الثلاثاء 8 أبريل 2014 / 19:45

التطرف وطريق الإرهاب


عصفت ظاهرة التطرف الديني بالكثير من الدول العربية، وتنامت هذه الظاهرة في ظل مايسمى بـ "الربيع العربي.

ورغم أن داء التطرف والتعصب والتشدد لم تكن الدول العربية أول من أصيب به، فهناك الكثير من الدول تعرضت لرياحه، مثل أوروبا وأمريكا والهند واليابان وروسيا وغيرها، وإن كان بنسب مختلفة ومتفاوتة، إلا أن خطورة التطرف والتشدد الديني بالنسبة للمجتمعات العربية تجسدت بأبشع صورها في القتل والتعنيف والتحريض والإكراه، الذي انغرس في عقول الكثير من الشباب المسلم وأصبح من الصعب، وربما من المستحيل إزالته ومسح آثاره ونتائجه على أرض الواقع، ولأجيال قادمة.

وفي حين برزت عناصر "أجنبية" وخارجية متطرفة اندمجت ضمن تنظيمات متطرفة متعددة كالقاعدة وذيولها من جبهة النصرة وغيرها، برزت أيضاً في سوريا، على وجه الخصوص، مجموعات كبيرة من المتطرفين السوريين، ليسوا "أجانب" بل مواطنون سوريون، معظمهم ولد وتربى في الأربعين عاماً الأخيرة، وانتهجوا الفكر المتطرف لتحقيق غايات شعاراتها براقة كالحرية والنصر ولكن جوهرها كان القتل والإرهاب.

فما كان بسوريا إلا أن تحولت لساحة صراع واسعة، تغذت على جهل شريحة واسعة من الشباب السوري، ليصبح من الصعب حقاً أن نفصل بين المتطرف الأجنبي الذي جاء لتحقيق مايعتبره هدفاً دينياً، وبين الشباب السوري الذي انضوى تحت أجنحة هذه التنظيمات، التي لم يجد سواها من حضن، في ظل غياب التنظيمات السياسية الحقيقة.

وبالتالي نجحت التنظيمات المتطرفة بجذب الشباب "الثائر" وتزعمت المشهد السوري، مُحوّرة القضية من مشروع "ثورة" سياسية واقتصادية واجتماعية، إلى صراع طائفي ومذهبي بالدرجة الأولى، واستطاعت خلال السنوات الثلاث أن تحقق ما عجزت عنه القوى المعتدلة من إثبات للوجود.

ولعل سبب نجاح هذه التنظيمات في سوريا وغيرها، هو تبرير قادة المجتمع ورجال الدين لأعمالها، فنرى الكثير من الكتاب والمحللين والمغردين يسوغون تلك الأعمال رغم بشاعتها وقسوتها وألمها، وفي مقدمتهم  القرضاوي الذي حلل وشرّع السلوك الطائفي، مستغلاً منصبه الديني.

ولايخفى أن أحد أهم أسباب ثبات هذه الجماعات المتطرفة هو دور الإعلام الذي خصص قنوات بحالها للتحريض والتبرير، وبرزت قناة الجزيرة كأحد أهم نجوم هذا الدور، بقوتها المالية والتقنية والـ "مهنية"، معلنة دون خجل سياستها الوضيعة في دعم هذه التنظيمات والمتاجرة بدماء العرب في سوريا ومصر والعراق وغيرها، وبالفعل نجحت في ترسيخ ركائز التطرف.

ويبدو أن القول بأن التطرف هو أحد أوسع الأبواب التي تؤدي إلى الإرهاب يحمل الكثير من الواقعية، خاصة بعد أن ثبت أن معظم حالات الإرهاب، التي اجتاحت العالم العربي خلال الخمسين عاماً الماضية كانت نتاجاً للتطرف، ولعل الأعوام الأربعة الأخيرة كفيلة بتوضيح العلاقة العميقة بين التطرف والإرهاب.