صورة مركبة لجيسون غرينبلات وجاريد كوشنر.(أرشيف)
صورة مركبة لجيسون غرينبلات وجاريد كوشنر.(أرشيف)
الجمعة 22 يونيو 2018 / 21:29

تحديات صفقة القرن!

إدارة ترامب لم تعلن رسمياً إلى اللحظة عن أنها تتبنى مثل هذه الخطة، ولكنها تتحايل على الأمر من خلال استخدام "عنوان إغاثة غزة" وتحسين الظروف المعيشية فيها وإقامة مشاريع كبرى للطاقة فيها تعتمد على الطاقة الشمسية وعلى الغاز

إلى اليوم لم نعثر على الأب الشرعي لتسمية "صفقة القرن"، هذا المصطلح الذي بات الأكثر تداولاً في عالم السياسة منذ تولى الرئيس دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية. ملامح الخطة التي سرّب بعضها وخطوطها العريضة والتي يتم تداولها يمكن أن تنسب إلى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، اللواء احتياط "غيورا أيلاند"، الذي قدم هذا المشروع المقترح لتسوية الصراع مع الفلسطينيين في إطار دراسة أعدها لصالح مركز "بيغن – السادات للدراسات الإستراتيجية"، نشرت منتصف تموز من عام 2015 في (37) صفحة من القطع الكبير بعنوان: "البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين"، وفقاً لصحيفة "المصري اليوم"، وسبق لي أن كتبت هنا في هذا الموقع وفي صحيفة "الرأي" الأردنية أكثر من مقال حول هذا المشروع والذي يرتكز بشكل أساسي على النقاط التالية:

أولاً: إقامة الدولة الفلسطينية العتيدة في قطاع غزة وجزء كبير من صحراء سيناء ( 720 كيلو متراً مربعاً) وتوطين جزء كبير من فلسطينيي الضفة الغربية واللاجئين في الشتات فيها.

ثانياً: القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل.

ثالثاً: إعادة إعمار غزة وتحديث البنية التحتية فيها وتحديداً مطار غزة والميناء لإعادة بث الحياة في عروق هذه البقعة الجغرافية الأكثر كثافة سكانية على مستوى العالم.

رابعاً: المشروع يحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات لبناء مدن صغيرة داخل صحراء سيناء لتوطين الفلسطينيين.

هذه هي مرتكزات المشروع الأساسية، وإذا ما حددنا من هي الأطراف الإقليمية المعنية مباشرة في هذا المشروع القائم على فكرة "وأد" حل الدولتين وابتكار حل بديل لا تقدم من خلاله إسرائيل أي تنازل يذكر في موضوع الأرض، سنجد أن مصر هي المعنية بصورة أساسية وكبرى فيه لأنها ستمنح الأرض، والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير بالإضافة إلى الأردن المعني بالمشروع من زاويتين، الأولى وهي قضية القدس والولاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها وقضية اللاجئين والحدود الجديدة بعد تنفيذ المشروع في صحراء سيناء وطبيعة المشاريع الإستراتيجية التي ستنفذ فيها ومدى تأثيرها على الأردن.

إدارة ترامب لم تعلن رسمياً إلى اللحظة عن أنها تتبنى مثل هذه الخطة، ولكنها تتحايل على الأمر من خلال استخدام "عنوان إغاثة غزة" وتحسين الظروف المعيشية فيها وإقامة مشاريع كبرى للطاقة فيها تعتمد على الطاقة الشمسية وعلى الغاز الذي اكتشف وبكميات تجارية في المياه الإقليمية الفلسطينية قبالة سواحل القطاع، وقد كان هذا العنوان هو الموضوع الأبرز في جولة مستشار الرئيس ترامب جاريد كوشنير، ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات اللذين زارا كلاً من الأردن ومصر في إطار جولة تستكمل في السعودية وقطر.

صفقة القرن تلك لا يمكن أن تتم فنياً إلا بعقد مؤتمر دولي يضمن موافقة من يمثل الشرعية الفلسطينية (وهذه نقطة خلافية ومتفجرة) ما بين المنظمة والسلطة الفلسطينية من جهة وحماس التي تحكم السيطرة تماماً على قطاع غزة من جهة ثانية، والتي من غير الممكن أن تسمح بسلطة أخرى في القطاع تلغي سلطتها، هذا بالإضافة إلى مصر التي يجب أن تعلن قبول قيام جزء من الدولة الفلسطينية العتيدة على أرض سيناء المصرية، والأردن الذي ما زال يعارض وبضراوة اعتبار القدس عاصمة موحدة لإسرائيل وشطب ولايته الدينية على المدينة والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها.

إن تنفيذ صفقة القرن بالصيغة التي يريدها ترامب ومعه نتانياهو تتطلب عملياً (وجود أو صناعة) ممثل شرعي وقوي للشعب الفلسطيني، وهذا أمر معقد للغاية في ظل وجود سلطة حماس ووجود السلطة الفلسطينية، وقد يحتاج الأمر إلى حرب طاحنة على غزة تختلف من حيث الحجم والأثر العسكري والاقتصادي والإنساني عن الحروب السابقة لتكون بمثابة الطريق الممهد والمعبد للبدء بتنفيذ "صفقة القرن" وإزالة كل العوائق اللوجيستية أو السياسية التي تعترض البدء بتنفيذها.