الثلاثاء 10 يوليو 2018 / 19:50

الفلسطينية ناي البرغوثي سفيرة شابة للموسيقى العربية في الغرب

تسعى العازفة والمغنية الفلسطينية ناي البرغوثي، 21 عاماً، من خلال أعمالها الفنية، لتقديم صورة ايجابية عن الثقافة العربية للغرب، بعيداً عن مشاهد "الحروب والمآسي"، وشاركت أخيراً للمرة الأولى في عمل أوبرالي في مهرجان "ايكس اون بروفانس" الفرنسي العريق.

وأدت الشابة الفلسطينية التي تشربت الموسيقى منذ الطفولة في رام الله، هذا العام في عمل "ارفيو ومجنون" المسرحي الأوبرالي المنتج في 2018 والذي يمزج أسطورة "أرفيو ويوريديس" اليونانية القديمة مع "مجنون ليلى" أشهر قصص الحب في الأدب العربي.

وتقول ناي البرغوثي التي تجسد دور ليلى في المسرحية "قصتا قيس وليلى وارفيو ويوريديس تظهران بشكل متساو في هذا العمل ولا تسيطر أي حضارة على الأخرى، من المهم جداً أن نظهر هذا الجانب من الثقافة العربية".

وتبدي البرغوثي سعادتها للفرصة المتاحة أمامها لتقديم أعمال غنائية عربية أمام الجمهور الغربي، وتوضح: "النظرة عن العرب والثقافة العربية في الغرب مختلفة بشكل عام إذ أن الأخبار المنتشرة عبر الصحافة تركز على الاحتلال والحروب".

وتضيف البرغوثي: "الغرب لا يرى الجوانب الأخرى الجميلة في الثقافة العربية والمواهب والحب للجمال".

وتحاول الشابة الفلسطينية المقيمة منذ سنتين في العاصمة الهولندية شق طريقها على الساحة الموسيقية الأوروبية، بعد أن حطت رحالها أخيرا في مهرجان إيكس اون بروفانس الفرنسي العريق بعد جولة في بريطانيا عام 2016، مع أوركسترا فلسطين للشباب، تلتها حفلات أحيتها بمبادرة فردية.

وعن المزج بين الغناء الأوبرالي والموسيقى العربية في هذه المسرحية، تقول ناي البرغوثي: "الأوبرا نمط غنائي غربي للغاية وتقنية الصوت مختلفة جداً عن الغناء العربي، ولا أرى وجوب دمج النوعين (...) أسعى لإيجاد حلقة تواصل بينهما".

ورغم تركها الأراضي الفلسطينية قبل أربع سنوات إلى ولاية انديانا الأميركية حيث درست الموسيقى،  ثم إلى أمستردام لمواصلة تعليمها الموسيقي، لا تنسى ناي البرغوثي أصلها.

وتقول هذه الشابة المولودة في عائلة مولعة بالجاز والموسيقى الكلاسيكية وبأعمال كبار المغنين العرب: "الهوية الفلسطينية تلاحقك في كل مكان".

وبدأت البرغوثي تعلم آلة الفلوت في سن السابعة في رام الله في معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى الذي يحمل إسم المفكر والعالم الموسيقي الفلسطيني الأميركي الشهير الذي توفي في 2003.

وتستذكر البرغوثي المشقات التي كانت تقاسيها خلال تنقلاتها خاصةً رحلاتها إلى القدس، وتوضح هذه الموسيقية الفلسطينية التي لا تزال تزور مسقط رأسها مرتين سنويا: "كنت أتنقل أسبوعياً من رام الى القدس، وأمر عبر حاجز قلنديا وفي إحدى المرات عندما كنت في سن 11 أو 12 عاماً منعتني جندية من العبور لدخول القدس بحجة أني لا أملك الأوراق اللازمة".

وتضيف: "عادة يكون الهم الأكبر لدى طالب الموسيقى أن يتحضر جيداً للحصة، لكن كفلسطينية يجب أن أفكر بالخروج إلى الحصة قبل أربع ساعات لأن الجندي الإسرائيلي قد يمنعني من العبور، أو قد يحصل إطلاق للغاز أو مواجهات".

المساواة
ولم تكن طريق البرغوثي لتعلم الموسيقى سهلة خاصةً في ظل القيود الاجتماعية على امتهان الفتيات هذا المجال.

وتقول: "الموسيقى مهنة صعبة في كل مكان فما بالك تحت الاحتلال ونظام فصل عنصري، وما بالك لأني امرأة ومغنية إذ ثمة ضغوطات من المجتمع الذي لا يتقبل الفتيات اللواتي يدرسن الموسيقى".

غير أنها تؤكد أن والديها قدما الدعم لها في هذه المسيرة، ما وفر لها حماية من الضغوط الاجتماعية، وتقارب البرغوثي بحذر تقديم أعمال موسيقية مشتركة مع عازفين إسرائيليين.

وهي تقول: "السلام لا يحصل إلا عبر المساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، دون مساواة، الاحتلال دائماً موجود بيني وبين أي اسرائيلي، حتى في إطار موسيقي".

وتقول البرغوثي: "لن أكون ضد أي اسرائيلي يقف إلى جانب قضيتنا" لكن: "كيف لي أن أعزف الى جانب أحد سيكون يوماً ما جندياً في الجيش الإسرائيلي يحمل السلاح في وجهي؟"، في ظل الخدمة العسكرية الإلزامية في إسرائيل.

وتؤكد: "لا أكره أي شخص لأنه إسرائيلي بل أكره الاحتلال، عندما أعزف كفلسطينية مع إسرائيلي ربما لا كره شخصياً بيننا لكن الصحافة والإعلام يستغلان هذه النظرة لتصوير عدم وجود حرب بين الجانبين".

ومن الأمثلة النادرة التي تجمع موسيقيين عرباً واسرائيليين على السواء، ثمة أوركسترا ديوان الشرق والغرب التي أنشأها قائد الأوركسترا الإسرائيلي الأرجنتيني دانيال بارنبويم، والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد.

ولدى ناي البرغوثي أحلام عدة تسعى لتحقيقها، إذ ترغب بعد انتهاء تحصيلها الجامعي في السفر والتعرف على حضارات مختلفة في إفريقيا، والهند لإثراء تجربتها "وإيجاد نمط موسيقي جديد".

أما حلمها الأبعد فهو "افتتاح معهد موسيقي يقدم شهادات جامعية في فلسطين" لدعم "المواهب الكبيرة" في البلاد.