دروز إسرائيليون يحتجون ضد قرار الدولة القومية.(أرشيف)
دروز إسرائيليون يحتجون ضد قرار الدولة القومية.(أرشيف)
الإثنين 6 أغسطس 2018 / 19:38

المخدوعون.. دروز وبدو إسرائيل وأكراد ودواعش سوريا

سقط الرهان الدرزي على الغرباء وعلى "العدالة الإسرائيلية" وشعر دروز إسرائيل بالخديعة وباتوا يحسدون إخوتهم من دروز الجولان المحتل على خيارهم الاحتفاظ بعروبتهم في مواجهة الاحتلال

في منطقتنا يتعلم الناس بالصدمة، ويأخذون العبر من الخيبات الثقيلة التي تبدد رهانات غبية يدوم بعضها عشرات السنين.

يحدث هذا الآن في فلسطين، حيث يصر قادة إسرائيل على مشروع التهويد المسمى خطأ قانون القومية، لأن الدين ليس بديلاً للعرق في التعريف العلمي للقومية، ولأن من يشملهم القانون في القومية المستحدثة ينتمون إلى مجموعات عرقية متباعدة في التكوين وفي الانتشار الجغرافي، ولا يمكن في التعريف الواقعي أن يشكلوا شعباً ناهيك عن أمة.

شكل الإعلان عن مشروع الدولة القومية صدمة موجعة للدروز الذين اختاروا منذ نشأة الكيان الاحتلالي الاصطفاف مع هذا الكيان والدفاع عن الوجود الغريب في الأرض الفلسطينية، بل إنهم انخرطوا في جيش الاحتلال وقواته الأمنية، وكانوا ولا يزالون الأشرس والأعنف في الولاء للغرباء وفي التنكيل بأهل البلاد.

كان الدروز ومعهم بعض الشركس والبدو في فلسطين يعتقدون أن وجودهم مرتبط بوجود الاحتلال، وأن تقدمهم ورفاهيتهم مرتبطة بقوة ومنعة إسرائيل، وظنوا مخطئين أن يهود إسرائيل لن ينسوا جميلهم، ولن يفرطوا بهم وسيظلون أوفياء لمن ارتدوا على أهلهم وعلى أنفسهم. لذا كانت صدمتهم كبيرة بالإصرار الإسرائيلي على المضي في الانتقال من صهيونية الدولة إلى يهوديتها، وحرمانهم من حقوق المواطنة في الكيان الاحتلالي الذي ضحوا بأرواحهم من أجل بقائه!

لن تكون لهم حقوق سياسية، ولن تظل لهم حصة في المناصب القيادية، بل سيتم التعامل معهم كأقلية بمنحهم الحد الأدنى من الحقوق المدنية، وما تيسر من مشاريع تنموية فائضة عن حاجة "المجتمع اليهودي".

بالطبع، لم يكن الأمر مريحاً لقادة الدروز الذين تداعوا للاحتجاج، لكن صوت التابع والذيلي لا يمكن أن يكون مسموعاً، وجاء الرد حاسماً على لسان رئيس حكومة الكيان الاحتلالي بنيامين نتانياهو بأن لا تراجع، ولا تعديلات في القانون العنصري.

سقط الرهان الدرزي على الغرباء وعلى "العدالة الإسرائيلية" وشعر دروز إسرائيل بالخديعة وباتوا يحسدون إخوتهم من دروز الجولان المحتل على خيارهم الاحتفاظ بعروبتهم في مواجهة الاحتلال، والحفاظ على نقاء بيئتهم المحلية من ملوثات الارتباط بالمشروع اليهودي.

وكذلك، يجاهر بعض بدو النقب الذين راهنوا على عدالة إسرائيل بغصتهم وغضبهم من القانون العنصري الذي يبقيهم مجرد أدوات هامشية في المشروع الاحتلالي الذي يقضم حتى ممتلكاتهم وواجهاتهم العشائرية.

ما حدث لهؤلاء حدث لغيرهم في سوريا، حيث قفز أكراد البلاد إلى ركوب موجة الخراب الربيعي في الوطن السوري، وانخرطوا في مشروع موجه عن بعد لتقسيم سوريا تحت يافطة العدالة والحريات وحقوق الانسان. وتحولوا فجأة إلى جيش تدربه وتسلحه الولايات المتحدة من أجل تمكينه من حكم أجزاء من الدولة السورية تعيش فيها أغلبية سورية كردية.

لكنهم، وفي رمشة عين، وجدوا أنفسهم بلا حليف وبلا غطاء عندما تخلت عنهم أمريكا وقدمتهم كجائزة ترضية ضمن صفقة التفاهم مع روسيا في الموضوع السوري.

هؤلاء كانوا أسرع من الدروز في المبادرة إلى إعادة التموضع، وقد تلقوا الصدمة فانفعلوا، لكنهم سرعان ما تراجعوا عن تحالفهم، وبادروا إلى فتح قنوات اتصال سياسي مع النظام للتوصل إلى تسوية تضمن بقاءهم في الوطن السوري، ولا تشمل المطالبة بما يتجاوز الحكم الذاتي المحلي على مستوى الإدارة المدنية والخدمات الحكومية في مناطقهم.

وكان حال الأكراد كحال الدواعش والأصوليين الظلاميين الذين وجدوا أنفسهم فجأة مكشوفين في ساحات المواجهة، وتم طردهم من معظم المناطق التي اجتاحوها بالرعب وبالإرهاب، ووجدوا أنفسهم مشحونين في عربات النقل إلى إدلب التي لا يعرف أحد موعد معركتها الأخيرة.

كان هؤلاء يراهنون على دعم أمريكي وإسرائيلي وتركي غير محدود لنشاطهم التخريبي في الأرض السورية، وخاب رهانهم البائس عندما تحولوا إلى مجرد مادة للتفاوض والصفقات.

في النهاية تظل الحقيقة الحية تؤكد أنهم هم، وليس غيرهم، من اختار الارتباط بالغرباء، لذا لن يبكي معهم أو عليهم أي من أهل البلاد.