أمير قطر الشيخ تميم والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
أمير قطر الشيخ تميم والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الإثنين 20 أغسطس 2018 / 10:48

تميم اقتطع 420 ألف دولار من كل أسرة قطرية.. لمساعدة تركيا

يرى بعض المراقبين والمحللين السياسيين في عملية الإنقاذ التي أقدمت عليها الدوحة، قبل أيام، حيال أنقره، بمثابة صفعة على وجه واشنطن وقد تهدد مساعي قطرية لإصلاح علاقاتها المتوترة مع الولايات المتحدة.

يعتبر تعهد الدوحة لأردوغان بالاستثمار في تركيا بمثابة تقويض لحملة ضغط متواصل تنفذها واشنطن ضد الرئيس التركي

 في هذا السياق كتب، في موقع "ذا أميريكان إنتريست" باحثان بارزان لدى مركز الدفاع عن الديوقراطيات، فارشا كودوفاير وآيكوم آرديمر، نائب سابق في البرلمان التركي أن الاقتصاد التركي في حالة هبوط لولبي، مع تراجع قيمة عملته لأكثر من 40% خلال الأشهر الـ 12 الأخيرة. وقد تدخلت قطر، يوم الأربعاء الماضي، لوقف النزيف التركي، رغم تلكئها في بداية الأزمة، وعدم استجابتها فوراً كما تمنت أنقره.

وحسب كاتبي المقال، أدخلت الدوحة نفسها، من خلال هذه العملية، في نزاع أمريكي – تركي كبير، عبر الانحياز إلى الحكومة التركية التي تحتجز مواطنين أمريكيين، وعاملين لدى وزارة الخارجية الأمريكية كرهائن لديها. وعلى واشنطن أن تذكر الدوحة بأن هذه الخطوة سوف تقوض جهودها الأخيرة لإصلاح علاقاتها المتوترة مع واشنطن.

تعارض مباشر
ويلفت الكاتبان للزيارة التي قام بها أمير قطر إلى أنقره، والتي تعهد خلالها باستثمار 15 مليار دولار في تركيا بهدف مساعدة اقتصادها المتهاوي. وقال رئيس شركة استشارية مقرها في لندن أن "المبلغ الموعود يعادل اقتطاع 420,000 دولار من جيب كل أسرة قطرية وقد أنفق بطريقة سيئة".

وفيما بلغ إجمالي تدفق رأس المال الأجنبي إلى تركيا 10,8 مليارات دولار في 2017، لم تكن خطوة أمير قطر مفاجئة كلية بالنظر إلى دفء العلاقات التركية – القطرية. ولكن ذلك يأتي متعارضاً بصورة مباشرة مع الجهود الأخيرة التي بذلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض ضغط سياسي واقتصادي على أنقره لإقناع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإطلاق سراح أمريكيين، تعتقلهم تركيا دون وجه حق.

حليف طبيعي
ويشير الكاتبان إلى أن تركيا حليف طبيعي لقطر بفعل تبني حكومتيهما لوجهات نظر الإسلام السياسي، ودعمهما لتنظيم الإخوان المسلمين والحركات التابعة له، واحتضانهما لعدد من الشخصيات البارزة في التنظيم.

وتوقع بعضهم في أنقره بأن تسارع الدوحة لدعم تركيا إذا اشتدت الحاجة إلى المساعدة. وبالفعل، عبرت وسائل إعلام تركية عن تلك المشاعر، منها صحيفة "تقويم" الموالية للحكومة التركية، التي انتقدت بشدة قطر جراء صمتها حيال هواجس تركية، ووصفت موقف الدوحة بعبارة "خيانة عظمى" بحق حليف سارع للدفاع عن قطر، في العام الماضي.

خوف من العدوى
ويرى كاتبا المقال أن تعهد قطر الاستثمار في السوق التركي سيهدئ بالتأكيد خواطر الحكومة التركية. وقد حذفت صحيفة "تقويم" التقرير بعد التعهد المالي للدوحة، والذي كان له أيضاً أثره الإيجابي على الأسواق، ومكن الليرة من استعادة بعض من خسائرها.
ولكن الخطوة القطرية ليست غيرية بالكامل، بالنظر لاحتمال أن تنقل عدوى الأزمة الاقتصادية التركية إلى القطاع المصرفي القطري. ويرجع ذلك لكون قرابة 15% من أصول وقروض مصرف قطر الوطني مقدمة لتركيا، ولربما كان للخوف من تبعات تراجع الاقتصاد التركي هو ما دفع الدوحة لتقديم ذلك التعهد، كما كان الحال بالنسبة لحقائق السياسات الجغرافية.

تباعد مصالح
ولكن وسط مواجهة كبرى بين ترامب وأردوغان حول اعتقال تركيا لأمريكيين، ينظر الكاتبان إلى عملية الإنقاذ التي قدمتها الدوحة بوصفها مثال صارخ على تباعد مصالحها عن مصالح الولايات المتحدة، كما تبين من خلال علاقاتها مع طهران ونشاطها المارق في ليبيا. ولا يخفى على أحد دعم الإمارة لتنظيم الإخوان المسلمين، لا لموقفه المتسامح مع تمويل الإرهاب.

ولذا يعتبر تعهد الدوحة لأردوغان بالاستثمار في تركيا بمثابة تقويض لحملة ضغط متواصل تنفذها واشنطن ضد الرئيس التركي. كما يثير ذلك التعهد شكوك حيال سلوك الدوحة، وحتى أنه يستدعي التساؤل حول مستقبل الوجود الأمريكي في قاعدة العيديد لدى قطر.