الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد.(أرشيف)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد.(أرشيف)
الأربعاء 15 أغسطس 2018 / 13:00

من المغرب إلى إيران..روسيا تعود بقوة إلى المنطقة

يحذر بعض المحللين وصانعي السياسات في الغرب من وصول الروس إلى الشرق الأوسط. لكن شاك فريليش، زميل بارز لدى مركز بيلفر في جامعة هارفرد، يرى أن الروس ليسوا آتين إلى المنطقة، بل هم عائدون إليها.

انسحاب واشنطن من الصفقة الإيرانية دفع طهران للتقارب أكثر وأكثر مع روسيا، حليفتها القديمة. وتعتمد اليوم إيران على روسيا لمساعدتها في التغلب على عقوبات أمريكية، ولمنع إمكانية تنفيذ أي عمل عسكري ضدها

ويشير كاتب المقال إلى سعي موسكو لاستعادة مكانتها القديمة المفقودة في الشرق الأوسط، بعد عقود على نجاح الولايات المتحدة في تهميش الاتحاد السوفييتي فيها، وتحولها قوة إقليمية رائدة.

فك ارتباط جزئي
وحسب الكاتب، بدأت العملية عبر فك ارتباط جزئي من المنطقة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وتسارع في ظل إدارة ترامب. وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فقد تحل روسيا سريعاً مكان الولايات المتحدة.

ويشير فريليش لتنامي نفوذ روسيا بوضوح عبر المنطقة، من المغرب إلى إيران. وحصل هذا التحول الملحوظ، نتيجة استراتيجية بوتين خصوصاً في استعادة مكانة روسيا كقوة عظمى، وديبلوماسية ذكية مقرونة باستعداد لبيع أسلحة ومفاعلات للطاقة النووية لكل من يطلبها.

مساران خطيران
وباعتقاد الكاتب، فيما انصب الاهتمام الدولي على برنامج إيران النووي، كانت روسيا تلعب دوراً رائداً في مسارين خطرين آخرين يجريان في المنطقة، سباق تسلح تقليدي واسع – حيث اشترت دول الخليج وحدها أسلحة بقيمة 1.3 تريليون دولار من 2000 و2014، وجرى اندفاع هائل للحصول على مفاعلات للطاقة النووية.

ويرى كاتب المقال أن جميع برامج المفاعلات النووية تلبي احتياجات مشروعة للطاقة، ولكن برامج نووية "مدنية" في الشرق الأوسط قد تتحول إلى برامج عسكرية.

تردد حيال امريكا
وحسب الكاتب، يتردد اليوم حلفاء أمريكا في المنطقة في وضع جميع حاجاتهم الأمنية والاستراتيجية في الأيدي الأمريكية. وفيما هم يرحبون رسمياً بنهج ترامب الأكثر تشدداً، لم تلتئم، برأيهم، بعد جراح الضعف الأمريكي إبان عهد أوباما.

فقد أبدت مصر غضبها حيال الدعم الأمريكي غير الكافي لنظام مبارك، ومن ثم فرض عقوبات أمريكية على مبيعات أسلحة، ما قاد لتطور ملحوظ في علاقات مصيرية مع روسيا. وقد أثمر ذلك التعاون عن صفقة لشراء أربعة مفاعلات نووية روسية. وقد استعيدت العلاقات العسكرية بين البلدين، ومنها بيع عشرات من مقاتلات متطورة، ومروحيات هجومية وصواريخ S-300، فضلاً عن إجراء تدريبات عسكرية جديدة مشتركة.

نجاح بثمن بخس
ومن جانب آخر، يقول الكاتب إن روسيا حققت نجاحاً عسكرياً عند تدخلها في سوريا، بواسطة سربين مقاتلين فقط، ما أدى لإنقاذ نظام الأسد بثمن بخس بالنسبة لروسيا، حيث تركت مهمة القتال البري الدموي لإيران وحزب الله. وقد ثبت خطأ فرضية أوباما أن سوريا سوف تضعف ذاتياً، وتتحول إلى فيتنام بالنسبة لروسيا.

وهكذا أصبحت روسيا لاعباً رئيسياً في سوريا، وهي تضمن وجوداً طويل الأمد عبر التزام رسمي سوري بمنحها قواعد جوية وبحرية.
وتحولت سوريا من دولة ذات أهمية قليلة بالنسبة لأمريكا إلى نقطة هامة بالنسبة لمعظم قضايا المنطقة، بما فيها المواجهة السنية – الشيعية، والحرب ضد داعش والتوسع الإيراني، واحتمال وقوع حرب بين إسرائيل وإيران. ويوفر وجود روسيا في سوريا فرصة لها لممارسة نفوذها بشأن جميع تلك القضايا.

تقارب
وعلى الضفة الإيرانية، يقول الكاتب إن انسحاب واشنطن من الصفقة الإيرانية دفع طهران للتقارب أكثر وأكثر مع روسيا، حليفتها القديمة. وتعتمد اليوم إيران على روسيا لمساعدتها في التغلب على عقوبات أمريكية، ولمنع إمكانية تنفيذ أي عمل عسكري ضدها.
وأما تركيا، التي كانت طوال عشرات السنين حليفاً للناتو ومعادياً للروس، فقد بدأت تتودد لموسكو ويبدو أنها ماضية في شراء صواريخ S-400 رغم معارضة شديدة من قبل حلفائها في الناتو.

ويشير الكاتب لتوقيع روسيا صفقات لبيع تونس مفاعلات نووية، وصفقات أسلحة مع عدد من دول الخليج بما فيها صواريخ S-400 .
وفي الوقت ذاته، طورت روسيا علاقة وثيقة مع إسرائيل، حيث أصبح احتمال وقوع صراع إسرائيلي مع إيران/ حزب الله في سوريا، أو مع إيران بسبب برنامجه النووي، يتوقف إلى حد كبير على الدور الذي تلعبه روسيا في المنطقة. ونتيجة له قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بعشر زيارات لبوتين في موسكو خلال العامين الأخيرين.