ولي عهد أبو ظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد مصافحاً الرئيس الصيني شي جينبينغ.(أرشيف)
ولي عهد أبو ظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد مصافحاً الرئيس الصيني شي جينبينغ.(أرشيف)
الجمعة 20 يوليو 2018 / 11:27

ما الذي لاحظته الصين في الإمارات لبناء أفضل العلاقات معها؟

عدّد الكاتب السياسي فيصل اليافعي الأسباب التي تجعل زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ للإمارات بالغة الدلالة، خصوصاً أنّ وصول شي إلى أبو ظبي يتخطى الأطر السياسية.

لم تكن الصين لتفوّت الانتباه إلى أنّ الإمارات مصنّفة على أنّها الدولة التي يرغب العرب الآخرون بمحاكاة نموذجها في دولهم

وفي صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية، رأى أنّ العلاقة مع الصين قد تؤثر على الإمارات في ما هو أبعد من المستوى القيادي، ليصل هذا التأثير إلى التجارة والسياحة والتعليم والسياسة الخارجية. لفهم أسباب أهمية العلاقة الإماراتية الصينية بالنسبة إلى الطرفين وأسباب استثمارهما في هذا الكم من الجهود الديبلوماسية الكفيلة بإنجاحها، يمكن استشارة الخريطة في هذا المجال.

لقد مضت خمس سنوات فقط على إطلاق شي مبادرة الحزام والطريق، مشروع بقيمة تريليون دولار لوصل أجزاء واسعة من آسيا وأفريقيا وأوروبا من خلال طريق الحرير الجديد. هذا المشروع طموح للغاية وإذا تم تطويره وفقاً لما هو مخطّط له، سيشمل تأثيره أكثر من 70 دولة ويطال ربّما نصف سكان العالم. يقع الخليج في قلب هذا المشروع، حرفياً ومجازياً. إنّ المسار البحري المخطط له ينطلق من الصين ويمر بجنوب شرق آسيا وسواحل الهند وباكستان ويصل إلى الشرق الأوسط ثمّ يتوجّه جنوباً نحو الشواطئ الشرقية لأفريقيا. ويتمتع الخليج بصلات ثقافية وروابط لغوية وطرق تجارية تاريخية مع الدول الواقعة على هذا المسار.

ثلاثة مجالات
ستكون الإمارات مركزاً لمبادرة الحزام والطريق وخلال السنوات المقبلة، ستسعى الدولة إلى استخدام هذا الموقع وروابطها التاريخية لتطوير العلاقة مع الصين عبر ثلاثة مجالات أساسية: الطاقة والتجارة والتحالفات. الطاقة هي الرابط الأكثر بداهة. يستمر الطلب الصيني على النفط بالارتفاع ويواصل الطلب على المنتجات المصنوعة من النفط كالبلاستيك والأدوية والأسمدة، ارتفاعه بوتيرة أسرع. وهذا ما يدفع إلى ارتفاع الصادرات من الإمارات إلى الصين والأمر نفسه ينطبق على الاستثمار الصيني في قطاع الغاز والنفط داخل الإمارات.

جائزة ضخمة للإمارات

لكن يمكن للنمو الأعظم أن يأتي عبر التجارة. إنّ التجارة مع الصين هي جائزة ضخمة للإمارات لكنّ قيمتها الحقيقية تكمن في إعادة التصدير. بوجود عدد قليل من السكان، هنالك حدود لكمية المنتوجات التي يمكن للدولة أن تستهلكها لكنّ الإمارات تموضع نفسها كمركز لإعادة تصدير ما تنتجه الصين إلى سائر دول الشرق الأوسط وشرق أفريقيا ودول أبعد. في هذا الوقت، هنالك أكثر من نصف جميع البضائع الصينية التي تأتي إلى الإمارات يذهب إلى هذه الأسواق وتشير التوقعات إلى أنّ التقارب في العلاقات سيجعل هذا الرقم يتصاعد بقوة. خلال هذا الأسبوع، قال السفير الإماراتي في الصين إنّ التجارة الثنائية التي بلغت السنة الماضية 50 مليار دولار بين البلدين يمكن أن تتضاعف خلال العقد المقبل. بالنظر إلى سرعة النمو في بعض الدول العربية والأفريقية قد يكون هذا التوقع متحفظاً.

ربح للطرفين
سيجلب هذا التطور التجاري المزيد من الروابط بين الإمارات والصين على مستوى الأعمال وهذا سيعني المزيد من السياحة والمؤتمرات ومسارات الملاحة والشحن بما قد يفيد الاقتصاد الإماراتي كما سيقرّب علاقات الإمارات مع القوة الآسيوية العظيمة. تأمل الإمارات في أن تساعدها عناصر متعددة على تنويع اقتصادها وهذه العناصر ستقرّب أكثر بين البلدين. سيساعد وصول المزيد من الطلاب الآسيويين في أن يرسّخ الإمارات كمركز تعليمي بينما سيسهّل الوصول إلى الأسواق الصينية تحوّلها إلى مركز إطلاق للمبادرات والصناعات الجديدة. بذلك، ستكون هذه العلاقات مربحة للطرفين.

لماذا تساعدان الدول بالمليارات؟

على الصعيد السياسي، الصين هي قوة عظيمة في آسيا وإحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن. تتمتع الصين بنفوذ ضخم لا لدعم الإمارات في المسائل التي تهمها وحسب، بل أيضاً لإقامة علاقة شراكة معها ومع الخليج في ملفات محاربة التطرف والإرهاب والفقر. تتشارك الدولتان في مقاربة للسياسة الخارجية تقوم على أنّ الفقر والنقص في التنمية يغذيان العنف وغياب الاستقرار، وهذا أحد الأسباب التي دفعت الصين والإمارات إلى تقديم المليارات من المساعدات للدول المحتاجة لأنّهما تجدان أنّ التنمية تستطيع إيقاف الفوضى السياسية.

صلة وصل
بطبيعة الحال، تستفيد الصين أيضاً من جميع جوانب هذه العلاقة السياسية. التجارة هي طريق باتجاهين بينما يبقى أمن الطاقة تحدياً كبيراً لها. لكن بالنسبة إلى الصين، تشكل الإمارات ودول الخليج والعالم العربي أساساً لتبرز تصاعد قوة موقعها. ترى الصين الإمارات والخليج كصلة وصل مع الشرق الأوسط وأفريقيا لا على صعيد الوصول إلى الأسواق وحسب بل أيضاً على مستوى إنشاء علاقات سياسية وثيقة. إنّ علاقة جيدة مع 22 دولة عربية تعطي الصين دعماً ديبلوماسياً قوياً في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة.

ما الذي انتبهت إليه تحديداً؟
الإمارات مهمة هنا تحديداً. لم تكن الصين لتفوّت الانتباه إلى أنّ الإمارات مصنّفة على أنّها الدولة التي يرغب العرب الآخرون بمحاكاة نموذجها في دولهم. إنّ علاقة جيدة مع دولة عربية مسلمة حديثة هي جوهرية لعلاقات الصين الدولية مع بلاد مسلمة أخرى لكنّها جوهرية أيضاً لعلاقاتها مع الأقلية الصينية المسلمة. يعلم الرئيس شي ومضيفوه أنّ علاقة قوية تم الاستثمار فيها بشكل مناسب يمكن أن تعود بمنافع هائلة أبعد بكثير من مدينتي أبو ظبي وبيجينغ.