جهادية.(أرشيف)
جهادية.(أرشيف)
الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 / 12:22

قطر وأردوغان والإخوان... مسؤولون أيضاً عن الجهاد النسائي

تطرّقت الصحافية سعاد سباعي إلى عودة إلقاء الضوء على نساء داعش، بسبب محاكمة الإيطالية لارا بومبوناتي المتهمة بصلاتها الإرهابية، مشيرة في صحيفة "المغربية" إلى أنّ النساء يصبحن مفيدات للجهاديين بشكل متزايد، أكان في مجال التجنيد أو في شنّ عمليات انتحارية داخل أوروبا.

ما كان بإمكان الإخوان أن يطلقوا الجهاد الدول لو لم يكن يتغذى من دول مارقة تهدف إلى توسيع نفوذها في الشرق والغرب

وشدّدت سباعي على وجوب مقاربة تنظيم الإخوان المسلمين على أنّه مصدر الراديكالية الإسلاموية المعاصرة. خضعت بومبوناتي للمحاكمة في تورينو يوم 18 سبتمبر الحالي بسبب انتمائها لمنظمة إرهابية. لعب عنصران دوراً بارزاً في اعتناقها الأفكار المتطرفة، وهما صديقها الذي أصبح لاحقاً زوجها والعالم السيبيري للجهاد الذي يشكل مصدراً مستمراً لزرع التطرف والتجنيد خصوصاً بين الأجيال الصاعدة.

لفتت رحلاتها المتكررة إلى سوريا انتباه المحققين. تكشف محادثة هاتفية أنّ لارا التي أصبح اسمها لاحقاً خديجة سافرت إلى سوريا لزيارة زوجها الإيطالي الجهادي ولنقل الوثائق من مجموعة إرهابية إلى أخرى. لقد اكتشف المحققون هيكلية الإمرة والرقابة على الشبكة العنكبوتية التي كانت لارا-خديجة على ارتباط بها والتي أطاعت الأوامر الصادرة عن المتطرفين المرتبطين بالمجموعات الجهادية الناشطة فوق الأراضي السورية.

شابات معظمهنّ من بريطانيا

ليست قصة لارا-خديجة مسألة معزولة. وفقاً للمعهد الإيطالي لدراسة السياسة الدولية، سافر 125 إيطالياً من بينهم 12 امرأة إلى سوريا. إنّ الرقم صغير ظاهرياً مع التذكير بأنّ انتشار التطرف الإسلاموي في إيطاليا حديث بالمقارنة مع دول أوروبية أخرى. برهن الجهاد النسائي عن قدرته في الرقة حيث برزت كتيبة الخنساء وهي الشرطة الدينية النسائية المسؤولة عن مراقبة سلوك النساء. تتألف الكتيبة من مئات النساء غير السوريات، معظمهن شابات من بريطانيا إلى جانب أخريات من الولايات المتحدة وهولندا والقوقاز.

المرأة كمعذّبة للمرأة

يظهر هذا البيان كيف أنّ مسار زرع التطرف يمكن أن ينتج تلاعباً أيديولوجياً ونفسياً قادراً على تحويل النساء إلى معذبات لنساء أخريات. نساء يبدين لامبالاة كاملة إزاء العنف الرهيب الذي يمارسه إرهابيو داعش تجاه النساء. الاغتصاب والعبودية والزيجات الإكراهية بدءاً من سنّ التاسعة وجميع أنواع الاعتداءات كانت جزءاً من الحياة اليومية داخل المناطق التي سيطر عليها وجزءاً من مظاهر متطرفة نابعة عن عقلية بائدة وثقافة تافهة تحرم النساء من كرامة المعاملة ككائن بشري.

لضرورة نشر الحقيقة
تقلصت قدرة داعش على الإساءة للنساء مع فقدان أراضيه في سوريا والعراق. لكنّ قدرته على تجنيد النساء عبر الإنترنت ومن خلال نساء تطرفن في وقت سابق، تستمر بالنمو. في فرنسا وبريطانيا، تم توثيق جهود حديثة لتشجيع العنصر النسائي الجهادي على شن هجمات إرهابية بحيث برزت قضيتا رشيد قاسم و"الأرملة السوداء" سالي جونز كمثلين على ذلك. إنّ الوقاية هي أساسية للتخلص من الإرهاب ولهذا السبب، تستوجب نساء داعش سياسات تدخلية متخصصة تشكل مكملاً للإجراءات التقليدية التي يتبناها المحققون والقوى الأمنية في أوروبا. إنّ حملات توعية مثل تلك التي ينظمها مركز ابن رشد وجمعية النساء المغربيات في إيطاليا هي ضرورية لكشف أجندة الخداع التي تخفيها البروباغندا الجهادية. من الضروري نشر الحقيقة: إنّ الدولة المثالية التي يعد بها داعش ليست إلا عالماً سلبياً يتلاعب بالنصوص المقدسة للدين الإسلامي ويريد إخضاع النساء وممارسة الأعمال الوحشية ضدهن.

إفراغ التجنيد من معناه
يجب أن تصبح غير فعالة، تلك التقنيات التي يستخدمها المتطرفون لجذب النساء المسلمات، بالولادة أو بالاعتناق، للوقوع في فخهم. إذا كان الإنترنت هو الوسيلة الأساسية التي يستخدمها الجهاد للسيطرة على عقول النساء وقلوبهنّ، فإنّ إنشاء منظمات على الإنترنت مخصصة لتحليل العنصر النسائي الذي يركز عليه الجهاد سيقلّص جذب الإسلاموية للعديد من النساء الغربيات مثل لارا. وبذلك، يتم إفراغ الميدان التجنيدي من أي معنى.

إضافة إلى ذلك، إنّ استراتيجيّة فعّالة بشكل حقيقي من أجل تفادي ومواجهة الظاهرة الجهادية بما فيها نسختها النسائية تكمن في ضرورة تحديد ناشري هذه الأيديولوجيا والذهنية المتطرفة لداعش والقاعدة ومجموعات إرهابية أخرى.

الدول المارقة التي تغذي الإخوان
إنّ الدليل التاريخي يظهر أنّ الإخوان المسلمين يروّجون للجهاد. تستند الراديكالية الإسلاموية بجميع أشكالها وتجلياتها إلى المصدر الإخواني. لما كان بإمكان هذا المصدر أن يطلق الجهادية الدولية لو لم يكن يتغذى من دول مارقة تهدف إلى توسيع نفوذها في الشرق والغرب أي: النظام القطري الخادم للجوع السلطوي الجامح لآل ثاني وتركيا الإسلاموية برئاسة السلطان أردوغان.

في الصراع ضد الإرهاب، تظهر هذه الجبهة أكثر صعوبة على المعالجة بما أنّ جزءاً هاماً من المجتمع الدولي لا يتوقف عن أن يكون قانعاً وأحياناً خاضعاً لتحالف الإخوان المسلمين الذي يتطلع بفارغ الصبر إلى السيطرة على أوروبا اقتصادياً وأمنياً.  من هنا، تختم سباعي مقالها، إنّ دور النساء في الصراع ضد الإرهاب يكتسب أهمية كبرى: يمكنهنّ وضع حد للتطرف والإرهاب الإسلاموي.