الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (أرشيف)
الإثنين 18 يونيو 2018 / 11:51

قمة ترامب وكيم...خريطة طريق لتحول في ميزان القوى الإقليمي؟

وصف الكاتب الكساندر ماركوفسكي قمة سنغافورة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، بأنها ترسم الطريق لتحول تاريخي محتمل في ميزان القوى الإقليمي، كما تشكل نهجاً جديداً للانتشار النووي.

بيان قمة ترامب وكيم هو نتاج لتفكير جديد أو بالأحرى لإستراتيجية ترامب لمنع الانتشار النووي

ويلفت الكاتب في مقال نشره موقع "ذا هيل" الأمريكي إلى أن الإدارات الأمريكية السابقة كانت تكتفي بإستراتيجية الردع المذهلة، ولكن على العكس من ذلك، يتعين على ترامب التعامل مع اللاعبين النوويين الذين لم يردعهم حتى التهديد بتدميرهم، لأن مبدأ الردع لم يعد فعالاً ودائماً.

إستراتيجية ترامب الجديدة

ويعتبر الكاتب أن بيان قمة ترامب وكيم هو نتاج تفكير جديد أو بالأحرى استراتيجية ترامب لمنع الانتشار النووي. ورغم أنه يفتقر إلى الأشياء الملموسة فإن الأفعال تتحدث بشكل أقوى من الكلمات أو الصور الدعائية، ولم تأتِ موافقة كيم على التخلص من الأسلحة النووية طواعيةً أو بسبب ضغوط شعبه لاستكشاف ثمار الحداثة. والواقع أن الحقائق الإستراتيجية والاقتصادية هي التي أجبرت كيم على التوصل إلى اتفاق.

ويرى الكاتب أن ثمة تشابهاً لافتاً للنظر بين الحالة الراهنة لاقتصاد كوريا الشمالية والاتحاد السوفيتي السابق قبل انهياره، ففي الحالتين بات الاقتصاد الإشتراكي للدولتين، بعد 70 عاما من الإنجازات الهائلة، متصلباً وعلى حافة الانهيار، فضلاً عن انزلاقهما إلى حافة التفكك السياسي.

وفي منتصف الثمانيات، عمد الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان إلى التشجيع على إغراق السوق العالمية بالنفط الرخيص، ما أدى إلى حرمان الاتحاد السوفيتي من عائدات بيع النفط وفي الوقت نفسه انخرط الاتحاد السوفيتي في سباق التسلح، وكانت النتيجة الحتمية: انهيار الاقتصاد السوفيتي.

وعلى خطى ريغان، وربما بوضوح أكبر، فرض ترامب عقوبات على كوريا الشمالية حرمتها من عائدات بيع الفحم والسلع الأخرى، كما انشغلت كوريا الشمالية، مثل الاتحاد السوفيتي، بسباق التسلح، وكلها أمور أدت إلى خنق الاقتصاد الكوري الشمالي بشكل كبير.

الولايات المتحدة لم تعد عدواً

ويشيد الكاتب باستراتيجية ترامب التي جمعت بين خفض إيرادات كوريا الشمالية وزيادة مصاريفها، لدرجة أن الأخيرة وصلت إلى المرحلة التي عجز فيها كيم عن توفير العملة الصعبة لسداد فاتورة فندق في سنغافورة.

وبناء على ذلك فإن ترامب لا يكرر نهج أسلافه، فبموجب صفقة بيل كلينتون في 1994 وافقت كوريا الشمالية على تجميد العناصر الرئيسية لبرنامجها النووي، وانتهت محادثات إدارة بوش السداسية إلى اتفاق لوقف التجارب النووية في 2007 في مقابل حصول كوريا الشمالية على 950 ألف طن من الوقود أو ما يعادل ذلك من المساعدات الاقتصادية.

ونصت اتفاقية أوباما النووية مع كوريا الشمالية في 2012 على تعليق الأسلحة النووية وأنشطة الصواريخ، مقابل قيام الولايات المتحدة بتوفير المساعدات الغذائية إلى كوريا الشمالية.

ولفت الكاتب إلى أن المحصلة النهائية للنهج الذي اتبعته الإدارات الأمريكية السابقة أدى إلى حصول كوريا الشمالية في واقع الأمر على مساعدات اقتصادية استخدمتها في بناء قدراتها النووية.

ولكن الوضع الآن مختلف مع إدارة ترامب، حيث احتشدت الظروف القاسية أمام كيم، إضافةً إلى الانهيار الوشيك لاقتصاده وإصرار ترامب وحزمه، فضلاً عن التوقيت المناسب، إذ يسابق كيم الزمن لأنه سيواجه ضغوطاً سياسية داخلية نتيجة توقيع اتفاق نزع السلاح النووي مع الولايات المتحدة "العدو اللدود"، بيد أن مقابلة كيم لترامب وتوقيعه الاتفاق يُعد بمثابة إعلان للشعب الكوري الشمالي أن الولايات المتحدة لم تعد عدواً.

شرعية كيم على المحك
ويشير الكاتب إلى أن كيم على الأرجح سيواجه إشكالية بعد انتهاء العداوة مع الولايات المتحدة؛ حيث أن الحكام الشيوعيين الاستبداديين يحظون بتأييد مواطنيهم ودعمهم على أساس أنهم مهددون من قوات معادية، ومن هذا المنطلق يبرر الديكتاتوريون حرمان شعوبهم ومعاناتهم، وإذا لم يكن هناك عدو، فكيف يفسر كيم لشعبه استمرار البؤس بينما يزدهر الكوريون الآخرون في المنطقة المنزوعة للسلاح؟.

وإذا لم تتحسن الأوضاع الاقتصادية في كوريا الشمالية بشكل كبير في وقت قصير، فإن شرعية كيم ستكون على المحك بسبب تصاعد الاستياء المحلي من السكان المستعبدين، ويحتاج كيم إلى تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة، وحتى يتحقق ذلك يجب أولاً نزع السلاح النووي.
  
ويختم الكاتب بأن هذا الاتفاق ربما يمنح النظام الشيوعي فرصة جديدة للحياة ويقدم لكيم طوق النجاة، ولكن دون المساعدات الاقتصادية، حسب مسار الأحداث، فإن نظام كيم ربما ينهار في غضون أشهر، ولذلك لا تتمحور القضية الرئيسية حول ما إذا كانت كوريا الشمالية سوف تتخلص من السلاح النووي، ولكن التساؤل الأكثر أهمية يتمثل في مدى قدرة كيم على انجاز هذه المهمة بالسرعة الكافية.