الخميس 3 أبريل 2014 / 15:51

لا تقرض كتبك لأصدقائك



لا تقرض كتبك لأصدقائك. هذه نصيحة، أقولها لك مثل حكيم فقد معظم كتب مكتبته، ولم يبق له إلا الكتب التي تتحدث عن "كيف ترتب مكتبتك"، و"كيف تحافظ على كتبك".

كان لي صديق ـ عرفته قبل عشرين عاماً ـ يحتفظ في مكتبته بكراسة قديمة، قسم صفحاتها إلى أربع خانات، في الخانة الأولى الأرقام المسلسلة، وفي الثانية كتب أسماء جميع الكتب التي يملكها بشكل مسلسل، وفي الثالثة "اسم المستعير"، وفي الرابعة "التوقيع"، فإذا قررت ـ لا قدر الله ـ أن تستعير كتاباً من عنده كتب اسمك بقلم رصاص بجوار اسم الكتاب، ودعاك للتوقيع باسمك الثلاثي، أما إذا تأخر الكتاب عندك ، ففضيحتك ستكون "بجلاجل"، لأن كل أصدقائك سيرون توقيعك بجوار الكتاب، لكن لو تقاعست فقط سيطالبك بعمل فيش وتشبيه قبل أن يعيرك كتاباً آخر.

هو بالتأكيد أفضل من غيره من الذين يرفضون إعارة الكتب، ويعتبرون الكتاب ابنهم الضال الذي وجدوه أخيراً، وكتاب على الرف خير من عشرة عند أصدقائك، لكن ـ بيني وبينك ـ هناك ناس بالفعل لا يستحقون إلا أن تفعل معهم هذا.

حكى لي صديق أن صديقا له كان كلما زاره استعار كتاباً ولا يرد ، كلما زاره استعار كتابا أو اثنين ولا يعيد شيئا، وهكذا مر شهر، واثنان، وثلاثة وأربعة، حتى جاء اليوم الفاصل الذي فوجئ صديقه به يدخل عليه منزله، ثم إلى مكتبته. التفت إلى صديقه وقال له: هات كرتونة .

صديقه الذي لم يفهم، كان حسن النية فقام بإحضار كرتونه كبيرة، أما هو فاتجه إلى الأرفف رفاً رفاً، يستخرج منها كتبه كتاباً كتاباً، وسط دهشة صديقه الذي لم حاول الاعتراض حين حمل الكرتونة على كتفه وخرج.

ولأن "الحرام ما بيدومش" حكى لي صديق آخر، هو يعرف نفسه، أنه كان يساعد صديقاً له في الانتقال إلى مسكن جديد في المعادي، وكان من بين المنقولات ذخائر الكتب، فقرر أن "يصطاد" أفضل مجموعة كتب بينها، تركها في منطقة مجاورة للبناية الجديدة، وشاءت الظروف أن يمر صديق آخر له، كان بينهما خلاف فقرر أن يختبئ منه حتى يمر، لكن الصديق الآخر لم يمر إلا بعد أن أخذ الكتب "الغنيمة" التي شعر أنها جاءته من السماء.

أما إذا كنت مؤلفاً، أو تعتبر نفسك كذلك، وأصدرت كتاباً أو اثنين، صدقني لن تغضب كثيراً عندما تجد كتبك في سور الأزبكية، لأن هذه هي نهايتها الطبيعية، لكن ما سيغضبك أكثر إذا وجدت كتبك التي أعرتها لصديق لك على الرصيف، بـ "اتنين ونص وتعالى بص".

طبعاً، الكتب التي تجدها على الرصيف بإهداء من المؤلف إلى أصدقائه لها حكاية أخرى، لكن إذا كنت مؤلفاً أيضاً، أو تعتبر نفسك كذلك، فلا تجعل الحب الزائد "ينقح" عليك وأنت تكتب الإهداء، حتى لا تصبح "سيرتك" على كل لسان.

لكن بعيداً عن كل هذا، ماذا يفعل واحد مثلي الآن، قرر أن يتأكد من بعض النقاط في دراسة يعدها من كتب مكتبته، فلم يجد شيئاً منها، لأن أصدقاءه علاء ومحمود وفتحي وأيمن وهاني استعاروها، من هؤلاء الأشخاص أصلاً؟ لقد قاطعوني منذ فترة، بالتحديد بعد "موقعة" الاستيلاء على الكتب.
عموماً، حاول إقناع نفسك أن "المال الحلال ما بيضعش"، لكن احترازاً: لا تقرض كتبك لأصدقائك، ولا لأي أحد.