بداية الاحتجاجات في درعا البلد عام 2011 (أرشيف)
بداية الاحتجاجات في درعا البلد عام 2011 (أرشيف)
الأحد 15 يوليو 2018 / 15:56

درعا.. النظام يطفئ شرارة الثورة

24 - حسين حرزالله

سقطت درعا في يد الجيش السوري، وانطفأت شرارة الثورة السورية المستمرة منذ أكثر من 7 أعوام، هكذا أراد إعلام النظام تصوير سيطرة قواته على درعا التي انطلقت منها الانتفاضة ضده، محتفلاً برفع العلم فوق مبنى البريد و"تحرير" الجامع العمري، الذي يعد مهد الثورة ضد الظلم والذل والقمع الذي يمارسه نظام الأسد طوال 4 عقود قبيل انطلاقها.

مؤيدو الأسد احتفلوا بـ"النصر الحقيقي" الذي أحرزه النظام بإعادة السيطرة على المدينة التي انطلقت منها الثورة، فيما تناقلت وسائل إعلام تابعة للنظام وأخرى موالية، مقاطع فيديو وصوراً لقوات النظام من داخل درعا البلد، محتفلين بانتصارهم.

ومن جهتها، قالت الإعلامية الموالية للنظام ديمة ناصيف عبر صفحتها على فيس بوك، إن "العلم السوري رفع فوق الجامع العمري بدرعا البلد، هذا الجامع الذي خرجت منه أولى دعوات إسقاط الدولة السورية"، مضيفة أن "الجيش السوري عاد إلى المكان الذي اشتعلت منه الفتنة، لوأدها".

وكان الجامع العمري شهد انطلاقة الثورة وبداية الاحتجاجات ضد النظام السوري في مارس (آذار) 2011، وتحول بعدها إلى ساحة معارك، ومن ثم تعرض لقصف متكرر تسبب في أضرار كبيرة إضافة إلى تدمير مئذنته بشكل كامل. ويعتبر المسجد الذي ينسب اسمه إلى الخليفة عمر بن الخطاب، أحد أهم المساجد الأثرية في محافظة درعا جنوبي سوريا، ويقع وسط منطقة درعا البلد.



يذكر أن اتفاقاً بين النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة رعته روسيا الأسبوع الماضي، قضى بأن تقوم الفصائل المتواجدة في درعا بتسليم سلاحها الثقيل والمتوسط، ويشمل الاتفاق مناطق درعا البلد وطريق السد والمخيم وسجنة والمنشية وغرز والصوامع، وهي أحياء في محافظة درعا.

ومكّن الاتفاق قوات النظام السوري من الدخول إلى درعا، دون معارك دامية ومجازر بحق الأبرياء والمدنيين، كما فعل سابقاً في حلب والغوطة الشرقية.

وحالياً، يسيطر نظام الأسد على نحو 80 % من محافظة درعا، بينما 15 % تقع تحت سيطرة المعارضة، والمساحة الباقية تخضع لتنظيم داعش المتمثل في فصيل "جيش خالد بن الوليد".



مدينة درعا
تعتبر مدينة رعا السورية مركزاً لمحافظة درعا، وكانت قديماً عاصمة إقليم حوران الممتد من جنوب سوريا إلى منطقة الرمثا شمالي الأردن، وهي من أقدم المدن العربية تاريخياً، وتقع قرب الحدود الأردنية جنوبي سوريا.

وتتميز محافظة درعا بحضارتها وثقافتها التاريخية، حيث تعاقبت الحضارات على أرضها، وتكاد لا تخلو أرض حوران التاريخية من مكان إلا وبه الشواهد والآثار على توالي الثقافات وتعدد الحضارات منذ القدم وحتى الزمن الحديث. 

ومن أبرز تلك المعالم التاريخية، المسجد العمري الذي يعود بناؤه إلى أمر من الخليفة عمر بن الخطاب عندما زار المدينة عام 635 للميلاد. وأشرف على بناء المسجد عدد من الصحابة منهم: أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل. وحافظ الجامع على شكله القديم رغم عمليات الترميم الحديثة التي لم تغير منارته وواجهته القبلية، ليصبح بمخططه الحديث، بمثابة نسخة مصغرة من "الجامع الأموي" في دمشق، من حيث احتواؤه على أروقة انسيابية، وحرم واسع للصلاة، وصحن خارجي مكشوف، ومئذنة شامخة. قبل اندلاع الثورة وقصف النظام لأجزاء منه وتدمير المئذنة.



كما تشتهر المحافظة وسكانها، أنها من بين المحافظات السورية الأكثر تقدماً من حيث التعليم، فيما أعلنت عام 2010 محافظة خالية من الأمية.

مناطق سيطرة النظام
وبعد سيطرة النظام على معظم المناطق في محافظة درعا، باتت قواته تسيطر على أكثر من 60 % من مساحة سوريا.

وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن قوات النظام منذ بدء التدخل الروسي في سوريا سبتمبر (أيلول) 2015، استعادت تدريجياً أهم المدن مثل حلب وتدمر وحمص ودرعا وكامل العاصمة دمشق والغوطة، ما نسبته 61% من مساحة سوريا التي تبلغ 185 ألف كيلومتر مربع.

ويعيش في مناطق سيطرة النظام السوري 72 % من السكان، بينما نحو 6 ملايين سوري باتوا لاجئين خارج البلاد، وقرابة 7 ملايين آخرين هجروا من منازلهم، من أصل 23 مليوناً، بحسب تقديرات خبراء.



ما بعد درعا
بعد سيطرة النظام على درعا، ينحصر وجود الفصائل المعارضة في سوريا تقريباً، في منطقتين أساسيتين: محافظة القنيطرة قرب الجولان، ومحافظة إدلب في شمال غرب البلاد وصولاً إلى جرابلس في ريف حلب الشمالي، حيث قوات درع الفرات التركية.

ويبقى النظام بعد سيطرته على درعا أمام خيارين، أحلاهما مر بالنسبة له، فهو إما أمام مواجهة مع إسرائيل، أو مواجهة مع تركيا، أو ربما يلجأ إلى اتفاقات عبر شريكته روسيا تضمن له أجزاء من تلك المحافظات مقابل تثبيت وجودها في سوريا.


بداية الاحتجاجات في درعا البلد 2011