الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أرشيف)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أرشيف)
الأربعاء 27 يونيو 2018 / 19:58

على صفيح ساخن

مسؤول صيني كبير سُئل من صحيفة أمريكية، عن حرب التعريفة الجمركية بين أمريكا والصين، فقال: على كل حال لا بد من اثنين لرقصة التانغو.

الصين تؤكد أن تحضير قاعة الرقص من اختصاصها. وكيم يؤكد على أهمية دور المحادثات مع حليفه الصيني شي جين بينغ

من النادر أن نجد تعبيراً أدبياً عن موضوع اقتصادي سياسي، على هذه الدرجة الكبيرة من الجفاف. ليس فقط هذا، فالتعبير الأدبي يجمع بين القوة والجمال.

تمتاز رقصة التانغو بقوة النظرات واللفتات بين الراقصين، وأيضاً بتناسق ورشاقة الحركة. اختار المسؤول الصيني لمسة الثقافة اللاتينية العريقة، ليغمز إلى ضحالة الثقافة الأمريكية. الصين على استعداد للرقص، ومن الصعب تخيل دونالد ترامب الأهوج، يؤدي رقصة التانغو بشكل لائق.

على الجانب الآخر عندما أراد ديفيد إغناثيوس صحافي الواشنطن بوست، تشبيه نتائج اللقاء في قمة سنغافورة، بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بشيء من خارج الاقتصاد والسياسة، فلم يسعفه ذوقه أو ثقافته إلا بتشبيه من مجال البناء العقاري.

قال إغناثيوس: إن نتائج اللقاء تشبه ما يسميه خبراء العقار "عرضاً مشروطاً". أما الشرط، فهو وفاء كوريا الشمالية بتعهدها الغامض، بعض الشيء، بالعمل على إخلاء شبه الجزيرة الكورية تماماً من السلاح النووي. وفي المقابل، ومن أجل بناء الثقة، وافق ترامب على تجميد التمارين والمناورات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية، بشرط أن تنجح محادثات نزع السلاح النووي في الأشهر القليلة التالية.

ويقول خبراء العقار: إن هذه المشكلة متأصلة في "العرض المشروط، فإذا لم تُبرم الصفقة بسرعة، فقد تضيع، وتخلف وراءها للطرفين الإحباط والغضب.

الصين تفكر في رقصة التانغو، وأمريكا تفكر في صفقة المقاول العقاري. بعد أسبوع من قمة سنغافورة، يزور كيم جونغ أون، الرئيس الصيني شي جين بينغ. وعرضتْ محطة التلفزيون الصينية المركزية CCTV، مباحاثات كيم وشي في قاعة الشعب الكبرى ببكين، والتي تُستخدم عادة في الزيارات الرسمية.

أزعجتْ زيارة كيم جونغ أون للصين، وسائل الإعلام الأمريكية، وانطلقتْ حمى التفسيرات، منها مثلاً أن كيم سيطلع الرئيس الصيني على التفاصيل غير المعلنة بينه وبين ترامب في قمة سنغافورة، ومنها أيضاً، أن الصين تقوم بخلط أوراق الحرب الاقتصادية، بأوراق نزع سلاح كوريا الشمالية. الصين تؤكد أن تحضير قاعة الرقص من اختصاصها. وكيم يؤكد على أهمية دور المحادثات مع حليفه الصيني شي جين بينغ.

بدا للبعض، رداً على زيارة كيم جونغ أون للصين، تراجع ترامب عن تصريحاته المتفائلة الاستعراضية، بعد قمة سنغافورة مباشرة، إذ صرح بعد عشرة أيام من القمة، بأن كوريا الشمالية ما زالتْ تمثل تهديداً فائقاً لبلاده، وكأنه استجاب لامتعاض وسائل الإعلام الأمريكية من زيارة كيم الرسمية للصين، والتي اعتُبِرَتْ مفاجئة، ووقحة من راقص التانغو الصيني. ومن جانب آخر تشعر كوريا الجنوبية بخيبة أمل من وصف ترامب للتدريبات والمناورات العسكرية بين كوريا الجنوبية وأمريكا، ب "ألعاب الحرب السنوية بين الحلفاء" المستفزة والمكلفة. كان ترامب قد قال شيئاً شبيهاً أثناء حملته الانتخابية، مفاده أن أمريكا لا تستطيع الدفاع عن كل جزء في العالَم.

يبدو أن هذا رأي ترامب الحقيقي، لكن ترامب يتراجع في أفعاله وكلماته من النقيض إلى النقيض أحياناً، والسبب هو محاولته إرضاء المؤسسات الأمريكية التي لم تغير سياساتها منذ الحرب العالمية الثانية، وفي نفس الوقت يُحاول تمرير قناعاته الشخصية، ومنها أن أمريكا لم يعد في استطاعتها إدارة شؤون العالَم وحدها. وبين محاولات الإرضاء والتمرير، يتقدم التنين الصيني.

شككتْ CNN في جدوى العقوبات الاقتصادية على كوريا الشمالية، كورقة ضغط، طالما أن الصين الشريك التجاري الأكبر لبيونغ يانغ، كما شككتْ في قدرة دونالد ترامب على إزاحة بكين، لاعباً أساسياً في سيناريو نزع سلاح كيم جونغ أون.

رسالة بكين واضحة، وهي حرب التعريفة الجمركية على احتلال السوق الأمريكي، وإغراقه بالبضائع الصينية في كفة، ونجاح المحادثات مع كوريا الشمالية في كفة أخرى. وكان رد ترامب الأرعن ليُرضي المؤسسات الأمريكية العميقة، بأن كلف ممثل التجارة الأمريكية بإعداد تعريفات جديدة على الواردات الصينية تبلغ قيمتها 200 مليار دولار.

الكوميدي في الأمر، أن التعريفات القديمة التي أعلنها ترامب منذ ثلاثة أشهر على وجه التقريب، لم يستطع تنفيذها على البضائع الصينية، وهي مازالتْ قيد المناقشة البيروقراطية في دهاليز الكونغرس.

كان إعلان الكونغرس أن مُناقشة فرض التعريفات لن تتجاوز الشهرين، وبالفعل تجاوزت الشهرين، ولم يحدث شيء.

أشاد كيم جونغ أون بخطوة لقاء القمة في سنغافورة مع الرئيس دونالد ترامب، وأعرب عن رضاه بنتائج القمة، وتطلع بيونغ يانغ للتنمية الاقتصادية. يبدو أن راقص التانغو الصيني قام بتدريب كيم جونغ أون على الكلمات التي تعني شيئاً ولا تعني شيئاً في الوقت ذاته.

وعلق باراك أوباما الرئيس الأمريكي الأسبق، بكلمات ملتوية لم يكن يقصد بها إظهار الحيرة الأمريكية، فقال: دون الدعم الصيني الواضح لكوريا الشمالية، قد تشعر الولايات المتحدة بأنها أكثر حرية في التخلي عن الدبلوماسية، وزيادة الضغط على بيونغ يانغ.