صورة مركبة لعملة تركية مع صورة الرئيس رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
صورة مركبة لعملة تركية مع صورة الرئيس رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الأربعاء 15 أغسطس 2018 / 14:03

أردوغان يتعامل مع انهيار الليرة التركية بجنون عظمة وتخيلات

رأى ديفيد روزنبرغ، مراسل صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن أفعال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هي السبب في معظم الأزمات الاقتصادية التي تواجهها تركيا؛ حيث استحوذ على السلطة منذ 16 عاماً تزايد خلالها نفوذه ووضع سياسات اقتصادية غير مسؤولة أدت إلى تدهور الليرة التركية.

بدلاً من الاعتراف بأخطأئه الفادحة، يلقي أردوغان باللوم في فشل الاقتصاد التركي على المؤامرات الأجنبية

ويشير روزنبرغ إلى أن أردوغان يلجأ إلى التخيلات وجنون العظمة في التعامل مع أزمة انهيار العملة، وبدلاً من الاعتراف بأخطأئه الفادحة، يلقي باللوم في فشل الاقتصاد التركي على المؤامرات الأجنبية. وتزيد قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأمور سوءاً.

سلطات أردوغان الاستثنائية
ويعتبر مراسل "هآرتس" أن الناخبين الأتراك توافرت لديهم مرات عديدة فرصة لوضع حد لهذا الأمر، ولكنهم بدلاً من الاستغادة منها، كانوا يصرون على إعادته إلى السلطة، كما اتخذوا موقفاً سلبياً عندما أعاد أردوغان فرض حكم الطوارئ بعد محاولة الانقلاب الفاشلة خلال 2016، ومنحوه سلطات استثنائية بموجب الدستور المعدل. وفي غضون تلك الفترة، شهدت البلاد طفرة اقتصادية قائمة على الأموال الرخيصة ورأس المال الخارجي والتنمية العقارية.

بيد أن استمرار تلك الطفرة الاقتصادية لم يكن أمراً ممكناً، وبحلول ربيع هذه السنة كان واضحاً أن سنوات الازدهار أوشكت فعلاً على الانتهاء. ومع ذلك، عمد الناخبون الأتراك إلى إعادة انتخاب أردوغان وهم على دراية كاملة، بحسب مراسل الصحيفة الإسرائيلية، أنه لن يستمر في اتباع إستراتيجيته الاقتصادية الغريبة فحسب (التي يرتكز مفهومها الأساسي على أن ارتفاع أسعار الفائدة يسبب التضخم) ولكنه لن يسمح لأي مؤسسة لديها تمكين قانوني بمقاومته.

أزمة انهيار الليرة التركية
وهذا ما يحدث الآن؛ حيث تنهار الليرة التركية؛ ومن ثم فإن قطاع الشركات المديونة بالدولار سيكون عاجزاً عن تسديد تلك الديون، الأمر الذي يهدد بحدوث أزمة مصرفية تزيد من معدل التضخم المرتفع بالفعل في تركيا، ومن السهل أن يدفع ذلك الاقتصاد إلى ركود عميق.

ويوضح مقال "هآرتس" أن لا طريقة سهلة لحل هذه الأزمة بالنسبة للحكومة، ولكن الحل الفوري الواضح يتمثل في قيام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة إلى معدلات أعلى بكثير من المعدلات الحالية لتحقيق استقرار سعر الصرف على الأقل، فهذا ما كانت ستفعله أي حكومة عادية قبل أن تفقد 40% من قيمة عملتها، كما حدث بالنسبة لليرة التركية.

ولكن بدلاً من ذلك، قدم البنك المركزى التركي ووزير المالية (صهر أردوغان) بعض المسكنات التي جاءت في شكل سيولة إضافية للنظام المصرفي في وقت يتطلب إجراء عملية جراحية كبرى. وفي الوقت الراهن على الأقل، لن يكون هناك ارتفاع في المعدلات أو ضوابط لرأس المال بسبب التراجع، ويبدو أيضاً أن خيار خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي ليس مطروحاً لأنه يتطلب من أردوغان تبني سياسات يعارضها بشدة، وتعني قبوله بمستقبل مهين يتلقى فيه الأوامر من مؤسسة خارجية.

أخطاء فادحة
ويرى مقال الصحيفة الإسرائيلية أن سياسة أردوغان الاقتصادية ترتكز على شقين وهما الخيال وجنون العظمة، وبدلاً من من الاعتراف بأخطأئه الفادحة التي دفعت البلاد إلى أزمة، يلقي أردوغان اللوم بفشل الاقتصاد التركي على المؤامرات الأجنبية. وقد استخدم أردوغان خطابه المعهود وحض الشعب التركي على الدفاع عن البلاد ومواجهة الهجوم الاقتصادي ضدها من خلال تحويل مدخراتهم الأجنبية إلى الليرة وزيادة الصادرات.

ويقول المقال "ربما يحصل أردوغان على صادرات إضافية، ولكن ليس نتيجة استجابة رجال الصناعة الأتراك الوطنيين لدعوته، وإنما بسبب انهيار قيمة الليرة، التي ستجعل أسعار السلع التركية أكثر تنافسية في الخارج. أما بالنسبة إلى تغيير العملات الأجنبية إلى الليرة فإن هذا الأمر لن يحدث، وبخاصة لأن سبب انهيار الليرة يعود إلى تخلى الأتراك عنها لفترة طويلة، ولا توفر سياسات أردوغان للأتراك أي سبب جيد لتغيير موقفهم".

ويعتبر المقال أن الاقتصاد التركي محكوم عليه بالفشل، ولكن هل ينزلق معه بقية العالم؟ فمنذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مضاعفة التعريفات الجمركية على الفولاذ والألومنيوم المستوردين من تركيا، لم تغرق الليرة التركية فحسب ولكن أيضا الأسهم العالمية والعديد من عملات الأسواق الناشئة.

عقوبات ترامب والاقتصاد العالمي
وثمة شقان للقلق بحسب المقال، أولهما مخاوف من عجز الشركات التركية عن سداد الديون للبنوك الأوروبية، وثانيهما الخوف من إحتمالية مواجهة اقتصادات الأسواق الناشئة الإشكاليات ذاتها في ما يتعلق بمديونية الدولار وارتفاع أسعار الفائدة على الدولار مثل تركيا. ولكنها مخاوف مبالغ فيها، برأي مراسل هآرتس، ولكن ثمة سببان آخران يدفعان إلى القلق فعلاً، ويتمثل السبب الأول في أن الترابط بين الأسواق يجعل من الصعب للغاية قياس المخاطر كما أظهرت ذلك بوضوح الأزمة المالية لعام 2008، أما السبب الآخر فهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويخلص المقال إلى أن الرئيس ترامب يبدو على استعداد بشكل متزايد لاستخدام الحرب الاقتصادية ضد أعدائه دون النظر إلى التداعيات الأوسع لما يقوم به، وتتزايد على نحو سريع قائمة الدول التي تواجه عقوبات جديدة أو عقوبات متصاعدة أو مضاعفة التعريفات الجمركية مثل المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي والصين واليابان وروسيا وإيران والآن تركيا. ولا يزال التأثير المباشر على الاقتصاد العالمي محدوداً ولكن يتزايد التأثير التراكمي في كل مرة يتخذ فيها ترامب إجراءات جديدة.