الأربعاء 11 يوليو 2018 / 12:58

مصور أمريكي يلتقط فضائع الحرب في عيون الأطفال باللعب والقصص المؤثرة

يريد المصور الأمريكي بريان مكرتي أن يرى الناس فظائع الحرب، لكن بعين طفل، فهو لا يصور بقع الدم أو أشلاء جثث بل دمى وردية ودبابات زرقاء، بل يعرض صوراً لطائر من إحدى ألعاب الفيديو يمثل القنابل التي تسقط من السماء ولفيل يمثل فرداً مفقوداً من أفراد الأسرة.

ونفذ مكرتي أحدث أعماله في الموصل حيث أخرج تنظيم داعش آلاف المدنيين، ويقول العاملون في مجال الخدمة الاجتماعية إن الأطفال الذين شهدوا العنف سيعانون من الصدمة لسنوات.

ويستخدم مكرتي رسومات العلاج عن طريق الفن ولقاءات مع الأطفال لتصوير رواياتهم باستخدام اللعب، وقال مكرتي (43 عاماً): "أستغل ذلك في رواية قصصهم وعرضها على مشاهدين ما كان يمكن أن يروا ذلك في الظروف العادية".

ويرسم الأطفال الفزع والفقد والخسارة والضرر الذي عانوا منه، وغالباً ما يتم عرض رواياتهم برموز يعيد مكرتي تجسيدها على شكل لعب، وتأتي النتيجة خليط بين الواقع والخيال مع لمحة من الثقافة الشعبية.

ويصف مكرتي ذلك بأنه "الحقيقة مع جرعة من السكر".

ويقول: "من براءة الأطفال هذه، من ذلك المكان النقي للغاية للسرد تروي القصة دون أن ترويها وهذا هو موطن القوة".

وقال مكرتي في حديث في بيروت: "سيمس ذلك الناس، خاصة الجمهور الغربي حيث يسهل نبذ من يعيشون في مناطق الحرب باعتبارهم (الآخر)."

وأضاف أن ما يقوم به "يتجاوز ذلك لأن هذه مجرد لعب. طواطم بلاستيكية لأشخاص حقيقيين".

ورسم صبي شارك في جلسة قرب الموصل في مايو (أيار) فيلاً بالغاً مع دغفليه الصغيرين، وقام بتلوين الفيل البالغ وأحد صغيريه، لكنه رفض تلوين الآخر الذي قال إنه يمثل الشقيق الذي قتل.

ومن الصور المتكررة في رسومات الأطفال صورة الطائر الأصفر الشرير من لعبة الفيديو الشهيرة (أنجري برد)، الذي يمثل بالنسبة للأطفال القنابل التي تسقط من السماء، وقال مكرتي إن ذلك "لا يبعد سوى خطوة واحدة عن الحقيقة".

وصورت فتاة شاهدت مقاتلي تنظيم داعش يرجمون امرأة حتى الموت المشهد برسم شكل امرأة ثم دفنتها بدوائر حتى لم تعد تكاد ترى، وصور مكرتي ذلك بدمية ترتدي غطاء رأس وعباءة يجري رشقها بالحجارة ويمثل ظل رجل في المواجهة جلادها.

وقال مكرتي إن عملية تحويل الرسومات إلى صورة ذهنية مرئية يستغرق أياماً. فعندما يقع اختياره على صورة ويجد اللعبة التي ستجسدها يبدأ العمل على الأرض وهو ما عرضه في بعض الأحيان للخطر.

فخلال زيارته الأولى للموصل عام 2017، قال مكرتي إن قناصة تنظيم الدولة الإسلامية أطلقوا النار باتجاهه مرتين وهو يقوم بتجميع لعبة على شكل دبابة على الأرض قرب سيارة مدمرة، وكانت آخر زيارة قام بها للموصل في مايو.

وقال: "أعددت هذا التشكيل بكامله في المدينة القديمة، حيث رائحة الموت في كل مكان، عندما انتهينا أدركنا أن هناك رأس وجثة على مسافة متر واحد وكانت اللحية سليمة".

وتابع: "صورت هذه اللعبة بجوار جثة أحد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية ما زالت بين الأنقاض، وهذه هي الحقيقة الغريبة والعجيبة للمشروع".

وقال مكرتي إن الدافع الأول لمشروعه جاء من والده وهو من المحاربين القدامى الذين شاركوا في حرب فيتنام وكان نادراً ما يتحدث عن الحرب.

وأضاف مكرتي أن عمله الذي بدأ عام 1996 في كرواتيا أخذه كذلك إلى غزة ولبنان والعراق، وقال "تناولت هذا المشروع من منظور أكاديمي وفني للغاية لكن كل ذلك تبدد عندما رأيت لأول مرة طفلة تلون برك الدم".