقدرة قادر أن ينتصروا لملفها، الذي لم يحقق بحسب معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" سوى 275 من 500 نقطة. أي حقق مقبولاً، وعبر بدعاء الوالدين وتعاطف الأساتذة.

ها هم الآلاف من المغاربة يمشون في شوارع الرباط، والدار البيضاء ومراكش. إنه ليس احتفالاً بالفوز أو التأهل؛ إنها تظاهرة احتجاجية، كتلك التي كانت تسود شوارع البرازيل إبان احتضانها لمونديال 2014. إنهم لا يرفعون أصواتهم هتافاً لمنتخب أسود الأطلس، بل هم يهتفون ضد الخسائر الفادحة. إنهم في إضراب عن كل شيء .. حتى المونديال الذي كدحوا من أجله.

فالمغرب الذي كان يعاني من الضعف الواضح لبنيته التحتية، كان يفتقر إلى الملاعب الجاهزة، ويتخلّف بشدة عن الملف الأمريكي الشمالي على صعيد المواصلات، وتنقصه حوالي 30 ألف غرفة فندقية لاحتضان زوار المونديال، مضى قدماً في قراره بإنفاق 16 مليار دولار ليصبح جاهزاً لاستضافة كأس العالم.

وعلى الرغم من أن التقارير كانت قد أكدت له مبكراً أن تنظيمه للبطولة سيعود عليه بأرباح أقل من منافسه، فلن يحقق أكثر من 5 مليارات دولار مقابل 11 مليار دولار سيحققها الملف الأمريكي الشمالي، فقد أصر المغرب على موقفه، وضحى شقيقنا الحكيم بـ16% من إجمالي ناتجه المحلي من أجل المونديال، بما في ذلك ما تكبّده لبناء المستشفيات الجديدة.

واليوم، في 2026، وبعد أن أصبحت الديون تعتصر البلد، والموارد تتناقص أكثر عن أي وقتٍ مضى عن قطاعات الصحة والتعليم، فقد صارت الفنادق الفاخرة، والملاعب الخاوية على عروشها، شواهد تذكّر الجماهير الغاضبة بأن لهم أخوة في المشرق؛ أخوة بات عليهم الآن تصحيح خطيئتهم حينما صوتوا للمغرب، والعودة أدراجهم لانتشاله من مأزقه.
وإن لم نفعل، فسنكون خونة بطبيعة الحال!