السبت 18 أغسطس 2018 / 20:10

فن اللامبالاة

بعد ظهور اللاعب المصري الكبير محمد صلاح مع كتاب "فن اللامبالاة: لعيش حياة تخالف المألوف"، ارتفعت شعبية الكِتاب عند القراء العرب، ليس بسبب قيمته الحقيقية بل بسبب قيمة اللاعب الذي أمسكه، والذي دفع بمؤلفه "مارك مانسون" -في تغريدة له- إلى تمني أن يستمتع صلاح بالكتاب.

بعيداً عن الأبعاد الدعائية للحادثة، دعونا نقول أن هذا الكتاب مختلف عن كتب إدارة الذات الغارقة في خيالات المثالية والتجارب الشخصية والصُدُف المحضة، فالمؤلف لا يريد أن يعلمك كيف تكسب أموالاً طائلة، بل يريد أن يعلمك أن تخسر بدون أن تكون هذه الخسارة مصدر قلقٍ كبيرٍ لك.

الأشخاص الذين يبالون بأمور كثيرة أكثر مما يجب، مشكلتهم أنهم ليس لديهم شيء ذو قيمة يُكرسون اهتمامهم له، فالعجوز التي تتشاجر مع صاحب المتجر لأنه لم يصرف لها كوبون ال ٣٠ سنتاً، قد تكون عجوزاً تقضي جُلّ وقتها في البيت في قص هذه الكوبونات، وأولادها لا يزورونها ولا يسألون عنها إلا في المناسبات؛ فقص الكوبونات هو كل ما لديها، كذلك الأطفال الذي يتطلعون لمديح الناس، حياتهم مُكرسة لجذب الانتباه وسماع الإطراء لأنهم لم يدركوا بعد قيمة حياتهم، لكن عندما نكبر، ندرك أن القسم الأكبر من تلك الأشياء التي كرسنا حياتنا ومشاعرنا وردود أفعالنا لها ليس لها أثر حقيقي في حياتنا.

تأتي السعادة من حل المشاكل، وليس من عدم وجودها في حياتنا، ويميل الناس إلى إنكار مشاكلهم وإلقاء اللوم على الآخرين، لأن ذلك مهرب سهل يبعث على الراحة النفسية.

إن فيضان المعلومات من حولنا يدفعنا إلى القنوط وقلة الأمان لأننا لسنا مثل أولئك الناس الذين يصلنا كل تفصيل ممل من تفاصيل حياتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ونشعر أننا بحاجة إلى تعويض ذلك كله من خلال الشعور الزائد بالاستحقاق، فإما نضخم ذاتنا أو نضخم ذوات غيرنا، إن هذا الإغراق التكنولوجي يجعل الناس يشعرون بالسوء اتجاه أنفسهم ويحسون بحاجة ماسة إلى أن يكونوا أكثر تميزاً وأكثر راديكالية حتى يأكدوا ذواتهم ويصيروا أشخاص بارزين.

المتعة قيمة شديدة السوء إذا وضعنا أولويات حياتنا وفقاً لها، فهي إله زائف، ومن يركز طاقته على المُتع السطحية ينتهي به الأمر إلى أن يصير أكثر قلقاً وأقل استقراراً وأكثر اكتئاباً، المتعة أكثر أشكال الرضا سطحية، ليست هي سبب للسعادة بل هي أثر من آثار السعادة.

القيم الجيدة مُؤسسة على الواقع؛ بناءة اجتماعياً؛ وقابلة للضبط، في حين أن القيم السيئة خرافية؛ هدّامة اجتماعياً؛ ولا يمكن ضبطها، تحدث المؤلف عن خمس قيم مهمة أسهب في التمثيل والتدليل لها من تجربته ومعرفته الشخصية وهي:

١-تحمل المسؤولية عن كل شيء يحدث في حياتك بدون أن تبحث عن أحد تلومه على ما يحدث.

٢-إقرارك بجهلك وممارستك للشك الدائم في معتقداتك.

٣- استعدادك لاكتشاف أخطائك وتحسينها.

٤-القدرة على قول كلمة لا والقدرة على سماعها

٥-وأخيراً تذكر أنك لست مُخلداً في هذه الدنيا.