الجمعة 4 فبراير 2022 / 13:12

شيخ الأزهر: كل التقدير لمحمد بن زايد على رعايته لوثيقة الأخوة الإنسانية

قال رئيس مجلس حكماء المسلمين الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إن "احتفاء العالم باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، هو احتفال بإنسانية الدين الإلهي، ودعوته للتعارف والتفاهم بين أتباع الرسالات السماوية وغير السماوية، واحترامه لخصوصية الأديان والعقائد، بحثاً عن عالم أفضل تسوده روح التسامح والإخاء والتضامن والتكافل، وأملاً في تقديم حلول ناجعة لأزمات الإنسان المعاصر وتحدياته".

وأضاف في كلمة له بهذه المناسبة: "اسمحوا لي في البدايةِ أن أُوجه تحية ممزوجةً بالاحترام والإكبار لأخي الفاضلِ بابا الكنيسةِ الكاثوليكيةِ البابا فرنسيس، والصديق الدائم الشجاع على دربِ الأخوَّة والسلامِ".

وقال شيخ الأزهر: "بهذه المناسبة أعبر عن تقديري البالغ ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي يواصل مسيرة والده الخيرة على رعايته لهذه الوثيقة، ودعمه بكل صدق وإخلاص لمبادرات ترسيخها وتأصيلِها ونشرِها في العالم أجمع".

وأوضح أن وثيقة الأخوة الإنسانية قد كتبت تحت قباب الأزهر الشريف، وبين جنبات حاضرة الفاتيكان؛ إيماناً من الجميع بضرورة التفاهم بين المؤمنين بالأديان، بل وغير المؤمنين بها؛ من أجل التخلص من الأحكام الخاطئة، والصِّراعات التي غالباً ما تفضي إلى إراقة الدماء، وإشعال الحروبِ بين الناس، حتى بين أبناء الدِّين الواحد، والمؤمنين بعقيدةٍ واحدة.

وقال: "نعم.. لقد وُلدت هذه الوثيقة من رحم أزماتٍ بالغة الصعوبة، وكان خروجها للعالم يشبه حلماً بعيدَ المنال؛ وذلك بسبب من التحديات التي واكبت مشروعَ هذه الوثيقة، وراهنت على نجاحها وتحقيق أهدافها، وتحويلها إلى واقعٍ في حياة الناس، ولكنْ شاء الله أن يتحوَّلَ الحُلُم إلى حقيقةٍ، ببركة النوايا الصادقة والجهود المخلصة، والإيمان العميق بأن "العباد كلهم إخوة" كما كان يقول نبي الإسلام محمد، ويردده في أعقابِ صلواته، وهو نفس ما قاله وردده كل من سبقه من إخوته من الأنبياء والمرسَلين صلواتُ الله وسلامُه عليهم أجمعين".

ولفت فضيلة الإمام الأكبر إلى أن اليوم الدولي للأخوة الإنسانية يأتي هذا العام، ولما يبرأ العالم بأسره من جائحة كورونا ومتحوّراتها، ولعل ما يمر به العالم اليوم من نذر الخوف والهلع يدفع إلى إيقاظ الضمائر الغافلة، والنفوس المتعالية، ويدعو أصحاب الأجندات الخاصة أن يفيقوا من سكرتهم، ويَتضامنوا مع المخلِصين من قادة الشعوب وحكمائها وعقلائها من أجل إنقاذ البشرية من هذه الأزمات المتتالية التي يَتراكمُ بعضها فوقَ بعض في كل ربوع المعمورة.

وأكد أن العالم، بمختلف طوائفه وأعراقه، خاصة أرباب المسؤولية فيهم من صناعِ القرارات الدولية، وعلماءِ الأديان وقادةِ الفكر والعلم والمعرفة، إذا اضطلع بمسؤوليَّته، فإنه قادرٌ -بإذن الله- أن يتجاوز هذه الأزمات الصعبة، وأن يخفف من ويلاتها وشرورها.

وأضاف: "هذا طريق بدأنا السير فيه، ونحن نتطلع بأحلامنا وآمالنا إلى عالم جديد بلا حروب ولا صراعات، عالم يأمن فيه الخائف، ويكرم الفقير، وينصر الضعيف، ويقام فيه لواء العدل، وإن كنا على يقين من أن ما ننشده ليس بسهل ولا ميسور في عالم متناحر في كل قضاياه، بل ولا مقبول لدى فئات بضاعتها السلاح، وتجارتها الحروب والدمار، غير أن السير في طريق السلام هو قدر المؤمنين بالله وبرسالاته مهما واجهوا من تحديات ومعوقات وعقبات".

واختتم الإمام الأكبر كلمته بالقول: "أحيي أبنائي وإخوتي أعضاء اللجنة العليا للأخوة الإنسانيةِ، الذين يواصلون الليل بالنهار في العمل من أجل تطبيق أهداف تلك الوثيقة السامية، ويطلقون من أجلها العديد من المبادرات التي تتخطى حواجز الاختلافات والحدود والفوارق، رغم ما يواحهه العالم من جائحةِ الكورونا وتداعياتِها، وإني لأشجعهم وأشد على أيديهم وأدعوهم لمواصلةِ هذه الجهود الخيرة مع كل الشركاء لتحقيق هذا الهدف النبيل، وكلي أملٌ في أن يكونوا دائماً - وبمشيئة الله - بارقةَ أمل ومصدر إلهام دائم لكل من يسير في هذا الطريق الصعب، هذا، وإنني سأواصل مع إخوتنا قادة الأديان ومحبي الخير حول العالم، ما بدأناه من عمل في سبيل تحقيق السلام والأخوة والزمالة العالمية، وإزالة كلِّ مبررات الكراهية والتناحر والاقتتال، فما أحوجَنا إلى التعارف والتعاون والتآلف فيما بيننا لمواجهة المخاطر الحقيقية التي تهدد البشرية وتزعزع استقرارَها، وأدعو الله العليَّ القدير أن يحفظَ عالمنا من الشرور والفتن، وأن يقيَنا شر أنفسنا، وأن يخلصنا من هذا الوباء اللعين، وأن يشملنا جميعاً بعفوِه ورعايته، وأن يجمعنا على الخير دائماً، إنه وحده ولي ذلك والقادر عليه".