شعار منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في الإمارات (أرشيف)
شعار منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في الإمارات (أرشيف)
الإثنين 18 يونيو 2018 / 14:26

كيف يمكن للغرب تعلم مكافحة التطرف من السعودية والإمارات؟

شدّد المتخصّص في سياسات العالم العربي والخبير في الشؤون الدينية والعالمية بيتر ويلبي على أنه يمكن للغرب تعلم مكافحة التطرف من دول الخليج العربي مقدماً السعودية والإمارات مثلين على ذلك.

إذا أراد العالم أن يهزم الأيديولوجيات الإسلاموية المسيسة والمتطرفة عليه التصرف بصلابة وعدم الخوف من مواجهة مقارباتها الدينية ومن ذكر ما هو مقبول وما هو غير مقبول

وكتب في صحيفة "ذي اراب نيوز" السعودية أن برامج مكافحة التطرف، كائنات هشة. فلو تم الاستعجال في بنائها، يمكن أن تنتج مشاكل أكثر من الحلول. ولو صُنعت بحذر شديد فلن تنجز المهمة التي أوكلت إليها. للأسف، فإن الحكومات التي تريد أن تظهر نشاطها وحركيتها أمام جمهور معني، غالباً ما تفعل الأمرين معاً.

يرتبط التطرف بالأيديولوجيا وبالتعامل مع أسباب الإرهاب لا غايته العنفية. إن خطر التطرف هو أنه يمكن أن يؤدي إلى أعمال تؤذي المجتمع وهي في معظم الأحوال إجرامية محضة ويكون السلوك الإجرامي مثيراً للشفقة.

إن أتباع حزب التحرير في المملكة المتحدة مثلاً يتخطون إشارات المرور لأنها حسب وجهة نظرهم تمثل قوانين وضعية.

دراسة مسربة

إن تحديد التطرف بشكل يستهدف التهديد من دون التعرض لحرية الفكر هو تحد عانى منه العالم طوال عقود، ولم يتمكن من تخطيه حتى الآن. برزت هذه الصعوبات من خلال دراسة أعدت للحكومة البريطانية بين 2016 و2017 وسُربت الأسبوع الماضي.

وجدت الدراسة أنّ 95% من برامج مكافحة التطرف المدعومة حكومياً غير فعالة وأن بعضها زاد في الواقع من ضعف أفراد معينين تجاه الخطابات المتطرفة. كانت هذه البرامج جزءاً من استراتيجية التدارك التي تشكل بدورها جزءاً من أربعة عناوين في جهود مكافحة التطرف: تتبع، تدارك، حماية، استعداد.

والتدارك هو الجزء الوحيد من الاستراتيجية التي تركز صراحة على التطرف عوض الإرهاب.

والتطرف حسب تعريفها هو "المعارضة الصوتية أو الفعلية لقيمنا الجوهرية".

ضعف التعريف
يشكك الكاتب في أن لهذا التحديد ما يرتبط بالمشكلة. تحتاج الحكومات إلى التعريفات خصوصاً حين تتعامل مع موضوع محفوف بالصعوبة، لكن التعريف المذكور يحدد التطرف بأنه "ما ليس من قيمنا الجوهرية" بدلاً من تحديد ما هو عليه، دون ذكر صعوبة ما تجسده كلمة "نحن".

لا تتشارك كل دول العالم في "القيم الجوهرية" المذكورة في التعريف. حين كان الكاتب جزءاً من مؤسسة رأي تتفحص التطرف الديني، قام ومؤسسته بإنشاء بديل لتفادي هذه الصعوبات: المتطرف هو شخص يريد فرض معتقد، أيديولوجيا، أو نظام قيم على الآخرين مع إقصاء جميع وجهات النظر الأخرى عبر التلقين، القوة أو عبر السعي إلى السيطرة على الحكومة.

عادة غربية
الفارق الأساسي هو القوة المتماسكة للأيديولوجيا: التطرف يجمع الأشخاص ذوي الفكر المتشابه للوصول إلى الهدف أو الغاية نفسيهما، سواءً كانت دينية أم علمانية. إن إبعادهم عن التطرف يتطلب إبعادهم عن تلك الأيديولوجيا. بديهياً، يتطلب النازيون والإسلاميون مقاربات مختلفة من أساليب إلغاء التطرف لدى هؤلاء الأشخاص. وتحتاج هذه المقاربات أن تستهدف مباشرة هذه الأيديولوجيات.

وحسب الكاتب، نسي المراقبون في العالم الغربي العلماني مدى القوة الذي يمكن أن تصل إليه التفسيرات العنفية للمعتقد الديني. أي شيء يمكنه جعل الناس يموتون من دون خوف ويقتلون دون ندم، يستحق التحليل بالتأكيد. لدى الغرب عادة التركيز على المآسي كالتعليم والفقر والتهميش. يمكن لهذه العوامل أن تؤدي دوراً في توجيه أحدهم إلى التطرف، لكن يوجد أمر آخر يمكن أن يوقف الأشخاص حين يصلون إلى هذا المكان.

اعتراف

تدرك السعودية ودول أخرى في الخليج هذا الأمر. يروي الكاتب حين زار منذ بضعة أشهر مركزاً للنصح والرعاية أعطاه بعض الموظفين ملخصاً عن دراسات أجروها. ضم الأخير من بين المستشارين، إضافةً إلى الأطباء والمعالجين النفسيين وغيرهم، عدداً كبيراً من علماء الدين.

عقب زيارة في السنة الماضية، وصف المقرر الخاص للأمم المتحدة بن إميرسون العناية التي تقدمها السعودية للسجناء المتطرفين بأنها "من بين الأعلى في العالم" مشيراً إلى أن منهجية إلغاء التطرف "تستحق انتباه دول أخرى".

وأسست المملكة أيضاً خلال السنة الماضية مركز اعتدال لمكافحة أيديولوجيا التطرف. وللإمارات منظمات شبيهة أيضاً، أبرزها منتدى تعزيز السلم.

دروس الخليج 
في هذا الوقت، هنالك قلق متزايد في المملكة المتحدة من الإفراج الوشيك عن سجناء أدينوا باعتداءات إرهابية لأنهم لم يخضعوا لبرنامج إلغاء التطرف من نفوسهم بشكل كاف. لقد أدرك المسؤولون في بريطانيا منذ الحرب الباردة أن الأيديولوجيات المطلقة مثل الشيوعية والنازية والإسلاموية تستغل النظام من أجل الإطاحة به.

لم تهاجم الحكومة البريطانية النشاطات التخريبية فقط لأنها علمت أن ذلك لم يكن كافياً. لقد كانت هنالك حاجة لهزيمة ما يؤمن المتطرفون به. لقد رأى أبرز القادة في القرن العشرين أنّ هنالك حرب أفكار قادمة.

إذا أراد العالم أن يهزم الأيديولوجيات الإسلاموية المسيسة والمتطرفة عليه التصرف بصلابة وعدم الخوف من مواجهة مقارباتها الدينية ومن ذكر ما هو مقبول وما هو غير مقبول في المجتمع.

الإسلاموية هي أيديولوجيا متطرفة تخرج من الإسلام، هنالك العديد من علماء الدين والقادة المسلمين المستقيمين المنخرطين في محاربة هذه الأيديولوجيا المتطرفة. على الغرب أن يستقي دروسه من الخليج. لا سبب لتخاف الحكومات من دعم الإسلام المستقيم ضد المتطرفين. في الواقع، إنه السبيل الوحيد ليهزم الغرب الإسلاموية عوض النظر إليه ملاذاً لها.