مقاتلون من حزب الله برفعون أعلام الجزب ولبنان وسوريا.(أرشيف)
مقاتلون من حزب الله برفعون أعلام الجزب ولبنان وسوريا.(أرشيف)
الأحد 22 يوليو 2018 / 10:46

هآرتس: الحرب مع إسرائيل تهدد وجود حزب الله

رأى زائيفي باريل، مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن حزب الله المدرك جيداً كيف يحافظ على موقعه في اللعبة السياسية في لبنان، يواجه وضعاً أقل استقراراً في سوريا.

مع أن نصر الله يدرك جيداً حجم الضغوط التي تفرضها روسيا على إيران لسحب قواتها من الحدود وحتى من سوريا ككل، فإنه لا يعلم كيف ستكون سوريا عقب انتهاء الحرب

ويقول باريل في مستهل التقرير: "لا يزال أكثر من مليون سوري في لبنان ينتظرون بفارغ الصبر العودة لديارهم، وبإمكان عشرات الآلاف منهم العودة، وربما عاد بضعة آلاف منهم فعلاً، ولكن الباقين عالقون في البلد المضيف بسبب لعبة السلطة في بيروت، لاسيما أن معاناة اللاجئين لا تقع في دائرة اهتمام حكومة تصريف الأعمال في لبنان التي لم تنجح بعد شهرين ونصف من الانتخابات في تشكيل حكومة دائمة".

مصير عودة اللاجئين

ويشير مراسل "هآرتس" إلى أن مصير معظم اللاجئين سوف يتحدد بناء على خيارين: أولهما إجراء الحكومة اللبنانية محادثات مباشرة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا بشأن عودتهم، وهو الأمر الذي يسعى إليه حزب الله والرئيس اللبناني ميشال عون، ويعني ضمناً اعتراف لبنان بنظام الأسد واختراق مقاطعة الدول العربية لسوريا بعدما استبعدت من جامعة الدول العربية.

ويتمثل الخيار الثاني في أن تكون عودة اللاجئين مسؤولية الأمم المتحدة دون أي اتصال مباشر بين لبنان ونظام الأسد، وهو ما يريده رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ومؤيدوه. وعلى هذا النحو لا يمنح لبنان شرعية دبلوماسية للأسد حتى انتهاء الحرب الأهلية السورية وتشكيل حكومة جديدة مقبولة من جميع الأطراف.

وأكسبت المواقف المتشددة (التي تتبناها الفصائل اللبنانية المتنافسة) لبنان دوراً سياسياً مهماً بعدما كان تحت الوصاية السورية لعقود.

حصار اللاجئين
وأبدت سوريا استعدادها لعودة اللاجئين في أي وقت، وبخاصة لأن المساحات الكبيرة من الأراضي التي استعاد نظام الأسد السيطرة عليها تسمح بعودة الكثير من اللاجئين الذين باتوا محاصرين الآن بسبب السياسة اللبنانية التي تشهد صراعاً حول عدد الوزراء لكل حزب سياسي والحقائب الوزارية.

وبحسب التقرير، قرر كل من حزب الله ووزير الخارجية جبران باسيل (الذي يرأس التيار الوطني الحر وهو حزب مسيحي أسسه عون) عدم انتظار القرار السياسي في هذا الشأن، من خلال الإسراع في فتح مكاتب لتسجيل اللاجئين الراغبين في العودة إلى سوريا. ويجري عون مباحثات مباشرة مع سوريا عبر رئيس وكالة الاستخبارات اللبنانية، كما يذهب موظفو وزارة الخارجية إلى المدن والقرى من أجل استقصاء أعداد اللاجئين غير المسجلين لبدء الاستعدادات لعودتهم لديارهم.
  
ولا عوائق أمام عودة اللاجئين باستثناء المعابر الحدودية التي تسيطر عليها الحكومة اللبنانية والتي لديها القدرة على السماح لهم بالمرور، وبخاصة لأن جميع الأطراف اللبنانية لديها مصلحة في عودة اللاجئين الذين يشكلون عبئاً مالياً وإدارياً ضخماً على لبنان. وفي المقابل، أعلنت الأردن عن رغبتها في عودة جميع اللاجئين السوريين الذين يعيشون على الحدود، وذلك فور استعادة نظام الأسد السيطرة على معظم جنوب سوريا ومعبر الحدود مع الأردن.

ويشير التقرير إلى استغلال التجار والمزارعين اللبنانيين أيضاً في النزاع السياسي؛ إذ تعمد دمشق إلى الضغط على الحكومة اللبنانية من خلال السماح للمزارعين والتجار السوريين فقط (وليس اللبنانيين) بالتصدير عبر الأردن.

صراع على تشكيل الحكومة
وفيما يتعلق بالصراع على تشكيل الحكومة في لبنان، يرى التقرير أن حزب الله يحاول الترويج لنفسه باعتباره طرفاً محايداً ، لأن نتائج الانتخابات تضمن للحزب ثلاثة وزراء على الأقل من بينهم الخدمات الاجتماعية وربما الصحة أيضاً، مما يتيح له السيطرة على ميزانية كبيرة. والأهم من ذلك أن بعض الأموال التي وعدت بها الدول المانحة سوف تمر من خلال الحزب بطبيعة الحال، وهو ما ينطوي على إشكالية لأن الدول المانحة على الأرجح ستعلق مساعداتها إذا كانت الأموال سوف تذهب عبر وزراء حزب الله، ولكن الحكومة اللبنانية قد تتغلب على هذه المعضلة من خلال إعادة توجيه التبرعات.

ويطمح الحزب إلى تشكيل كتلة تسيطر على أكثر من ثلث مقاعد مجلس الوزراء (11 مقعداً على الأقل إذا كان مجلس الوزراء مكوناً من 30 وزيراً) لأنه بموجب الدستور اللبناني يستلزم الموافقة على القرارات المهمة مثل الميزانية أو إعلان الحرب موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء، وإذا كانت الحكومة تتألف من 30 وزيراً، فإن تصويت 11 منهم سيكون كفيلاً بتعطيل أي قرار وإحباط قدرة الحكومة على ممارسة الحكم.

مناورات نصر الله
ويقول تقرير "هآرتس": "على رغم من إدعاء حسن نصر الله زعيم حزب الله بالحرص على التوازن الوطني وأنه لا يسعى وراء المصالح الطائفية أو التنظيمية، فإنه في الوقت نفسه يجري محادثات مع خصومه السياسيين، بمن فيهم الحريري الذي يدرك الآن أنه يحتاج إلى دعم نصر الله لإنهاء تشكيل الحكومة في وقت قريب، ولكن يبقى التساؤل عن الثمن الذي سيدفعه الحريري لحزب الله في المقابل".

ومع ذلك، من الناحية الفعلية يفضل نصر الله الحريري على المرشحين الآخرين لرئاسة الوزراء، لأنه يدرك أن مكانة الحريري في الغرب والشرق الأوسط من شأنها أن تلعب دوراً مهماً في تأمين الشرعية والدعم الدولي للبنان.

وإلى ذلك، يدرك حزب الله جيداً كيفية المناورة داخل لبنان من أجل الحفاظ على نفوذه، ولكن المشهد السوري يضعه في حالة من عدم اليقين. فخلال السنوات الأربع الأولى من الحرب الأهلية السورية كانت إيران حليفاً لنظام الأسد والقوة الحيوية في حربه ضد المعارضة، ولكن تدخل روسيا في أواخر عام 2015 قد قلب الموازين.

ضغوط روسيا
ويلفت التقرير إلى أنه نتيجة الضغط الروسي، أحبطت إسرائيل رغبة حزب الله في إنشاء جبهة معادية لإسرائيل في جنوب غرب هضبة الجولان، وتقوض القوة الروسية تمركز قوات حزب الله في جبال القلمون بغرب سوريا وعلى طول الحدود السورية اللبنانية، فضلاً عن مطالبات السياسيين بانسحاب قوات حزب الله من سوريا واليمن، وكذلك مطالبات عائلات المقاتلين الذين قتلوا في سوريا، وكلها عوامل من شأنها أن تجبر حزب الله على البدء في سحب قواته.

ويضيف التقرير: "مع أن نصر الله يدرك جيداً حجم الضغوط التي تفرضها روسيا على إيران لسحب قواتها من الحدود وحتى من سوريا ككل، فإنه لا يعلم كيف ستكون سوريا عقب انتهاء الحرب. ومن المؤكد أن الأسد سيظل رئيساً، ولكن هل سوف تستمر سوريا في القيام بدور المحطة الرئيسية الكبرى لنقل الأسلحة والذخائر إلى حزب الله في لبنان؟ أم أن صفقة سياسية مفاجئة يجري حالياً ترتيبها بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وبشار الأسد تستهدف تقويض أنشطة حزب الله بشكل كبير؟".

ويخلص التقرير إلى أن تلك النهايات الفضفاضة في التشابك السياسي والدبلوماسي تجبر حزب الله على توخي المزيد من الحذر من أجل ضمان وجوده، ويتعين عليه المناورة بين المنافسين السياسيين والتأكد من أن قائمة الحكومة سوف تخدم مصالحه، وفي الوقت نفسه ضمان أن يظل ذراعاً استراتيجياً لإيران، والحرب ضد إسرائيل لن تساعده على تحقيق أي شيء من ذلك.