عنصر تابع لجهاز الحسبة الداعشي (أرشيف)
عنصر تابع لجهاز الحسبة الداعشي (أرشيف)
الأربعاء 20 يونيو 2018 / 13:05

تقرير: لماذا يدعم معتدلون جهاديين سلفيين؟

كان بروز تنظيمات إسلامية متشددة من أكبر المفاجآت التي شهدها العالم بعد نهاية الحرب الباردة، وخاصة الذين تبنوا السلفية الجهادية الداعية لخلافة إسلامية عالمية.

الإجابة لا علاقة لها بالدين أو بالإيديولوجيةا، بل تتعلق بسياسات أمنية

وعن تبعات ظهور تلك الحركات المتشددة، كتبت باربارا والتر، أستاذة العلوم السياسية لدى معهد السياسة والاستراتيجية الدولية التابع لجامعة كاليفورنيا في مجلة "فورين أفيرز"، أن تلك التنظيمات تبرر استخدام العنف والإرهاب لتحقيق أهدافها. وقبل عام 1990، لم يشهد العالم سوى بضع حركات جهادية سلفية نشطة، لكن بحلول 2013، أصبح هناك 49 تنظيماً جهادياً متشدداً.

وحسب كاتبة المقال، يُثير انتشار تلك الحركات دهشة كبيرة لأن أهدافها أكثر راديكالية وتطرفاً عن معظم ما يؤمن به أتباع الطائفة السنية.

وبناءً على دراسة لمركز "بيو" للأبحاث، نشرت في 2013، وشملت 38 ألف شخص من 39 بلداً، تفضل غالبية السنّة الديمقراطية على الاستبداد، وترفض أغلبيتهم استخدام العنف باسم الإسلام.

لماذا تضاعف عددها؟
وتتساءل الكاتبة: إذا كان عدد كبير من المسلمين يرفضون أهداف وأساليب المجموعات المتطرفة، فلماذا تضاعف عددها؟

وترى والتر أن الإجابة لا علاقة لها بالدين أو بالإيديولوجيا، بل تتعلق بسياسات أمنية، لافتةً إلى أنه في ظل بيئات تتسم بتحولات سياسية سريعة، وتطبيق محدود للقانون، وتفشي الفساد، يصبح لدى معتدلين مبرراتهم لتفضيل مجموعات متطرفة فكرياً.

ويصح هذا الرأي على أي مجتمع، سواء أكان مسلماً أم غير مسلم. ويصح حتى لو كان معظم السكان لا يؤمنون بالأهداف والمعتقدات الكامنة لمثل تلك المنظمات. وهكذا لم ينهض الإسلام الراديكالي نتيجة زيادة الدعم لأفكار متطرفة بقدر ما كان بسبب سلوك سنّة عاديين بشكل استراتيجي خلال اضطرابات وأوقات عصيبة.

انتفاع المتطرفين
وحسب والتر، عندما اندلعت حروب أهلية، كما في تشاد، والعراق، وليبيا، والنيجر، ومالي، وباكستان، والصومال، وسوريا، واليمن، كان أمام السكان المعتدلين خياران: إما مناصرة طرفٍ أو البقاء على الحياد. وكان أفضل خيار هو الاصطفاف مع فصيل مسلح لكسب الحرب والتأسيس لإصلاح سياسي حقيقي.

ومن شأن دعم المنتصر حماية الفرد الداعم من أعمال انتقامية لاحقة، ومن شأن دعم تنظيم يعد بإصلاحات أن يفتح المجال لتحقيق تغيير سياسي إيجابي. ولكن سكان تلك المناطق لم يكن لديهم معرفة  بمن سينتصر في تلك الحروب، ولا كيف سيتصرف المنتصر بعد تسلمه السلطة.
  
حالة استراتيجية

وفي رأي كاتبة المقال، وفر ذلك الوضع الاستراتيجي ميزة لتنظيمات متطرفة، لأن أفكاراً متشددة تسهل على تنظيم ما تجنيد متعصبين لديهم استعداداً للقتال لمدة أطول وأعنف لتحقيق النصر على معتدلين. وساعد أمثال هؤلاء المقاتلين المتعصبين تنظيمات متطرفة على كسب معارك أولية، وتوفير سمعة تقوم على الانضباط والكفاءة.

وترى والتر أن مواطنين عاديين يفضلون أيضاً دعم فصيل يرجح، في اعتقادهم، أن يبقى غير فاسد بعد وصوله إلى الحكم. لكن يبقى التأكد ممن سيحكم بالعدل صعبة جداً. وغالباً ما يكون لدى جماعات متمردة دافع للادعاء بأنهم مختلفون عن نخب حاكمة، ويرغبون في تغيير سياسي، وحتى لو كانوا حقاً مدفوعين بطموح أو بأطماع.

وفي دول تقل فيها محاسبة السلطة التنفيذية للمؤسسات الرسمية، غالباً ما تتنصل حركات متمردة من وعودها لأتباعها بعد تسلم السلطة.

نقطة ضعف السلفية
وفي اعتقاد كاتبة المقال، من شأن التشجيع على التسويات السياسية للحروب أهلية، أن يكون وسيلة ناجعة للحد من دعم معتدلين لتنظيمات متشددة مثل القاعدة وداعش، خاصةً لأن مثل تلك التسويات تعتبر نقطة ضعف السلفية الجهادية، أو أي تنظيمات متطرفة أخرى. وقد تحققت تسويات أنهت تنظيمات راديكالية كما في إيرلندا الشمالية عام 1998.

ولذلك كله، حذر داعش السنة العراقيين من التوجه إلى صناديق الانتخابات في مايو( أيار) 2018، وقال: "ستكون مراكز الاقتراع ومن يتواجدون فيها مرامي لسيوفنا".

وتختم والتر رأيها بالإشارة إلى أن داعش لم يخش فقدان مؤيديه الحقيقيين، بل خشي خسارة السنة المعتدلين.