شبان بلوحون بأعلام تركية في أعزاز.(أرشيف)
شبان بلوحون بأعلام تركية في أعزاز.(أرشيف)
الخميس 21 يونيو 2018 / 23:47

تركيا تتجاوز حدودها في شمال سوريا

خلال جولتها في مدينة الباب في أقصى الشمال السوري والقريبة جداً من الحدود مع تركيا، لاحظت سارة الديب، مراسلة وكالة "أسوشييتد برس"، تعبيد عدد من الطرق لوصل مدينة البيلي التركية بالباب السورية وشاهدت أعلاماً رايات تركية ترفرف جنباً إلى جنب مع أعلام سورية على طول شوارع المدينة، وتعلو واجهات مباني حكومية لوحات مكتوبة باللغتين العربية والتركية. وعلقت لوحة خاصة بتكريم جنود أتراك سقطوا في معركة تحرير المدينة من مقاتلي داعش.

وضع قوات عسكرية على الأرض مع السيطرة على قطاعات كبيرة من السوريين، يعني بالتحديد بأنه لن يكون هناك حل سياسي في سوريا دون تعاون تركي

ولفتت الديب إلى استيلاء الجيش التركي على الباب، ومن ثم تدشين ورشة عمل من أجل إعادة إعمار المدينة، وإنشاء أول منطقة صناعية فيها، وإجراء عملية إحصاء للسكان، وتسجيل لملكيات أراضٍ ومنازل.

وتشير المراسلة إلى سعي تركيا لتجذير وجودها في تلك المنطقة في الشمال السوري، بعد قرابة عامين من دخول قواتها إليها، ومحاولة إعادة تشكيل المنطقة على نسق بلداتها، إلى جانب تعيين مسؤولين أتراك، وإنشاء مؤسسات مالية وأمنية تركية.

كلمة الفصل
وتشير المراسلة لسيطرة تركيا حالياً على أكثر من 4,000 كيلومتر مربع من الأراضي السورية، فضلاً عن خضوع قرابة ربع سكان سوريا للهيمنة التركية بصورة مباشرة أو غير مباشرة – من ضمنهم 3,6 ملايين لاجئ يقيمون في تركيا، وحوالي 600,000 شخص يعيشون في منطقة الباب، معظمهم نزحوا إليها من مناطق أخرى في سوريا. كما يعيش قرابة 2 مليون سوري في محافظة إدلب، آخر منطقة ما زالت تحت سيطرة المعارضة السورية، وحيث لتركيا كلمة الفصل في تسيير شؤون سكانها.

أطماع
وتقول المراسلة إن الاستثمارات التركية في الشمال السوري أثارت هواجس سوريين وعرب حيال أطماع تركية، ورغبة بإحياء مزاعم إمبريالية قديمة في سوريا.

ولكن، حسب الديب، لتركيا أهداف استراتيجية من وراء تعميق سيطرتها على الشمال السوري. ويتركز هدف أنقرة، بشكل أساسي، على لجم عدوها الأول، قوات YPG الكردية المدعومة أمريكياً.

ويضاف إليه، تدعي تركيا بأنها حامية للمعارضة السورية، وتقدم نفسها حالياً بصفة المفاوض الرئيسي إلى جانب روسيا بشأن صياغة مستقبل سوريا. ولربما تبدي موسكو انفتاحاً حيال السياسة التركية. فقد أعطت موسكو ضوءًا أخضر لأنقره كي تدخل إلى الأراضي السورية. وتأمل أنقره بأن يمكنها ثقلها العسكري في الشمال السوري من إبعاد واشنطن عن تحالفها مع الأكراد، ومن ثم الاعتماد عليها كجدار حصين ضد تمدد النفوذ الإيراني في سوريا.

أهم تطور
وحسب نيكولاس هيراس، باحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد في واشنطن: "يعد التدخل التركي أكبر تطور شهده الصراع السوري بعدما وضعت روسيا ثقلها العسكري دعماً للرئيس بشار الأسد في عام 2015".
  
ويرى هايكو ويمين، مدير مشروع العراق وسوريا ولبنان لدى مجموعة كرايزيس إنترناشونال إن "وضع قوات عسكرية على الأرض مع السيطرة على قطاعات كبيرة من السوريين، يعني بالتحديد بأنه لن يكون هناك حل سياسي في سوريا دون تعاون تركي".

منطقة "درع الفرات"
وتلفت كاتبة المقال لقيام أنقره بإنشاء حكومة في مدينة الباب على النسق التركي – الأوروبي في ما تسميه "منطقة درع الفرات". ويشرف سينول إيسمر، مسؤول تركي على هيئة إدارية مكونة من 21 عضواً في الباب، ويعمل فيها قرابة 150 موظفاً يتلقى معظمهم رواتبهم من الحكومة التركية. ويتوقع المسؤول التركي أن تجني إدارته، في عام 2018، عائدات تقدر بحوالي 1,7 مليون دولار من خلال أجور مساكن ورسوم وضرائب.

مساعدة لا هيمنة
وقال إيسمر: "نوفر الدقيق، ويقوم السوريون بصنع الخبز والكعك، ومن خلال أرباح بسيطة، ينظمون عملية توزيع منتجاتهم".

وتلفت الكاتبة لسحب تركيا قواتها خارج بلدات سوريا، ومن ثم نشرها فوق تلال قريبة. وفي مدينة الباب، دربت تركيا حوالي 2000 رجل أمن سوري، منهم 100 امرأة، للعمل عند نقاط تفتيش داخل المدينة.

من جانبه يقول محمد الشيخ، عامل إغاثة في الباب: "يجب على الأتراك مساعدة السوريين وليس السيطرة عليهم، والتحكم بمصائرهم وأرزاقهم، كما يجري حالياً".