الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب.(أرشيف)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب.(أرشيف)
الخميس 19 يوليو 2018 / 10:30

روسيا راضية عن قمة ترامب – بوتين...هل من ثمن خفي؟

بين ردود أفعال وسائل الإعلام الأمريكية والتعليقات الروسية على قمة هلسنكي بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والروسي وفلاديمير بوتين، بدا اللقاء كأنه حدثان منفصلان عقدا في كوكبين مختلفين.

لو كنا نعيش في ظروف طبيعية، لكنا اعتبرنا لقاء هلسنكي بمثابة قمة ناجحة نسبياً

فقد لاحظ فريد واير، مراسل صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية، حجم الرضا الروسي باللقاء بحد ذاته، وأملاً في أن يوقف تدهور العلاقات الثنائية المستمر منذ عامين. وقد عبر الروس عن ابتهاجهم بالنبرة المتفائلة التي سادت بين الرئيسين، وتقديمهما تعهدات، وإن بدت متواضعة، باستعادة الحوار بشأن عدد من القضايا الملحة، بدءاً من مراقبة الأسلحة النووية وصولاً إلى تسوية سياسية في سوريا. وقد عكست صحيفة "روسيسكايا غازيتا" ذلك المستوى الرفيع من الرضا الرسمي عبر عنوانها الرئيسي" ترامب- بوتين يظهران قويين في هلسنكي".

مزاج مختلف
ويشير كاتب المقال لتغطية مختلفة للقمة من وسائل إعلام أمريكية عبّر بعضها عن خيبة أمل مما وصفوه "خنوع ترامب لبوتين"، ورفضه دعم نتائج تحقيقات وكالات استخبارات أمريكية بتدخل روسي في انتخابات الرئاسة لعام 2016 لصالح ترامب. لكن الرئيس الأمريكي تراجع عن تصريحه وقال إنه أسيء فهمه، وأنه يقبل نتيجة التحقيقات بما حصل.

لا مبالاة
من جهة أخرى، يبدو، حسب كاتب المقال، إن قلة من المعلقين الروس يأخذون على محمل الجد الانتقادات الموجهة لترامب من وسائل إعلام أمريكية. كما إنهم ليسوا قلقين من احتمال أن يكون لها أي أثر حقيقي على التقدم الذي تحقق بين ترامب وبوتين أثناء لقائهما الثنائي في هلسنكي. وعلاوة عليه، سخر معظم الروس من أقوال إن بوتين سيطر على ترامب. وإذا لا يستغربون محاولة الكرملين التدخل في انتخابات سنة 2016، فهم لا يعتقدون أن جهوداً روسية أثمرت إيصال ترامب إلى البيت الأبيض.

هواجس
في المقابل، يبدي قلة من الخبراء الروس، ممن لديهم علاقات واسعة في الولايات المتحدة، قلقهم. ويقولون إن أصدقاءهم الأمريكيين لم يعبروا قط عن غضبهم حيال روسيا، ورفضهم لما يقوله بوتين. ويكمن الخطر، برأيهم، في احتمال تشويه أي شيء يتفق عليه ترامب وبوتين، بحيث يرفضه عدد من الأمريكيين.

في هذا السياق، قال فيدور لوكيانوف، محرر السياسة الخارجية الروسية لدى مجلة غلوبال أفيرز: "لو كنا نعيش في ظروف طبيعية، لكنا اعتبرنا لقاء هلسنكي بمثابة قمة ناجحة نسبياً. ولكن تتصف هذه الأوقات بأنها أبعد ما تكون عن اعتبارها أوقاتاً طبيعية. ففي هذه الأيام يتم إخضاع قضايا سياسية استراتيجية لتبعات شؤون داخلية، ويمكن تضييع أية إنجازات من خلال ردود أفعال غاضبة ومعادية كالتي نشهدها حالياً في الولايات المتحدة".

وتابع لوكيانوف: "أخطأ ترامب بالتأكيد عندما لم يحسن معالجة قضية تشغل بال الأمريكيين. وحتى أنه بدا كأنه يقف في صف بوتين. وقد سر عدد كبير من الروس في موسكو لدى رؤيتهم بوتين سعيداً في هلسنكي. ولكن هؤلاء قد لا يكونون على دراية باحتمال أن تكون لذلك الموقف آثار عكسية بإعادة تفعيل العلاقات الروسية – الأمريكية".

التزامات
ولم يعلن في هلسنكي عن اتفاقات رسمية ولم يوقع على وثائق، ولكن الزعيمين عبرا عن التزامهما بإعادة إنشاء قنوات تواصل أقفل معظمها بسبب حدة الخطاب بين الجانبين التي سادت طوال الأشهر الأخيرة. كما اتفق الجانبان على العمل لتمديد معاهدة ستارت لخفض الأسلحة النووية.

صفقة حول سوريا
ويشير الكاتب إلى بوادر موافقة ترامب على صفقة بشأن إنهاء الحرب في سوريا، والتي استهلت، في الأسبوع الماضي، أثناء لقاء بين بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وتقضي ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، وممارسة روسيا لنفوذها لمنع انتشار عسكري إيراني بالقرب من الحدود بين إسرائيل وسوريا.

وقال ليوكيانوف: "من أهم ما تحقق في القمة تأكيد بوتين، ولأول مرة، أن أمن إسرائيل يمثل هدفاً للسياسة الروسية. ويفترض أن ينضم الأمريكيون إلى هذه الصفقة عوضاً عن تدميرها عبر الجو السياسي السمي متوتر المحيط بترامب".