الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر في أنقرة امس.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر في أنقرة امس.(أرشيف)
الخميس 16 أغسطس 2018 / 13:16

أردوغان.. الواهم بأن قطر ستنقذه

ذكر الباحث في "معهد بروكينغز" البروفسور عمر تاسبينار في صحيفة "ذي اراب نيوز" أنّ النظرة إلى الرئيس التركي تتغيّر بحسب الزاوية التي يُنظر من خلالها إليه. فهو إمّا سياسي عبقري نظراً لحسن اختيار توقيت الانتخابات بالاعتماد على قراءة المزاج الشعبي وإمّا أسوأ كابوس اقتصادي على بلاده.

اليوم يحارب أردوغان المنطق الاقتصادي السليم. إذا فاز فستخسر تركيا كلها

 حكم أردوغان بطريقة صائبة على مزاج الناخبين فدعا لانتخابات مبكرة في 24 يونيو (حزيران). لكن ما هو جيد لأردوغان في الانتخابات كان سيئاً لتركيا مع الهبوط الحاد في قيمة الليرة وأزمة العلاقات التركية الأمريكية التي تضرب بدورها الاقتصاد. أمّا الأسوأ فهو أنّ أردوغان لا يزال في بداية الطريق.

بوجود أردوغان في رئاسة تركيا ستبقى ثقة الأسواق المالية متزعزعة. فهو الذي تسبب بالأزمة نتيجة لسياسات الإنفاق الشعبوية والاعتقاد غير المعقول بأنّ أفضل طريقة لمكافحة التضخم هي خفض كلفة الاقتراض. يضاف إلى ذلك إحاطة الرئيس التركي نفسه بالمتزلفين وسيطرته على المصرف المركزي.

غضب البيت الأبيض
في ما يتعلق بدور العلاقات الأمريكية التركية بالأزمة المالية، يشير تاسبينار إلى أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشاد بأردوغان في قمة دول حلف شمال الأطلسي الشهر الماضي. ومع ذلك، برزت بذور الخلاف الحالي في محادثة مقتضبة جرت في ذلك اللقاء. يبدو أنّ ترامب صدّق أردوغان الذي وعده بإطلاق سراح القسيس أندرو برانسون الذي احتُجز بتهم ملتبسة في مقابل مساعدة واشنطن على إطلاق سراح مواطنة تركية سجنتها إسرائيل لأنها ساعدت حماس. التزم ترامب بوعده على عكس أردوغان. ثار عقب ذلك غضب البيت الأبيض.

قضية كبيرة
يشكل إطلاق سراح برانسون قضية كبيرة للقاعدة الإنجيلية الكبيرة في أمريكا فيما يريد ترامب المساعدة من اليمين المسيحي لمنع الديموقراطيين من الفوز بالانتخابات النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. بعد عاصفة من التغريدات الغاضبة التي طالبت تركيا بإطلاق سراح القسيس الأمريكي، اتخذت واشنطن خطوة لم يكن يتخيلها أحد في السابق: فرضت عقوبات تجارية وسياسية على تركيا فمنعت وزيري العدل والداخلية من التعامل مع الأمريكيين ومن إمكانية الوصول إلى الأصول المالية داخل الولايات المتحدة. وحين هوت الليرة 15% يوم الجمعة الماضي، أعلن ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألومينيوم المستوردين من تركيا متسبباً بالمزيد من الخسائر للعملة التركية.

تركيا تلقى معاملة إيران
حتى فترة قريبة، ظن كثر أنّ الشراكة التركية الأمريكية أكبر وأهم من أن يسمح الطرفان بفشلها. فأنقرة هي حليف في الناتو وتستضيف قاعدة عسكرية أمريكية مع أسلحة نووية. لم يكن أحد يعتقد أن تُعامَل تركيا معاملة إيران وكوريا الشمالية وروسيا على مستوى فرض العقوبات. وهذا كله ليس من مصلحة تركيا. مع تضاؤل احتياطات المصرف المركزي ووصول الدين في القطاع الخاص إلى 250 مليون دولار هذه السنة وهروب المستثمرين الأجانب وانهيار الليرة، هنالك تهديد بخلق أزمة في ميزان المدفوعات ستفلس شركات كثيرة. وستنتج عن ذلك نسب أعلى من البطالة والركود.

أي خيارات أمام أردوغان؟
لو حدث ذلك لن يكون أمام أردوغان خيار سوى طلب الدعم من صندوق النقد الدولي الذي تمارس فيه واشنطن سلطة الفيتو. يمكن لأردوغان اتخاذ خطوات مباشرة لتفادي ذلك. يجب أن يكون المصرف المركزي حراً من التدخل السياسي بطريقة تسمح له برفع فوائد القروض بين 5 إلى 10%. يحتاج الرئيس التركي إلى موازنة طارئة تجسد صرامة مالية وإلى إيقاف جميع المشاريع الضخمة. وهنالك احتمال كبير في ألا تكون هذه الخطوات كافية، لذلك سيساعد كثيراً إطلاق سراح برانسون وتقديم غصن زيتون لواشنطن في تفادي مزيد من العقوبات. كذلك سيساعد في إبلاغ الأسواق بأنّه لو استجدّ الأسوأ، فلن تنظر أمريكا بسلبية إلى أي قرار لصندوق النقد الدولي يهدف لإعادة الاستقرار إلى تركيا.

لو فاز أردوغان ستخسر تركيا

مجدداً، يُعرف عن أردوغان بأنه لا يتراجع. لقد لام الولايات المتحدة في مقال ضمن صحيفة "نيويورك تايمز" على مشاكل بلاده وأعلن أنّ تركيا مستعدة لإيجاد شركاء استراتيجيين جدد. لدى أردوغان أوهام بخصوص إمكانية إنقاذ روسيا والصين وقطر لبلاده. لكن في الواقع، ليس لأي من هذه الدول القوة على إنقاذ أردوغان من نفسه. لقد أعطاه الناخبون انتصاراً كبيراً في يونيو لكن لم يكن بإمكان هؤلاء أن يتخيلوا المسار الانحداري الذي أرسلهم إليه لاحقاً. اليوم يحارب أردوغان المنطق الاقتصادي السليم. إذا فاز فستخسر تركيا كلها. وطالب تاسبينار قراءه بتوقع الكثير من الاضطرابات في المرحلة المقبلة.