العلمان الأمريكي والتركي.(أرشيف)
العلمان الأمريكي والتركي.(أرشيف)
الأربعاء 8 أغسطس 2018 / 14:35

في التصعيد المتبادل حول ملف برانسون.. تركيا ستخسر

رأى وزير الخارجية التركي الأسبق يشار ياكيس أنّ العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا بلغت منحدراً جديداً بعدما عاقبت الإدارة الأمريكية حليفتها في الناتو.

الولايات المتحدة لن تقبل بأي شيئ أقل من إطلاق سراح القس. إذا أخطأت تركيا مجدداً في قراءة هذه الرسالة ولم تعمد إلى اتخاذ خطوة شجاعة لتغيير مسار الأحداث فقد يستمر التصعيد

 وذكّر قراءه في صحيفة "ذي آراب نيوز" السعودية بأنّ نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس حذّر الأتراك في لقاء حول الحريات الدينية بلهجة قلّما استُخدمت في التخاطب الديبلوماسي: "إلى الرئيس أردوغان والحكومة التركية، لدي رسالة بالنيابة عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية: أطلقوا سراح برانسون الآن أو استعدّوا لمواجهة العواقب".

إذا نصح المقربون من أردوغان أنّ هذه العبارات ستبقى مجرد تهديدات كلامية، فعندها سيكون تقييمهم خاطئاً. ومن المحتمل أن يكون المحيطون به قد أعطوه التقييم الصحيح لكنّ أردوغان قرر تجاهله. إنّ مصرفيين التقوا بمسؤولين أتراك قالوا إنّ التهديد بفرض عقوبات لم يتم أخذه بجدية في أنقرة. لكن بعد ستة أيام على تحذير بنس، فرضت واشنطن العقوبات على وزيرين تركيين. بتلك الخطوة، أدخلت الولايات المتحدة ممارسة جديدة في العلاقات الدولية حيث حلت مسألة خلافية بين دولتين سيدتين من خلال تحرك أحادي بدلاً من المفاوضات.

في خانة القادة الفاسدين
إنّ التحرك الأمريكي هو أول إجراء تتخذه أمريكا ضد وزراء من دولة حليفة. وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" هذه الخطوة بأنها "استخدام استثنائي للعقوبات المالية ضد حكومة حليفة". يضيف ياكيس أنّ ذلك سيضر بمصالح الدولتين بلا شك. لقد تم فرض العقوبات وفقاً لقانون ماغنيتسكي لحماية حقوق الإنسان من الانتهاك. إذاً، تم وضع الوزيرين التركيين في الخانة نفسها لرئيس غامبيا السابق الفاسد يحيى جامي والعضو السابق في مجلس شيوخ جمهورية الدومينيكان فيليكس بوتيستا المتورط في قضية فساد بقيمة 10 مليون دولار. وعومل الوزيران أيضاً كما عومل ضابط الشرطة الوطنية في نيكاراغوا فرانسيسكو خافييير دياز مادريز الذي كان متورطاً بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

تركيا أدركت مرارة الواقع
لقد كان على أنقرة أن ترد على هذه الخطوة لأنها ضربت كرامتها الوطنية، لكن إذا استمر التصعيد فستعاني تركيا أكثر من الولايات المتحدة. أدركت تركيا هذا الواقع المرير لذلك بدأت بتركيز جهودها على تبديد التوتر، لكنّ الخطوات غير المدروسة التي تم اتخاذها في وقت سابق أعطت الولايات المتحدة اليد العليا. ستزيد السياسات الداخلية هذه التوترات في كلتا الدولتين. ستشهد الولايات المتحدة انتخابات نصفية في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وسيكون الناخبون البروتستانت محوريين في ذلك الاستحقاق. وستنظم تركيا انتخابات بلدية السنة المقبلة وكل ما تفعله أنقرة اليوم سيؤثر على نتائجها لاحقاً. تنطوي الأزمة على مخاطر التصعيد وأمكن أن تسلك اتجاهاً إيجابياً لو استُخدم المزيد من اللياقة والحكمة. لكن تم تضييع تلك الفرصة.

واشنطن لن تتراجع
بعد اجتماع في سنغافورة مع نظيره التركي، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إنّه توجب إطلاق سراح برانسون منذ زمن طويل آملاً أن يتم ذلك في الأيام المقبلة. كان المقصود من هذا الكلام أنّ الولايات المتحدة لن تقبل بأي شيئ أقل من إطلاق سراح القس. إذا أخطأت تركيا مجدداً في قراءة هذه الرسالة ولم تعمد إلى اتخاذ خطوة شجاعة لتغيير مسار الأحداث فقد يستمر التصعيد ويمكن أن يعاني الاقتصاد التركي الهش من خسائر كبيرة. وإن لم يكن ذلك كافياً، فهنالك موجة جديدة من الإجراءات تلوح في الأفق وتتبناها لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ تقضي بحرمان تركيا من الانتفاع من قروض المؤسسات المالية الدولية.

الحل ليس بالاندفاع نحو موسكو
تكمن المفارقة في أنّ قضية برانسون أصبحت عنصراً أكثر إثارة للتوتر في العلاقات الثنائية بعدما تم نقله إلى الإقامة الجبرية. ويخوض الأتراك نقاشاً حول أنّ برانسون لم يكن يشكل تهديداً كهذا حين كان في السجن. ستُدفع تركيا أكثر باتجاه روسيا إذا لم يتم إيقاف التصعيد علماً أنّ العلاقات بين أنقرة وموسكو ليست خالية من القضايا الخلافية. خلال الأسبوع الماضي، قال المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف إنّ بلاده أصرت دوماً على وجوب انسحاب الجنود الأتراك من سوريا بعد انتهاء عملياتهم ومهماتهم في المنطقة. ورجح ياكيس أن تواجه تركيا صعوبات على هذه الجبهة أيضاً، مشيراً إلى أنّه لم يتبق إلا توجيه نصيحة للطرفين بانتهاج الحذر.