الرئيس التركي رجب طيب أردوغان(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان(أرشيف)
الخميس 16 أغسطس 2018 / 11:51

انهيار الليرة التركية..كارثة جيوسياسية يتحملها أردوغان

يروق لبعض المحللين والمراقبين السياسيين تحميل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مسؤولية معظم ما يجري في عالم اليوم. إلا أن كيم سينغوبتا، محرر شؤون عسكرية لدى صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية، يرى أنه ليس من العدل إرجاع الأزمة الاقتصادية الراهنة في تركيا بكاملها لقرار اتخذه ترامب بشأن رفع قيمة التعريفات الجمركية على صادرات تركيا من الفولاذ والألومينيوم.

الأتراك يرون اليوم رئيساً مسؤولاً عن اقتصاد مضطرب وعملة متهاوية. كما سيشهدون قيوداً فرضها زعيم لطالما وصف بأنه سلطان عثماني جديد

وفاقمت العقوبات التي فرضت على تركيا بسبب اعتقالها القس الإنجيلي، آندرو جاكسون، المشكلة بين البلدين. واتهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ترامب بطعنه في الظهر، وطالب الأتراك بالتوقف عن شراء منتجات أمريكية، كإجهزة شركة آبل، وادعى بأن "هجمات خارجية" تسببت بانهيار قيمة الليرة التركية.

تدخل متواصل
وبرأي كاتب المقال، يعود انخفاض قيمة الليرة وتوقعات بحدوث ركود اقتصادي في تركيا لا لرفع أمريكا قيمة تعريفات جمركية على الفولاذ والألومينيوم. فعندما يكون الاقتصاد طبيعياً ومتعافياً، أو شبه صحي، يستطيع التغلب على أزمة. ولكن سبب كل هذه الأزمة يرجع لتدخل أردوغان المتواصل في شؤون بلاده الاقتصادية بهدف تحقيق مكاسب سياسية.

ويقول الكاتب، في ظل تنامي تسلط الرئيس التركي، تبين بوضوح حقيقة اعتقاده بأحقيته في صياغة جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والتجارية. كما جاء فوزه في انتخابات الرئاسة الأخيرة بسلطات تنفيذية لا سابق لها، في تعزيز شعوره بذلك الاستحقاق.

أسباب موجبة
ويلفت كاتب المقال لاعتقاد أردوغان أن هناك أسباباً موجبة للسيطرة على الاقتصاد. وهو صرح مراراً بأن النمو الاقتصادي تحقق نتيجة حكمته وبعد نظره. وكان معظم ذلك مدفوعاً بتنفيذ مشاريع عملاقة، يجري استكمال مشروعين منها، هما مطار اسطنبول الجديد، الذي تقول أنقره إنه سيكون الأكبر في العالم، وقناة اسطنبول التي يفترض أن تربط بين البحرين الأسود ومرمرة.
وأصر الرئيس التركي على خفض معدلات الفائدة، مصرحاً بأنه "عدو لمعدلات الفائدة". ولذا تضاعف النشاط الاقتصادي ومعه صدرت تقارير عن عمليات خداع وفساد بشأن منح عقود مجزية.

تحذيرات
لكن، حسب كاتب المقال، تجاهل أردوغان كل ذلك، فضلاً عن استبعاده خبراء حاولوا التحذير من مخاطر هذا النهج، مشيراً إلى أنهم يتسببون بمشاكل هيكلية، فضلاً عن إحباط مستثمرين أجانب.

وفي الشهر الماضي، عين أردوغان صهره وزيراً للمالية، وتراجعت قيمة الليرة بعد إذاعة الخبر. وادعى الوزير الجديد بأن تداعي العملة وضعف الاقتصاد التركي يرجع "لعمليات ذات أصول خارجية تهدف لإسقاط الحكومة".
  
وانعكست وجهة نظر محللين أجانب عبر رد فعل نورا نوتبوم، من بنك آمرو الهولندي، التي قالت: "كانت الأسواق بانتظار تعيين مجلس الوزراء التركي، وبدت الإشارة واضحة: إنها ليست سياسة تسويق ودية، بل هي سياسة ودية لصالح أردوغان".

مزاعم
ويشير كاتب المقال لمزاعم أردوغان حيال أسباب سيطرته على البنك المركزي والسياسة النقدية في تركيا. فقد قال الرئيس التركي، خلال لقاء تلفزيوني عرض قبل ثلاثة أشهر "عندما يواجه الناس صعوبات بسبب سياسات مالية، فمن سيحملون المسؤولية؟ ونظراً لأنهم سيستفسرون من الرئيس عن أسباب تلك الأزمة، يجب أن نعطيهم صورة لرئيس ذي نفوذ على السياسة المالية".

ونتيجة له، يرى الكاتب أن الأتراك يرون اليوم رئيساً مسؤولاً عن اقتصاد مضطرب وعملة متهاوية. كما سيشهدون قيوداً فرضها زعيم لطالما وصف بأنه سلطان عثماني جديد. وتغلب أردوغان على عقبات محلية عبر طرده مسؤولين أو بواسطة سجن عشرات الآلاف من معارضيه.

لكن النظام المالي الدولي بعيد عن متناول يده، والصعوبات التي يتوقع أن يلاقيها أتراك عاديون قد تكون بداية النهاية لنهوض رجب طيب أردوغان. وسيكون لدونالد ترامب دوراً ثانوياً في ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.