(أرشيف)
(أرشيف)
الثلاثاء 21 أغسطس 2018 / 14:39

المدارس التركية في أفريقيا الوسطى تواجه ضغوط أنقرة

تكثف تركيا ضغوطها في جميع أنحاء العالم، لإغلاق المدارس القريبة من شبكة فتح الله غولن التي تتهمها بالإرهاب، لكنها تواجه مقاومة غير مألوفة في جمهورية أفريقيا الوسطى، إحدى أفقر البلدان وأكثرها ضعفاً في العالم.

تقع مدرسة غالاكسي في العاصمة بانغي وتعد مقربة من حركة "حزمت" التي يديرها الداعية غولن المقيم في الولايات المتحدة ويؤكد مؤيدوه أنه يسعى إلى نشر الإسلام في صيغة تقدمية معاصرة.

لكن تركيا تلقي باللوم على غولن في محاولة انقلاب عام 2016 ضد الرئيس رجب طيب أردوغان الذي توعد باستئصال الحركة في الداخل والخارج.

ونفذت وكالة الاستخبارات التركية عدة عمليات لا تزال طبيعتها غامضة "لإعادة مشتبه بهم" من الخارج وذهبت حتى كوسوفو وأوكرانيا والغابون حيث اعتقل ثلاثة أتراك يعملون في مجال التعليم في أبريل (نيسان).

وقال أردوغان بعد عملية الغابون "لن نسمح أبداً لهؤلاء الأشرار بالبقاء أحراراً". ونتيجة لذلك، يعيش مدير مدرسة غالاكسي التركية هارباً ومنفياً.

وخلال جولة في المبنى، قال مدير المدرسة الذي اختار اسم "إمري" لتجنيب عائلته في تركيا أي أعمال انتقامية، إنه "في 15 يوليو (تموز) 2016 ذكروني بالاسم على أنني أنتمي إلى حركة غولن". وأضاف "نحن متهمون بأننا جماعة إرهابية في حين أن ما نفعله هو التعليم والعمل الإنساني".

تفتخر المدرسة بتجهيزاتها الجديرة بمنشأة جيدة التمويل في أوروبا - لوحة ذكية رقمية حديثة وجهاز عرض فيديو، بالإضافة إلى فصل دراسي مخصص لتكنولوجيا المعلومات، عدا عن الملاعب والكافتيريا.

تبلغ كلفة الدراسة في هذه المدرسة الخاصة حوالي 100 يورو (115 دولاراً) في الشهر وتوفر الدراسة للصفوف العليا.

وهي تفخر بأن طلابها يجتازون امتحان المرحلة الثانوية بمعدلات تزيد عن 83 % مقارنة بمعدل وطني من 12 %. لا يشغل المكون الإسلامي في منهجها سوى حيز صغير للغاية، على الرغم من أن الطلاب يمكنهم طلب دروس إضافية في الدين.

ضغوط أنقرة
أدت جهود تركيا وضغوطها إلى إغلاق هذه المدارس في 17 دولة أفريقية على الأقل فتم إما تأميم هذه المؤسسات أو استحوذت عليها مؤسسة المعارف القريبة من سلطات أنقرة.

ونظراً إلى ضعف جمهورية أفريقيا الوسطى، يثير بقاء مدرسة غالاكسي الدهشة لا سيما وأن البلاد تسيطر عليها جماعات مسلحة وعصابات متناحرة منذ عام 2013 وهو ما يجعلها تحتل المرتبة الأخيرة في قائمة 188 دولة في مؤشر التنمية البشرية لدى الأمم المتحدة لعام 2016.

كما تعاني مؤسسات الدولة في جمهورية أفريقيا الوسطى من الضعف ولديها سمعة راسخة بأنها مكان يمكن فيه شراء أي شيء ولذلك احتلت المرتبة 156 من بين 180 دولة في مؤشر إدراك الفساد لعام 2017 الخاص بمنظمة الشفافية الدولية.

ويقول أحد موظفي المدرسة إن "أهل أفريقيا الوسطى لا زالت لديهم عزة نفس"، كون الدولة لم ترضخ أمام الضغوط التركية.

وروى جان سيرج بوكاسا، الوزير السابق لشؤون الأمن والحكم المحلي، أن دبلوماسيين أتراكاً زاروه في مارس (آذار) 2017 ووجهوا إليه كلاماً "امتزج فيه الوعيد بالوعود" إذا ما وافق على مطالب أنقرة.

وقال وزير ثان إنه تم الاتصال به وعرضت عليه "هدايا" ورحلات إلى تركيا. وأضاف "قلت لهم: إذا أردتم مساعدتنا فابنوا لنا مدرسة جديدة بدلاً من إغلاق واحدة. قالوا لي إنني لن أندم إن وافقت" على طلبهم.

ويقول خبير مطلع على القضية إن بقاء المدرسة مرده "قبل كل شيء إلى أنه لا توجد سفارة تركية في البلاد، مع القليل من الروابط الاقتصادية والدبلوماسية".

ويضيف "عدا عن ذلك، فإن إدارة المدرسة تربطها علاقات جيدة للغاية مع الحكومة - فنائبة المدير هي زوجة رئيس الوزراء - والمستوى الأكاديمي مرتفع للغاية".

وعلى الرغم من أن بوكاسا يؤكد أنه عدو سياسي للرئيس فوستن أركانغ تواديرا، فإنه يثني عليه لوقوفه ضد أنقرة. ويقول "في الوقت الحالي، يسعدني أن الرئيس لم يرضخ".