وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني.(أرشيف)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني.(أرشيف)
الجمعة 22 يونيو 2018 / 14:24

على أوروبا التفكير مرتين قبل الانحياز لإيران

من خلال محاولات الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق النووي، رأى الدكتور مجيد رافي زاده أنّ الهدف الأساسي للأوروبيين هو إجراء المزيد من التطبيع في العلاقات التجارية والاقتصادية مع النظام الإيراني. وفي صحيفة "ذي اراب نيوز" السعودية شدّد على أنّ هذه الخطوة توجه رسالة قوية للمجتمع الدولي مفادها أنّ الاتحاد الأوروبي يصطف إلى جانب طهران عوضاً عن الولايات المتحدة.

حتى من منظور مالي، تشكل الشراكة الأوروبية مع أمريكا جوهر اقتصاد الاتحاد الأوروبي

يضيف رافي زاده أنّ على الأوروبيين التفكير مرتين قبل الانفصال عن الأمريكيين لصالح التحالف مع النظام الإيراني داعياً إياهم إلى إجراء تحليل شامل لمنافع تلك الخطوة في مقابل أكلافها: هل تفوق فوائد الانحياز لصالح إيران أثمانه؟ هل العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإيران أهم من العلاقات الأوروبية الأمريكية المتعددة الأوجه؟ منذ قيام الثورة سنة 1979 هذه هي المرة الأولى التي يميل فيها الأوروبيون باتجاه الملالي عوضاً عن الولايات المتحدة. وعدّد رافي زاده الأسباب التي تجعل هذا القرار خطأ أوروبياً حسابياً.

فخ إيراني
أولاً، هذا ما يرغب الإيرانيون بالضبط في رؤيته: صدام بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. يقع الأوروبيون في الفخ السياسي الذي أراده الإيرانيون لفترة طويلة: "فرّق تسد". في هذا الوقت، أصبحت إيران أكثر جرأة بفعل العديد من العوامل من بينها: زيادة حجم التجارة بين أوروبا وإيران وتعزيز العلاقات بينهما، العائدات الإضافية من الصادرات النفطية المتزايدة بسبب الاتفاق النووي، ولامبالاة المجتمع الدولي في محاسبة النظام الإيراني على مغامراته العسكرية في المنطقة.

واحد من أقوى التحالفات
تُعرّض أوروبا علاقاتها الجيوسياسية مع أمريكا للخطر بسبب اصطفافها مع إيران. على مدى أكثر من ستة عقود، كانت العلاقة عبر الأطلسي واحداً من أقوى التحالفات في العالم. تمكّن الطرفان معاً من تأدية دور مهيمن في صناعة قرارات عالمية حيوية وتحديد الاتجاه الذي على السياسات الدولية أن تسلكه. حين يصل القرار إلى ضمان الأمن، لا تزال أوروبا تعتمد على الولايات المتحدة. لقد كانت واشنطن لفترة طويلة شريكاً يُعتمد عليه في الحفاظ على الأمن القومي للاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أنّها عضو مؤسس وصانع قرار بارز في حلف شمال الأطلسي. أتت الولايات المتحدة لنجدة أوروبا عند بروز العديد من التهديدات الاقتصادية والسياسية بما فيها التوسع السوفياتي. وبعد الحرب العالمية الثانية، كان مشروع مارشال أساسياً في إعادة العافية السياسية والاقتصادية لأوروبا الغربية.

ويعدّل الانحياز لصالح إيران بدلاً من الولايات المتحدة ميزان القوة العالمي نحو خصمها القديم أي روسيا التي حاولت تاريخياً تقسيم أوروبا. الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة التي تتقاسم أوروبا معها الكثير من المصالح المشتركة، لا روسيا ولا الصين.

ماذا عن المصالح المالية؟

حتى من منظور مالي، تشكل الشراكة الأوروبية مع أمريكا جوهر اقتصاد الاتحاد الأوروبي. إنّ تجارة البضائع والخدمات مع الولايات المتحدة بلغت أكثر من تريليون دولار سنة 2017 – تقريباً 500 مليار دولار من الواردات و 600 مليار دولار من الصادرات. غياب توازن تجاري كهذا، يخلق عجزاً للولايات المتحدة ويعطي الأفضلية للاتحاد الأوروبي بما أنّ أوروبا صدّرت طويلاً كمية أكبر من البضائع والخدمات إلى الولايات المتحدة حيث بلغت أحياناً صادراتها ضعفي حجم وارداتها.

من ناحية ثانية، بالرغم من أنّ واردات الاتحاد الأوروبي من إيران سنة 2017 ارتفعت بنسبة 83.9% وصادراته إليها نمت بنسبة 31.5% كانت التجارة الأوروبية الإيرانية ضئيلة الأهمية بالمقارنة مع العلاقة التجارية بين أوروبا والولايات المتحدة. بلغ حجم التجارة بين بروكسيل وطهران 20 مليار دولار تقريباً مقسومة بالتساوي بين الصادرات والواردات. وهذا يظهر أنّ التجارة بين بروكسيل وواشنطن هي أكبر بحوالي 50 مرة من التجارة بين بروكسيل وطهران.

خطأ سياسي حرج
أصبح الإرهاب تهديداً خطيراً على أمن الاتحاد الأوروبي وسلامه واستقراره. يحتاج الاتحاد لاستمرار علاقاته مع واشنطن طالما أنّ لديهما مصالح مشتركة في مكافحة المجموعات الإرهابية مثل داعش. من جهة أخرى، تشكل إيران أبرز دولة راعية للإرهاب. لهذه الأسباب، تتخطى أكلاف التعامل مع النظام الإيراني منافعه وبطريقة واضحة. سترتكب أوروبا خطأ سياسياً حرجاً لو اختارت إيران عوضاً عن شريكها على الضفة الأخرى من الأطلسي. على المستوى الجيوسياسي، الاستراتيجي، العسكري والاقتصادي، العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أعظم بكثير من العلاقات بين الاتحاد وإيران.