إيرانيون يتظاهرون في بغداد.(أرشيف)
إيرانيون يتظاهرون في بغداد.(أرشيف)
الأحد 22 يوليو 2018 / 12:34

احتجاجات العراق.. فرصة أمريكا لمواجهة نفوذ إيران في بغداد

في مدينة البصرة الغنية بالنفط، أحرق متظاهرون عراقيون، صباح 16 يوليو( تموز)، صورة للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وهم يصيحون "إيران برا برا".

تلك الاحتجاجات تمثل فرصة أمام واشنطن، وبعد سنوات من العمل مع بغداد، من أجل إعادة تقييم سياستها ووقف سياسة "الشيك على بياض"، وإضعاف المصالح الإيرانية

ويلفت سيز فرانتزمان، كاتب رأي لدى موقع "ذا هيل" الإخباري، إلى أن ذلك العمل كان تتويجاً لاحتجاجات بدأت قبل أسبوع مستهدفة الحكومة العراقية ومكاتب أحزاب تابعة لإيران. وعبر متظاهرون عن غضبهم بشأن نقص فرص العمل والكهرباء والماء، وتراجع الخدمات والبنية التحتية في جنوب العراق. وقد تمكنت بغداد من قمع تلك الاحتجاجات بمساعدة ميليشيات مدعومة إيرانياً، وبسواعد أفراد من الجيش العراقي دربتهم قوات أمريكية. كما حذر مسؤولون أمريكيون، ومنهم وزير الخارجية مايك بومبيو، من أن الميليشيات المدعومة من إيران تشكل خطراً على العراق، وأن تلك الحملة ينبغي أن تكون بمثابة دعوة للتيقظ.

فرصة
ويرى كاتب المقال أن تلك الاحتجاجات تمثل فرصة أمام واشنطن، وبعد سنوات من العمل مع بغداد، من أجل إعادة تقييم سياستها ووقف سياسة "الشيك على بياض"، وإضعاف المصالح الإيرانية.

ويقول فرانتزمان إنه في بداية الأمر، قام المتظاهرون بسد طرقات تقود نحو حقول النفط في الجنوب، مطالبين بتوفير فرص عمل. واحتل محتجون مطار النجف، وسد آخرون معبر صفوان الحدودي مع الكويت. ورداً على ذلك، أرسلت بغداد قوات النخبة المتخصصة في مكافحة الإرهاب إلى الجنوب، وإلى مناطق أخرى في العراق. وقطعت الحكومة خدمة الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي وخدمة تبادل الرسائل، مستخدمة وسيلة لطالما لجأت إليها طهران لقمع احتجاجات في إيران.

موقف لافت
وحسب الكاتب، بدا لافتاً خصوصاً استهداف المحتجين لأحزاب سياسية مدعومة من إيران. فقد أحرق متظاهرون مكاتب حزب الدعوة وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق. وينضوي هذان الحزبان ضمن قوات الحشد الشعبي الشيعية التي تشكل قسماً من القوات الأمنية العراقية. وقد وصف رئيس الوزراء العراقي تلك القوات بأنها تمثل "أملاً لمستقبل البلاد". وقد أظهرت أشرطة الفيديو محتجين وهم يتهمون تلك الأحزاب بأنها تشكل جزءاً من الأجندة الإيرانية التي تحاول خنق الاقتصاد العراقي، وتقطع الكهرباء والماء وتختلس عوائد النفط العراقي فيما يعاني سكان الحرمان.

شكوك
ويرى كاتب المقال أن تلك الاحتجاجات تكشف أن الأمل في استقرار العراق لايزال موضع شك. فقد حضت الولايات المتحدة، في فبراير( شباط) الدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد داعش على تقديم قرض للعراق بقيمة 3 مليار دولار، ضمن مليارات عدة يسعى العراق للحصول عليها من أجل تنفيذ مشاريع لإعادة إعمار مناطق دمرت بسبب الحرب ضد داعش.

نفوذ مدمر
ويرى فرانتزمان أن الاحتجاجات الأخيرة توفر لواشنطن فرصة لدعم عراقيين يواجهون نفوذ إيران المدمر في البلاد. ودون التدخل في العراق، تستطيع واشنطن إيجاد وسائل لدعم سكان محليين في الجنوب وضمن تنظيمات مناهضة لإيران. ويمكن لواشنطن أن تراقب وتكشف عن وسائل يتم من خلالها اختلاس النفط والمياه والكهرباء وتحويلها إلى إيران، فضلاً عن التدقيق في الدرجة التي وصل إليها النفوذ الإيراني فوق حكومة التحالف الجديدة. وتستطيع واشنطن العمل بشكل خاص ووثيق مع حكومة كردستان، شمال البلاد، وهي منطقة آمنة وأكثر استقراراً في العراق.

رسالة
وحسب تقرير نشر في عام 2017، قدمت الولايات المتحدة الدعم إلى أقليات استهدفها داعش في سهول نينوى، حيث استثمرت في أكثر من 60 مشروعاً.

ويرى كاتب المقال أن مثل تلك المساعدات ضرورية من أجل إعادة الاستقرار إلى منطقتي الموصل وكركوك حيث نفذ داعش أبشع هجماته الدموية، ومجازره، قبل أربع سنوات وحسب. وسوف تساعد في تسريع تعافي العراق. وفي السياق نفسه، تكون واشنطن قد بعثت برسالة إلى بغداد تدعوها ألا تواصل العمل مع ميليشيات مدعومة إيرانياً ومعادية لأمريكا، تماشياً مع تحذيرات وجهها مسؤولون أمريكيون.

ويختم كاتب المقال رأيه بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة غزت العراق في عام 2003 بهدف خلع طاغيته صدام حسين، ونجحت في ذلك. ولذا ليس هناك ما يدعو واشنطن اليوم لتقديم مساعدات إلى بغداد من أجل دعم حكومة مدعومة إيرانياً، فيما يوجد لها حلفاء في مناطق أخرى في العراق.