مقاتلون حوثيون.(أرشيف)
مقاتلون حوثيون.(أرشيف)
الإثنين 2 يوليو 2018 / 18:40

من يسمع صراخنا؟

في اليمن يعلو صوت الطائفة، وتحكم الميليشيا الخارجة من الكهوف مساحات كبيرة من البلاد بحد السكين وإرهاب الرصاص المموّل من طهران، وتعلن الميلشيا الحرب على عروبة البلاد لحوثنة اليمن كله وتحويله إلى مستعمرة فارسية

كتب أكاديمي ليبي وصفاً موجعاً لحال عامل كونغولي ذهب إلى ليبيا بحثاً عن لقمة العيش. وروى الأكاديمي الليبي ما سمعه من العامل الذي تبين أنه كان في بلاده أستاذاً في الجامعة قبل أن تضيق به البلاد ويدفعه القهر والجوع إلى الهرب من الكونغو ليبحث عن رغيفه على أرصفة شوارع ليبيا التي ينتظر عليها من يمن عليه أو يحن عليه بدنانير قليلة مقابل عمله في البناء.

يقول الأستاذ الجامعي الكونغولي إن تسعة ملايين إنسان قتلوا في بلاده التي كانت مستعمرة بلجيكية في وسط إفريقيا، ويضيف أن نصف مليون من النساء الكونغوليات تعرضن للاغتصاب على أيدي الميليشيات التي تؤجر خدماتها لأطراف خارجية مستفيدة من الخراب في الكونغو.

ويشرح الأستاذ الجامعي تجربته الموجعة في بلاده فيقول إن رجال الميليشيا اغتصبوا زوجته أمامه وقتلوا أباه وألقوا أطفاله في بئر مزرعته وربطوه عند حافة البئر حتى يجبروه على سماع صراخهم.. وكان أن تلاشى صراخ الأطفال حتى صمتوا تماماً، فقد ماتوا الواحد تلو الآخر.
يبكي الرجل وهو يعترف بأنه كان يتمنى أن يستمر الصراخ.

ربما يختلف الحال في بلادنا المبتلاة بالميليشيات ومنها ليبيا، لكن هذا الاختلاف رقمي فقط، لأن أعداد الضحايا في بلادنا أقل، رغم ذلك فإن بشاعة جرائم ميليشياتنا لا تقل عن تلك التي في الكونغو، وإن كان سدنة الميلشيات العربية يغلفون جرائمهم بالورع والتقوى، ويبشرون أتباعهم وعناصرهم الإجرامية بالجنة التي يدعون امتلاك مفاتيحها.

عشنا، ولا نزال نعيش تجربة الميلشيات الإجرامية، ومن يتذكر تل الزعتر وصبرا وشاتيلا في بيروت يعرف كم هو موجع تفجير الحقد الممول خارجياً للانتقام من بشر لا ذنب لهم سوى هوية وطنية يكرهها الغرب والمجموعات الإجرامية المرتبطة وجودياً بإسرائيل.

وعشنا تجربة الميلشيات الطائفية الحاقدة في العراق، وهي العصابات المعممة التي عاثت في العراق قتلاً وخراباً بفتاوى من أسيادها في قم وطاردت أكثر من عشرة ملايين عراقي لتطهير البلاد من السنة. وكان وجودها ولا يزال مرتبطاً بإيران، وبما تجود به العمائم السوداء من فتاوى تبيح قتل الأطفال ثأراً للحسين!
في ليبيا أيضاً لا يختلف الحال، حيث تؤجر الميلشيات الظلامية خدماتها الإجرامية للعواصم التي تدفع بالدولار، لكي يظل النفط الليبي مباحاً ومستباحاً، ولكي يظل العملاء يحكمون البلاد تحت يافطات أمريكية مكتظة بالشعار الديني.. وكأن أهل ليبيا كفار!!

وفي اليمن يعلو صوت الطائفة، وتحكم الميليشيا الخارجة من الكهوف مساحات كبيرة من البلاد بحد السكين وإرهاب الرصاص المموّل من طهران، وتعلن الميلشيا الحرب على عروبة البلاد لحوثنة اليمن كله وتحويله إلى مستعمرة فارسية.

أما أم البلاد فلسطين، فإنها ترزح تحت وطأة تقاسم وظيفي بين فصيلين تحولا إلى ميليشيات تقتص من الناس وتغفل ما يحاك لها وللناس في أقبية الخبث اليهودي.

ومن تابع كيف تنقض عناصر الميليشيا الحمساوية على الناس في غزة، وتذيقهم العذاب في أقبية التعذيب التابعة للأمن الداخلي في القطاع، ومن رأى كيف ينقض بلطجية المحافظ في نابلس على المشاركين في تظاهرة تطالب برفع الحصار عن غزة وإنهاء الانقسام، وهم قبل ذلك كانوا يقتحمون مخيمات المدينة بالأسلحة الرشاشة لمطاردة المناضلين، يعرف كم هو معتم هذا القاع الذي وصل إليه الفلسطينيون تحت حكم التشكيلات المرتبطة بأجندات غير فلسطينية.
نعود إلى الضحية الكونغولي لندعوه لكي يصون حنجرته لأنه مثلنا سيظل يصرخ، وسنصرخ معه أملاً في أن يسمع أحد على هذه الأرض صراخنا.