نقش في المكتبة الوطنية الفرنسية يظهر توقيع معاهدة السلام في وستفاليا في نورمبرغ بألمانيا في يونيو 1650.(فورين بوليسي)
نقش في المكتبة الوطنية الفرنسية يظهر توقيع معاهدة السلام في وستفاليا في نورمبرغ بألمانيا في يونيو 1650.(فورين بوليسي)
الثلاثاء 14 أغسطس 2018 / 13:01

وستفاليا الشرق الأوسط...تجربة فريدة للسلام في المنطقة

ينكب عدد من الباحثين، وغالبيتهم يعملون مع جامعة كامبريدج البريطانية، وبتشجيع من الحكومة الألمانية، على وضع دراسة من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط، عبر الاستفادة من دروس وتجارب شهدتها أوروبا من نزاعات وحروب، في القرن السابع عشر.

طرحت اقتراحات بأن تضم قائمة المدعوين إلى المؤتمرات وفوداً رسمية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وإيران وتركيا والسعودية والعراق، بالإضافة لوفود تمثل النظام السوري والمعارضة

ويتركز هدف الباحثين على تنظيم مؤتمر خاص بالشرق الأوسط على نسق سلسلة من اللقاءات الديبلوماسية أنهت حروب ثلاثين عاماً دمرت ما يعرف اليوم باسم ألمانيا.

ورشات عمل

ويلفت بروزو داراغاهي، صحفي مقيم في اسطنبول غطى أحداث الشرق الأوسط لأكثر من 16 عاماً، إلى تطور مشروع الدراسة بعد ثماني ورشات عمل ومؤتمرات في كامبريدج ولندن وبرلين وميونيخ وعمان، حيث شارك فيها معنيون وصناع سياسات تتعلق بصراعات الشرق الأوسط، على أمل أن تكلل تلك اللقاءات بتمهيد الطريق لعقد سلسلة من المؤتمرات الكفيلة بالتوصل إلى صفقة عظمى.

ويلفت كاتب المقال لمصادقة أشخاص بارزين على المشروع، ومشاركتهم في مباحثاته، ومنهم ديفيد بترايوس، مدير أسبق لوكالة سي آي أي، وأحمد عبد الله غيث، سكرتير الأمين العام للجامعة العربية، وستيفان دي مستورا، المبعوث الدولي لسوريا، والأمير تركي الفيصل، وسيد حسين موسوي، عضو سابق في المفاوضات النووية الإيرانية. وقد شاركت حكومة الأردن في المؤتمرات والمباحثات بحضور فايز الطراونة، رئيس الديوان الملكي، والأمير فيصل، شقيق الملك. ومؤخراً، أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مصادقتها على المشروع.

صعوبات على الطريق
وحسب كاتب المقال، قد تروق فكرة تحقيق صفقة كبرى للسلام لعدد من اللاعبين في الشرق الأوسط، لكن يدرك منظمو المؤتمر أن التذكير بما جرى عند انعقاد مؤتمر السلام الخاص بأوروبا، يشير لصعوبات على الطريق.

وحسب داراغاهي، لطالما قارن باحثون وصحفيون الصراعات المتشابكة والمتداخلة الجارية حالياً في الشرق الأوسط بحرب الثلاثين عاماً، عندما انخرطت مجموعة من الأطراف البروتستانتينة في أوروبا في صراع مع ألمانيا الكاثوليكية مدعومين بقوى إقليمية متنافسة في حينه.

في ذلك الوقت، كانت فرنسا وإسبانيا والسويد تتحارب لبسط السيطرة والنفوذ. واليوم يتنافس كل من تركيا وإيران وروسيا والسعودية والولايات المتحدة، عبر قوى وكيلة سنية وشيعية، للسيطرة على منطقة مشتعلة تمتد عبر مساحة واسعة من الشرق الأوسط. وضمن ذلك القوس المضطرب، قتل مئات الآلاف بأثر ضربات جوية، وتشرد ملايين. ويعاني ملايين آخرين من الفقر والأمراض بسبب حروب استنزفت ميزانيات، ودمرت مشافي وطرقاً ومدارس، وأرهبت أجيالاً بأكملها.

أوجه شبه
وحسب كاتب المقال، كان ذلك النوع من الدمار الذي شهدته حرب الثلاثين عاماً، والذي تفاقم بسبب استخدام جيوش مرتزقة، هو ما دفع ديبلوماسيين مع امبراطورية روما المقدسة وفرنسا والسويد، وبعض الولايات الألمانية لعقد محادثات قادت في نهاية المطاف لتحقيق السلام في غرب أوروبا في عام 1648.

ولذا قال مايكل آكسورثي، باحث متخصص في الشؤون الإيرانية يعمل مع المشروع: "كلما تأملنا بما يجري في الشرق الأوسط وجدنا أوجه شبه مع حرب الثلاثين عاماً، من حيث الطبيعة الطائفية، واستخدام الوكلاء. كما نشهد اليوم كيف تقود الفوضى في بلد ما إلى اضطرابات في دول وأقاليم أخرى".

مواقع للقاءات
ويشير كاتب المقال لاقتراح الباحثين المشاركين في المشروع لعقد لقاءات ومؤتمرات في مدينتي عمان أو اسطنبول، حيث لحكومتيهما علاقات مع عدد من أطراف الصراع في المنطقة.

وفضلاً عن اختيار موقع مناسب، توفر اتفاقية السلام الأصلية لغرب أوروبا دروساً بشأن كيفية تنظيم حدث مشابه. وأهم تلك الدروس ضمان مشاركة جميع الأطراف المتناحرة في اللقاءات.

وقد طرحت اقتراحات بأن تضم قائمة المدعوين إلى المؤتمرات وفوداً رسمية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وإيران وتركيا والسعودية والعراق، بالإضافة لوفود تمثل النظام السوري والمعارضة، ولربما الأكراد وأطراف يمنية.

وفي هذا السياق، قال جوست هيلترمان، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مؤسسة "كرايسيس غروب": "ترفض أطراف في الشرق الأوسط الجلوس إلى أطراف أخرى معنية بصراعات المنطقة. ولا يمكن استبعاد أحد، لأنهم سيصبحون مفسدين لصفقة كبرى، قد تبدو جذابة، لكنها غير متوفرة حالياً".