قصف تركي لمواقع الأكراد في جبال قنديل في شمال العراق.(أرشيف)
قصف تركي لمواقع الأكراد في جبال قنديل في شمال العراق.(أرشيف)
الأربعاء 18 يوليو 2018 / 13:56

تركيا على مفترق طرق.. الانقسامات تهدد بانفجار

قبيل الانتخابات التركية الأخيرة في 24 يونيو( حزيران)، أوقف حزب العمال الكردستاني( PKK) إطلاق النار من جانب واحد. ورغم تعرضه لهجمات متكررة من قوات مسلحة تركية في جبال قنديل، شمال العراق، رفض الوقوع في الفخ فقد أدرك الحزب بأن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، سوف يستفيد من تجدد القتال من أجل حشد أنصاره من القوميين، ولتبرير عملية قمع أشد ضد الأكراد.

الانتخابات التركية الأخيرة لم تشف جروح الأكراد في تركيا، بل زادت من الانقسامات

ورأى ديفيد فيليبس، مدير برنامج بناء السلام والحقوق في معهد لدراسات حقوق الإنسان تابع لجامعة كولومبيا، أن أكراد تركيا فضلوا خياراً سلمياً بإظهار قوتهم عبر صناديق الاقتراع. وتمنوا حرمان أردوغان من الحصول على غالبية في انتخابات الرئاسة، ومن ثم إجباره على الدخول في جولة انتخابية ثانية. وعلاوة عليه، سعى حزب الشعوب الديمقراطي المناصر للأكراد( HDP) لتجاوز عتبة أساسية من أجل الدخول إلى البرلمان التركي، بحصوله على أكثر من 10٪ من أصوات الناخبين.

نتيجة غير مفاجئة

ووفق ما كتبه فيليبس في صحيفة "واشنطن تايمز"، لم تكن نتيجة الانتخابات مفاجئة. فقد فاز أردوغان بنسبة 52٪، فيما حصل مرشح HDP للرئاسة، صاحب الكاريزما، صلاح الدين دميرطاش، على أقل من 9٪. ورغم صعوبات وعراقيل أمام HDP، فقد حصل على 12٪ من الأصوات. وفي حال جرت انتخابات حرة ونزيهة، لكان HDP قد توج بنتيجة أفضل بكثير.

حملة من داخل المعتقل
ويشير كاتب المقال لإدارة دميرطاش حملته من داخل معتقله، حيث يقبع بموجب تهم باطلة بدعمه للإرهاب. وقد تواصل مع ناخبيه بواسطة محاميه ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

وفيما خصصت وسائل إعلام تركية رسمية لحملة أردوغان تغطية مدتها 181 ساعة، في مدة ستة أسابيع قبل يوم الانتخاب، حظي دميرطاش على أقل من ساعة واحدة.

وأعلنت الحكومة عن حالة طوارئ، ما منع تنظيم حشود انتخابية. ودقق رجال شرطة في بطاقات هوية عند مراكز انتخاب. وأدى وجود مجموعات شبه عسكرية موالية للحكومة لترهيب ناخبين أكراد، وردع عدد منهم عن المشاركة في الانتخاب.

منع مراقبين
وحسب فيليبس، منع مراقبون دوليون من الوصول إلى مناطق كردية. كما أبطل أكثر من 300,000 صندوق انتخابي في المنطقة الكردية، جنوب شرق تركيا.

من جهة ثانية، فقدت قيادات تركية الأهلية المدنية. فبالإضافة إلى دميرطاش، سجنت الحكومة التركية 12 نائباً كردياً، وسيطرت على 82٪ من البلديات الكردية، واعتقلت مسؤولين منتخبين. كما سجنت حكومة أنقرة أكثر من 5000 ناشط كردي.

استقطاب لا مصالحة

ويقول كاتب المقال إن الانتخابات التركية الأخيرة لم تشف جروح الأكراد في تركيا، بل زادت من الانقسامات بسبب كيفية إجرائها، وكانت بمثابة عجلة ساعدت أردوغان في تشديد قبضته على السلطة.

وفيما وعد الرئيس التركي باتباع حل أمني للصراع الكردي، فقد تعهد تجفيف "ذلك المستنقع" عبر استهداف مناطق كردية.
وحسب فيليبس، أثبت أكثر من 40 عاماً من القتال أن لا حل عسكرياً للآمال الكردية من أجل كسب مزيد من الحقوق السياسية والثقافية. ويتمتع PKK بدعم شعبي واسع لأن صراعه يمنح الأكراد شعوراً بالكرامة والعزة.

تحذير
وحذر قادة أكراد من عزم PKK على تجديد تمرده بسبب الانتخابات التركية الزائفة، فضلاً عن خطاب أردوغان العدائي. وسوف يؤشر استئناف صراع مسلح لبداية مرحلة جديدة من حرب أهلية تركية ستكون لها تبعاتها الإقليمية، وخاصة لأن مجموعات كردية في سوريا والعراق لا بد أن تشارك في القتال دعماً لإخوتهم الأكراد.

وبرأي كاتب المقال، تقف اليوم تركيا عند مفترق طرق، فإما أن يشدد أردوغان حكمه التسلطي ويعزز القتال ضد الأكراد، أو يسعى لحكم يضم جميع فئات المجتمع، ويحل الصراع العرقي في تركيا عبر مفاوضات. وتكمن مخاطر جمة في حال تجنب أردوغان الدخول في محادثات سلام مع PKK، واندلعت موجة عنف جديدة قد تتسع لتصل إلى جميع الأراضي التركية.