المبعوث الاممي نيكولاي ملادينوف.(أرشيف)
المبعوث الاممي نيكولاي ملادينوف.(أرشيف)
الثلاثاء 7 أغسطس 2018 / 19:47

الحل الإنساني هو الحل السياسي

في لعبة كهذه ينبغي الانتباه أولاً وأخيراً إلى إسرائيل، فهي مالكة الورقة الأقوى في أمر المساومات الجارية حول غزة، رغم أنها لا تخفي انزعاجها من مسيرات العودة والطائرات الورقية

تحتل غزة الآن مكانة مهمة في الاهتمام الدولي، وهذا من خلال قيادة السيد نيكولاي ملادينوف المبعوث الاممي، للتحرك من أجل معالجة إن لم تكن دائمة فطويلة الأمد لقضية غزة.

تقول حماس المتوغلة في الجهود الأممية المنسقة مع مصر، إنها ستقبل تسوية إنسانية تخفف أو تنهي الحصار عن غزة دون أن تقدم ثمناً سياسياً لذلك، وتُتهم حماس المرنة في التعاطي مع مصر وميليدانوف من قبل غريمتها في رام الله، بأنها ضالعة في التهيئة لصفقة القرن، التي تبدأ تطبيقاً من غزة وتحت شعارات إنسانية لتنتهي في الضفة بخلاصات سياسية.

في لعبة كهذه ينبغي الانتباه أولاً وأخيراً إلى إسرائيل، فهي مالكة الورقة الأقوى في أمر المساومات الجارية حول غزة، رغم أنها لا تخفي انزعاجها من مسيرات العودة والطائرات الورقية والبالونات المحترقة، يضاف إلى ذلك أن إسرائيل لا تخفي حرصها على أن لا تنجر إلى حرب مع غزة، بينما الأجواء المحيطة بإسرائيل وخصوصاً على الجبهة الشمالية، تحتم هدوءاً على كل الجبهات لمعالجة التطورات المحتملة، غير أن لإسرائيل سقفاً في التعاطي مع غزة لا تتجاوزه، فسواء حصل وقف لإطلاق النار أو لم يتم، فإنها وفي كل تسوية محتملة ستضمن بقاء اليد العليا لها حتى في أصغر التفاصيل، فإن تطلبت التسوية إدخال مواد إلى غزة فهي من يتحكم، وإن احتاجت غزة لدعم اقتصادي من خلال تشغيل آلاف العمال في إسرائيل، فهذا أيضاً في يدها، أما الرصيد الاستراتيجي المتمثل بالتفوق العسكري، فهذا ما يُلجئ إليه في آخر المطاف.

الإسرائيليون يسعون ومنذ زمن لأن تكون حماس هي الضامن المحلي لعدم الاعتداء عليها، ومن خلال جهود التهدئة وتخفيف الحصار نستطيع القول إنها ضمنت ذلك، ويغنيها عن التورط في حروب محدودة أو واسعة لا تحبذها، إذا فما يجري الآن ومن خلال إكثار الحديث عن الجزء الإنساني منه هو في صلب العمل السياسي على الأقل لهذه المرحلة التي تتريث فيها أمريكا في إعلان صفقة القرن، فهذه الصفقة تختلف عن كل سابقاتها من المحاولات بأنها ربما تعلن بعد أن تكون قد فرضت على الأرض بإجراءات متنوعة، فما حدث حتى الآن في المجال الفلسطيني الإسرائيلي، ينبئ أن صفقة القرن ماضية في التنفيذ دون أن تعلن.

الأيام القليلة القادمة ستحمل حتماً مقدمات ميدانية لما سيكتمل ولو على مراحل في أمر الحل السياسي للقضية الفلسطينية، فحين ينزع الفتيل الغزي ويجري ترويض الحالة تحت عنوان التهدئة والتنمية، يصبح منطقياً استنتاج حل متدرج للوضع كله.

المرحلة القادمة تتطلب تسوية فلسطينية فلسطينية، وهذا ما يجري العمل المصري بدأب عليه، فإن سارت الأمور كما هو مخطط لها على كل المسارات، فالحل يصبح ممكناً، أما إذا لم تسر وتعطلت أو انهارت، فإسرائيل جاهزة للجراحة.