السبت 23 يونيو 2018 / 18:46

تجربتي مع قانون الجذب

عرفت قانون الجذب عملياً، لا نظرياً، في بيروت 2008 عندما لاحظت أنك عندما تفكر في إشخاص معينين تفاجأ بهم أمامك، بدا لي أنه لا بد من سر يكمن خلف هذا الاستدعاء العجيب.

لحظتها لم أكن قد قرأت شيئاً نظرياً عن الموضوع لكني كنت أعرف شيئاً عن Deja Vu لكن ما قيل عن هذه الظاهرة، لم يبد كتفسير كافٍ لما رأيته.

ثم عثرت بعدها على كتاب الأسترالية روندا بيرن (السر) وهو السبب الرئيس الذي جعل العالم كله يلتفت لقانون الجذب، رغم أنه كتاب عملي تسويقي يخلو من أية روح فلسفية أو عمق علمي. خلاصة القانون أن أفكارك الحالية تشكل حياتك القادمة، فإن كنت تريد حياة غير ما تعيشه، فغير طريقة تفكيرك وأفكارك. أفكارك ستصير وقائع فيما بعد، وقانون الجذب the law of attraction حيادي مثل قانون الجاذبية الأرضية ، فهو لا يعرف ما تريد فعلاً، لكن ما تفكر فيه سيحدث لك فعلاً بناء على هذا القانون. لا شيء يمكنه أن يدخل حياتك إلا باستدعائك له وإلحاحك عليه. ولكي يعمل قانون الجذب فلا بد أن تقوم بثلاث خطوات:

1- اطلب
2- آمن بتحقق ما طلبت.
3- تلق ما طلبت فإنه في الطريق إليك.

لذلك يجب على الإنسان أن يتوقع الأمور التي يريدها وألا يتوقع ما لا يريد، بل يطرده فوراً من أفكاره. عليه أن يحرص أن يكون دائماً متمتعاً بمزاج جيد متفائل. قد يتصور البعض أن قانون الجذب يتعارض مع الأديان، لكنه مثل التصوف أو هو نوع من التصوف، يتكيف مع كل الأديان، وكل متدين بدين يستطيع أن يطلب ما يريد بطريقته الخاصة، بل إن فلاسفة قانون الجذب يصرّون أنه يعمل حتى مع من هو بلا دين.

بعض من كتب في قانون الجذب حاول أن يربط هذا القانون بعلم فيزياء الكم Quantum Physics دون أن يقدم ربطاً واضحاً بينهما، مع أن كل الفيزيائيين يصرخون بتكذيب هذه الدعوى. تتبعت هؤلاء، فوجدت أنهم عند المحاقـّة يقولون إنهم يربطون علمهم بعلم الفيزياء الكمية ربطاً مجازياً، الذي اعترف بهذا هو د. ديباك تشوبرا. معنى هذا، أن الربط لا حقيقة له.

هل قانون الجذب هذا علمي أو منهجي بحيث يصمد أمام شروط العلم الحقيقي؟ نحن لا نذيع سراً إذا قلنا أن كل جامعات العالم العلمية لا تعترف بمثل هذه الأساليب.

حسناً، هل سنجرؤ على القول بأن هذا القانون لا علاقة له بالفيزياء والكيمياء التي نعرفها ولا بسائر العلوم؟ ما هو إذن؟ وما سر حماس هذه الشريحة الكبيرة من البشر له؟ هل هو شيء نفسي؟
تاريخياً، لم تعرف الإنسانية دراسة قوى النفس تجريبياً إلا في ثلاثينات القرن العشرين. وقد اعتبر بعض العلماء هذا النوع من الدراسة نوعاً من الردّة العلمية ورجوعاً للخرافة والسذاجة. إلا أن مراكز دراسة القوى النفسية استمرت في عملها خلال القرن العشرين وبعده، فخرج "قانون الجذب" كواحد من أهم نتائج هذه الدراسات. بلا شك، هذه الأهمية نبعت من قيمته العملية وحاجة الناس النفسية الماسة له، ومع هذا لا يمكن أن ننفي الأصل العلمي تماماً عن قانون الجذب، فقول فلاسفته أن للأفكار قوة مغناطيسية كما أن لها تردداً وتذبذباً، وأنه يمكننا التقاط هذه الذبذبات، تماماً مثلما تعمل القنوات الفضائية، ينطلق من فكرة قديمة للطبيب والفيلسوف المادي الانكليزي ديفيد هارتلي ( 1705 – 1757 )الذي اشتهر بنظريته عن تداعي الأفكار بوصفه نتيجة مباشرة لذبذبات عصبية دقيقة.

شرح هارتلي هذه النظرية في كتابه:( Observations on Man، His Frame، His Duty، and His Expectations) (ملاحظات حول الإنسان، بنيته وواجبه وآماله). فكرة هارتلي أن الأشياء المحيطة بنا تمارس تأثيراً كبيراً على حواسنا الخمس. كيف يحدث هذا التأثير؟ رؤيتنا وسماعنا وشمنا وإحساسنا وتذوقنا للأشياء يثير ذبذبات لجزيئات مادية لا متناهية في الصغر داخل الدماغ. هذه الذبذبات تنتقل من جزيء إلى الجزيء الذي يليه عن طريق الأثير وتشكل سبباً مباشراً للأحاسيس. هذا التعاقب لنظام الأحاسيس يعكس تعاقب ونظام الحوافز الخارجية المسببة للذبذبات. مرة أخرى، ما معنى هذا الكلام؟ معناه أن هارتلي يزعم أن للأفكار أصلٌ مادي. لكنه لا يقول بالتماهي بين الذبذبات الآلية الميكانيكية والأفكار نفسها، بل يفصل بينهما، فالأفكار عنده روحانية والذبذبات جسمانية.

هنا توقف هارتلي، لكن دعاة قانون الجذب طوروا فكرته وذهبوا إلى أننا نعيش في كون نابض متذبذب يختلط فيه الفكر والوجود والمادي وغير المادي، ونحن نتذبذب معه ونتناغم معه وكأننا أمام نص من نصوص هيغل عن وحدة الأضداد.

إن عواطفنا ومشاعرنا هي الأكثر قوة وأهمية في تفسيرنا لتلك الاهتزازات المادية. إن عواطفنا ومشاعرنا تمثل عملية رجع صدى مستمرة حول توافق أفكارنا الحالية المكونة من الاهتزازات والتذبذبات. عالمنا المادي يتذبذب وعالمنا الروحي يتذبذب كذلك. ولا يوجد شيء يخرج عن الطبيعة الاهتزازية. وإن كنا أذكياء بما فيه الكفاية، فسنقوم ببناء جسر بين عالمينا المادي والروحي بدلا من صنع الفروقات والاختلاف والتضاد والتصادم بين العلم والروح.

هل يجب على الإنسان البسيط أن يفهم الطبيعة الفيزيائية لهذه القضية؟ الصحيح أنه ليس ضرورياً أن تتصور العصب البصري وطبيعة عمل الشبكة البصرية لكي تبصر الأشياء. ليس ضرورياً أن تفهم العملية المعقدة لدورة الكهرباء لكي تستمتع بالنور في بيتك. كذلك، ليس ضرورياً أن تفهم عملية التذبذب الكوني لتعرف قيمة الانسجام وضرر الاختلاف.

عندما تفكر في شيء، فإنك ترسل أفكارك إلى الكون، وهي بدورها تجذب إليها مغناطيسياً كل الأشياء الشبيهة بها، مما يكون على نفس التردد أو التذبذب. الإنسان مثل الأقمار الصناعية التي تبث للعالم، يبث تردد أفكاره، وإذا أردت أي شيء كان، فما عليك إلا أن تغيّر التردد فتنتقل لتضع نفسك على نفس تردد الشيء الذي تريده. إذا كان ما يدور بذهنك هو الاغتباط والابتهاج والتفاؤل، فإن كل الأشياء البهيجة ستنجذب إليك فتراها فعلياً في حياتك. وإذا كانت أفكار البؤس والتشاؤم تعشش في رأسك، فهذا معناه أن المزيد من الأشياء السيئة ستنجذب إلى حياتك وستراها في يومك وليلتك.

حسناً، كيف سنحكم على قانون الجذب؟ لماذا لا نجرب؟ إن الشرط الذي قام عليه العلم الحديث هو الملاحظة والتجربة فلماذا لا نُعملها؟ صحيح أن التجربة هنا تختلف عن التجربة التي دعا إليها فرانسيس بيكون وتوماس هوبز وجون لوك وديفيد هيوم وبرتراند راسل وبقية فلاسفة المذهب الأمبيريقي الرافضين لكل ما هو ميتافيزيقي، بينما نتحدث هنا عن شيء ميتافيزيقي بامتياز. لكنها تظل تجربة بالمعنى اللغوي والعملي. لقد جربت قانون الجذب وعشته منذ 2008 فوجدت اليوم ، بعد أحد عشرة عاماً، أن كل الأشياء التي رغبت في تحققها كبيرة كانت أم صغيرة، قد تحققت كلها، وأتت معها بروح من الرضا والسلام الداخلي الذي لا يوصف. فلماذا لا تجربه أنت أو أنتِ ثم تحكم بنفسك؟