العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز متوسطاً زعيمي أثيوبيا وأريتريا في جدة (أرشيف)
العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز متوسطاً زعيمي أثيوبيا وأريتريا في جدة (أرشيف)
الخميس 20 سبتمبر 2018 / 14:03

لماذا تهتم السعودية والإمارات بحل مشاكل الدول الأفريقية؟

في مقاله ضمن صحيفة "سعودي غازيت"، ذكر الدكتور خالد باطرفي كيف سألته وسيلة إعلامية عالمية عن سبب الاهتمام الكبير الذي تبديه السعودية بأفريقيا، لترعى اتفاق السلام بين إريتريا وأثيوبيا. فيوم الأحد الماضي، شهدت جدّة توقيع اتفاق السلام بين الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

سيفتح هذا الاتفاق الباب واسعاً أمام التعاون بين الدولتين نفسيهما إضافة لتعاونهما مع دول الخليج لمحاربة الإرهاب وتأمين البحر الأحمر وممراته الدولية وتشجيع الاستثمارات

ومن الأسئلة أيضاً، نوع المنافع، إذا وُجدت، والتي يمكن أن تستفيد منها السعودية والإمارات لتنخرطا في حل نزاع كان يجب أن يكون من مسؤولية الدول الأفريقية، والاتحاد الأفريقي، أو الأمم المتحدة.

يشرح باطرفي أن العلاقات بين العرب والأفارقة كانت قوية طوال آلاف السنوات وجعلها الإسلام أقوى وأعمق. من هنا، لا يستطيع العرب والمسلمون تحمل خسارة أفريقيا. فهي جزء من العالم العربي والإسلامي، جغرافياً، وتاريخياً، واجتماعياً، وثقافياً.

الاهتمام السعودي
أدرك الملك فيصل بن عبد العزيز هذه الأهمية، فقام بجولات فيها خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي. إن زياراته إلى دول مثل مالي، وأوغندا أبعدتها عن إسرائيل، لتنضم إلى منظمات إسلامية.

ومنذ ذلك التاريخ، استضافت السعودية العديد من الزعماء الأفارقة، وأصبحت العلاقات الثنائية أقوى.

وأخيراً، زار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عدداً من دول جنوب الصحراء الكبرى، وعدداً من دول أفريقيا الشمالية بدءاً بمصر، والسودان، وصولاً إلى المغرب العربي. وانضم أيضاً إلى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا السنة الماضية وقد أصبحت السعودية عضواً مراقباً فيه.

التخلص من النفوذ الإيراني؟
استقبل الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان عدداً قياسياً من القادة الأفارقة في السنوات الأخيرة. ومن المتوقع أن يزور المزيد منهم القيادة السعودية، من بينهم قادة الصومال، وجيبوتي متطلعين إلى تعزيز علاقاتهم الداخلية والخارجية، وتأمين الاستقرار لبيئتهم السياسية والاقتصادية.

وفي زيارات سابقة، وُقعت العديد من اتفاقات التعاون التي تطور التنسيق الاقتصادي والسياسي والبيئي والعسكري. واليوم، تشكل دول أفريقية عديدة جزءاً من التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، وتقف في وجه التدخل الإيراني.

تستضيف جيبوتي قاعدة عسكرية سعودية، فيما أدرك السودان شر الخطط الإيرانية الهادفة إلى زعزعة استقراره، فأغلق ما يسمى بمراكز الخميني الثقافية، وشجب التدخل الإيراني في الشؤون العربية، وانضم إلى التحالف العربي الإسلامي.

وسحبت إريتريا امتيازات السفن الحربية الإيرانية بالدخول إلى مياهها، بينما رحبت إثيوبيا بالاستثمارات السعودية والإماراتية التي تساوي مليارات الدولارات. 

إنجاز سعودي إماراتي
نتيجة للجهود الديبلوماسية السعودية، طُهر البحر الأحمر والقرن الأفريقي من النفوذ الإيراني بشكل كبير. وبالتأكيد، سيساعد اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا في ملء الفراغ الأمني الذي سمح للقاعدة، وداعش، وحزب الله، باختراق المنطقة والعمل داخلها لتهريب الإرهابيين، والسلاح، والاتجار بالبشر، واختراق دول الخليج باستثناء راعيي الإرهاب إيران وقطر.

ويُفسر ذلك جزئياً أهمية الإنجاز السعودي والإماراتي. إذ أنجزت تلك الديبلوماسية النشطة، بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، اتفاق سلام مستدام كان عصياً على العالم لفترة طويلة بعد حروب قُتل فيها 80 ألف شخص، وجُرح وهُجر مئات الآلاف، وكلفت الدولتين الفقيرتين 6 مليارات دولار. يضاف إلى ذلك خسارة 110 ملايين نسمة لفرص التنمية.

فتح الأبواب الجديدة 
سيفتح هذا الاتفاق الباب واسعاً أمام التعاون بين الدولتين نفسيهما، إضافة لتعاونهما مع دول الخليج لمحاربة الإرهاب، وتأمين البحر الأحمر، وممراته الدولية، وتشجيع الاستثمارات التي تحتاجان إليها بشدة من الخليج والمجتمع الدولي.

يضيف الكاتب أنه آن الأوان لمأسسة علاقات مجلس التعاون الخليجي مع أفريقيا، وهنالك حاجة لهيئات تعاون شبيهة بقمة دول أمريكا اللاتينية العربية، والمجلس المشترك بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي.

يمكن إنشاء مجلس سعودي أفريقي لتنظيم العلاقات الثنائية على قاعدة فردية أو جماعية.

ويأمل باطرفي أن تتمكن القمة العربية الأفريقية التي ستُعقد قريباً في السعودية، من تحقيق هذه التطلعات وتأمين مستقبل أكثر إشراقاً لما فيه مصلحة الجميع.