نائب رئيس دولة الإمارات، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد.(أرشيف)
نائب رئيس دولة الإمارات، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد.(أرشيف)
الأحد 5 أغسطس 2018 / 19:59

وما أدراك ما السياسة!

ولم يفت سموه وهو السياسي الخبير، صاحب التجربة السياسية المنجزة، أن ينبه إلى مكمن الخلل، ويشخص أعراضه، ويصف الحل في تحديد وظيفة السياسي

تشيع في الأدب العالمي أفكار مؤداها أن السياسة صعبة على العامة، وأن البعد عنها وعن ممتهنيها غير النزهاء غنيمة. وهي قناعات تتكرر كثيراً في أمثال الشعوب وحكمها وقصصها ورواياتها وموروثها الفكري. هذا الحكم ليس خاصاً بأمة من الأمم. بل يمكن أن نقول بكثير من الثقة إنه من التراث العالمي المشترك.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ذو الرؤية الإنسانية العميقة نطق عن حكمة متصلة بهذا التراث الإنساني المشترك، فقال في عبارات موجزة على حسابه في تويتر تحت وسم (علمتني الحياة) الذي تعود فيه سموه أن يكتب كل صيف عن بعض الرؤى من مسيرته في القيادة والإدارة لينقل للأجيال القادمة بعضاً من الأفكار والإلهام.

في البداية أعلنها سموه صريحة وواضحة وصادمة للشعوب التي لا تملك إلا بضاعة الخلاف والاختلاف: "إن الخوض الكثير في السياسة في عالمنا العربي مضيعة للوقت، ومفسدة للأخلاق، ومهلكة للموارد، من يريد خلق إنجاز لشعبه فالوطن هو الميدان، والتاريخ هو الشاهد، إما إنجازات عظيمة تتحدث عن نفسها أو خطب فارغة لا قيمة لكلماتها ولا صفحاتها".

ثم حلل سموه وهو الإداري المحنك، صاحب التجربة الإدارية الملهمة، أن مشكلة الوطن العربي هو كثرة متعاطي السياسة فيه "لدينا فائض من السياسيين في العالم العربي ولدينا نقص في الإداريين. أزمتنا أزمة إدارة وليست موارد" وأتبع هذا التوجيه بتفصيل يقارن بين دول محدودة الموارد لكنها أصبحت من القوى العظمى بفضل الإدارة الناجحة، ودول عظيمة الموارد ما زالت تعاني العجز في تلبية المتطلبات الأساسية لشعوبها.

ولم يفت سموه وهو السياسي الخبير، صاحب التجربة السياسية المنجزة، أن ينبه إلى مكمن الخلل، ويشخص أعراضه، ويصف الحل في تحديد وظيفة السياسي "في عالمنا العربي السياسي هو من يدير الاقتصاد، ويدير التعليم، ويدير الاعلام، ويدير حتى الرياضة! وظيفة السياسي الحقيقية هي تسهيل حياة الاقتصادي والأكاديمي ورجل الأعمال والإعلامي وغيرهم. وظيفة السياسي تسهيل حياة الشعوب، وحل الأزمات بدلا من افتعالها، وبناء المنجزات بدلا من هدمها".

تلك أقوال حكيمة من الشيخ الحكيم، يصدقها واقع عربي صعب، أهلكه رجال سياسة أرادوا الحكم مطية للمصالح، ورجال دين ألبسوا السياسة ثوب الدين طمعاً في المناصب. فهل يعتبرون؟