علما الاتحاد الأوروبي وإيران.(أرشيف)
علما الاتحاد الأوروبي وإيران.(أرشيف)
الإثنين 13 أغسطس 2018 / 15:22

إلى متى سيواصل الأوروبيون غض النظر عن التهديد الإيراني؟

انتقد محرر الشؤون الدفاعية والخارجية في صحيفة "ذا دايلي تيليغراف" البريطانية تلكؤ القوى الأوروبية البارزة في دعم إدارة ترامب بتطبيق العقوبات الجديدة ضد إيران.

لا يزال الاتحاد الأوروبي يصر على غض النظر عن النشاطات الإيرانية العدوانية، والاعتماد على وهم أنّ الحفاظ على العلاقات التجارية مع إيران سيمكنها من تحسين السلوك الإيراني

 وكتب في صحيفة "ذا ناشونال" الإمارتية أنّ هذا التلكؤ قد يعمّق الشقاق الخطير الذي يظهر في العلاقة العابرة للأطلسي. كانت التوترات تتصاعد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد تهديد ترامب ببدء حرب تجارية مع أوروبا بسبب ما يراه كسياسات حمائية تعتمدها بوجه التجارة الأمريكية. وقد يشهد هذا التوتر مزيداً من التصعيد لو استمر الاتحاد الأوروبي بمعارضة قرار واشنطن فرض العقوبات على إيران لتقييد نفوذها الخبيث في الشرق الأوسط.

لقد أوضحت إدارة ترامب بشكل لا لبس فيه أنّها ستتخذ نظرة متشددة تجاه الشركات الأوروبية التي تواصل علاقاتها التجارية مع طهران وهو أمر يؤدي إلى التخفيف من آثار العقوبات الأمريكية. وقال الرئيس الأمريكي إنّ أي جهة ستتعامل مع إيران لن تحظى بإمكانية مواصلة علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة.

الشركات الأوروبية تشكك بخطوة الاتحاد
لكن بدلاً من فهم التلميح، عارضت القوى الأوروبية البارزة إلى جانب منسقة الشؤون السياسية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الخطوة الأمريكية. ونصح الاتحاد الأوروبي شركاته بالاستفادة مما يسمى ب "نظام الصد" الذي يدعي تأمين الحماية ضدّ أي غرامات أو إجراءات أخرى تتخذها واشنطن ضدها. لكن بما أنّه لم يتم اختبار هذا النظام مطلقاً، يشكك عدد من الشركات الأوروبية بأنه قادر على حمايتام من قوة القضاء الأمريكي. علاوة على ذلك، تصبح تلك الشركات أمام خيار التعامل مع السوق الإيرانية المحلية الصغيرة نسبياً أو خيار التعامل مع القوة الاقتصادية الأمريكية الهائلة.

بطريقة غير مفاجئة، يفضل معظم الأوروبيين الخيار الثاني كي لا يخاطروا بفقدان إمكانية الوصول إلى الأسواق المالية الأمريكية وكي لا يتعرضوا للغرامات. لذلك أعلنت شركات أوروبية عدة مثل أيرباص ودايملر وسيمنز وتوتال أنها تراجع أعمالها التجارية مع إيران.

أفضل من لخص الرؤية الأمريكية
إنّ إصرار بريطانيا وألمانيا وفرنسا على دعم بيان الاتحاد الأوروبي هو مصدر غضب حقيقي في واشنطن. الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي هو أنّ الحفاظ على الاتفاق النووي "مسألة احترام للاتفاق الدولية ومسألة أمن دولي". لكنّ موقف واشنطن مختلف تماماً ويقوم على أنّ فرض العقوبات أساسي للحفاظ على النظام الدولي من عدوان آيات الله المتزايد. وأفضل من لخص هذا الموقف كان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي قال إنّ العقوبات هي رد فعل على سلوك طهران العدائي: "نأمل أن تستطيع إيجاد سبيل للتحرك قدماً. لكن سيتطلب تغييراً هائلاً من جانب النظام الإيراني. سيتوجب عليهم التصرف كدولة طبيعية. هذا هو الطلب. إنّه بسيط للغاية".

ويفهم بومبيو الذي كان مديراً لوكالة المخابرات المركزية بشكل عميق سلوك إيران الخبيث على امتداد الشرق الأوسط والأمر نفسه ينطبق على وزير الدفاع جايمس ماتيس ومستشار شؤون الأمن القومي جون بولتون. لقد أصدروا تحذيرات متكررة لإنهاء تدخل إيران في سوريا والعراق واليمن، لكن من دون جدوى.

معاناة لفهم هذا العناد
عانت واشنطن كي تستطيع فهم عناد الدول الثماني والعشرين حول رفض دعم إجراءاتها ضد إيران. إنّ مواقف إيران العدوانية تفرض تهديداً على الأمن الأوروبي كما على الأمن العالمي وهذا ما أكدته مؤخراً صحيفة "ذا ناشونال" التي بيّنت كيف تدير إيران شبكة تجسس واسعة. أظهرت وثائق اطّلعت عليها الصحيفة نفسها أنّ الديبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، الموقوف في ألمانيا منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي لتخطيطه تفجير تجمع للمعارضة الإيرانية في باريس، كيف كان يدير حلقة تجسس أوروبية بهدف الحصول على تكنولوجيا تعزيز ترسانة النظام الصاروخية. وهدفت الخلية أيضاً إلى مهاجمة المجموعات المعارضة وشنّ عمليات الاغتيال.

الوهم الأوروبي مقابل الدليل
إذا أراد الأوروبيون إثباتاً على التهديد الذي تفرضه إيران على مصالحهم فها هو أمامهم. لكن مع ذلك، لا يزال الاتحاد الأوروبي يصر على غض النظر عن النشاطات الإيرانية العدوانية، والاعتماد على وهم أنّ الحفاظ على العلاقات التجارية مع إيران سيمكنها من تحسين السلوك الإيراني. هذه المقاربة فشلت في السابق ومن المرجح أن تفشل في المستقبل، وهذا ما يجب على الأوروبيين فهمه قبل إنزال المزيد من الضرر بحلفها الحيوي مع الولايات المتحدة.