الأحد 29 يونيو 2014 / 18:47

ما الذي أصاب قطر؟

24 - ترجمة: ميسون جحا

يصف سلطان سعود القاسمي في مقال له بعنوان "ما الذي أصاب قطر؟" نشر في صحيفة المونيتور، عما جرى خلال عام من تسلم الشيخ تميم بن حمد سدة الحكم في قطر، وأوصل هذه الإمارة الصغيرة إلى ما يشبه العزلة التامة.

يستهل الكاتب مقاله بالقول إنه هذا الأسبوع يحل عام كامل على تخلي أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عن السلطة لابنه الشيخ تميم، منضماً إلى قائمة قصيرة، بل تبدو متنامية، من الملوك الذين تخلوا عن سلطاتهم لصالح أبنائهم. وعند تخليه عن السلطة، ترك الشيخ حمد وراءه إمبراطورية من القوة الناعمة ونفوذاً امتد على مساحة المنطقة. وها قد مرّ اثنا عشر شهراً، ويبدو أنه لا شيء يبدو أكثر تبايناً عما كان عليه قبل عام.

وفي هذا الإطار، يقول القاسمي إنه "لم يكد يمضي ٧٢ ساعة على اعتلاء تميم لعرش قطر، حتى أزيح الإخوان المسلمون عن السلطة في مصر، وهم الحليف الأكبر لقطر، ويقال إن هذه الدولة الخليجية ضخت لدعم الجماعة مليارات الدولارات، فضلاً عن تخصيص معظم برامج قناة الجزيرة العربية لتغطية نشاطات الإخوان المسلمون. ولوحق في مصر أعضاء هذه الجماعة وسجنوا وتم نفي بعضهم، بعد أن كانوا قبل أيام يشغلون منصب الرئاسة ورئاسة الوزارة ومناصب وزارية وبرلمانية. كما أن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي لم تتسنّ له الفرصة لأن يبعث ببرقية تهنئة للأمير الشاب". 

وفي مكان آخر، أي في تونس، وافقت حركة النهضة الإسلامية، وهي حليف آخر لقطر، على التخلي عن السلطة وتشكيل مجلس وزراء مؤقت بعد بضعة أسابيع من الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر. وفي ليبيا، حيث التزمت قطر بتقديم المال والدعم العسكري والتغطية الإعلامية، تعهد الجنرال السابق خليفة حفتر بتطهير بلده من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.

ويضيف سلطان سعود القاسمي قوله إنه حتى في سوريا لم يعد للائتلاف الوطني السوري الذي هيمن عليه الإخوان المسلمون، ودعمته قطر، دور يذكر، وخاصة بعد تعيين أحمد الجربا، المدعوم من المملكة العربية السعودية، رئيساً للائتلاف، مما دفع خبير سياسي للتعليق حول نفوذ قطر بالقول: "من الناحية السياسية، تجلس قطر حالياً في المقعد الخلفي، وربما هي غير موجودة داخل السيارة".

ويضيف القاسمي بأن حلفاء قطر من جماعة الإخوان المسلمين تلقوا ضربة كبرى عندما انضمت المملكة العربية السعودية إلى مصر في اعتبارها الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية". وقد أرسل الملك عبد الله بن عبد العزيز برقية تهنئة إلى الرئيس القوي الجديد في مصر عبد الفتاح السيسي بعد أقل من ساعة من فوزه بالرئاسة. وقال الملك في برقيته إن التسبب بأي ضرر لمصر يساوي الضرر بالاسلام والعرب والمملكة العربية السعودية". وقد نصح الملك عبد الله بن عبد العزيز السيسي بوجوب توخي الحذر من" الأصدقاء السيئين". وفي إشارة إضافية لقطر، قال الملك  يجب أن يعي كل منا بأنه لو كان بمقدوره تقديم العون لمصر وامتنع عن القيام بواجبه، فإنه لن يكون له مكان بيننا في المستقبل".

أزمة صورة
من جانب آخر، تعاني قطر من أزمة كبيرة تطال صورتها في العالم وذلك على خلفية اتهامها بدفع رشاوى لمسؤولي الفيفا من أجل التصويت لصالح استضافتها لكأس العالم في عام ٢٠٢٢. ويضاف إلى ذلك تكرار الاتهامات بإساءة قطر معاملة العمال وتشبيه أوضاعهم بعمال السخرة أو العبيد. وفي الأسابيع الأخيرة دعت جهات راعية لكأس العالم، الفيفا إلى فتح تحقيق حول الاتهامات الموجهة لقطر، والتي أصبحت تعرف باسم "قطر جيت".

وفي شهر مارس (آذار) الماضي، وفي خطوة غير مسبوقة، سحبت كل من الإمارات والسعودية  والبحرين سفراءها من الدوحة إثر إخلال قطر بتنفيذ اتفاقية أمنية مشتركة تمت في نوفمبر (تشرين الثاني) ٢٠١٣ وتضمنت التزامات من قطر بوقف دعمها لجماعة الإخوان المسلمين واستضافتها لشخصيات خليجية معارضة. وقبل أسابيع، تطوع ديبلوماسي كويتي رفيع المستوى للتوسط بين الثلاثي الخليجي (الإمارات والسعودية والبحرين) وقطر، وهي المهمة التي إن كانت لتؤتي ثمارها فإنها لابد أن تتمخض عن نتيجة تنقذ ماء وجه الأمير وتكون مقبولة من الثلاثي الخليجي. وقد أشار مصدر ديبلوماسي بأنه ما لم تقم قطر بتلبية شروط المجموعة الخليجية، فإن تلك الدول سوف تقاطع القمة الخليجية في الدوحة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مما قد يؤدي لإلغاء الاجتماع.

وهكذا جعلت أحداث الأشهر الأخيرة من عام ٢٠١٤ سنة مروعة بالنسبة لقطر. ورغم ذلك من المبكر القول إن قطر ستغيب عن لعبة الأمم. فإن قطر ما زالت تستضيف مقر القيادة المركزية الأميركية، وهي تملك ثروة طبيعية هائلة، ورغم أن محطة الجزيرة تحولت لظل إسلامي لما كانت عليه يوماً، فإن شبكاتها الناطقة بالإنجليزية تحظى بحضور عالمي.

وفي زيارة لفرنسا، قال الشيخ تميم لمستضيفيه في ٢٣ يونيو "كنا دوما نلعب دور الوسيط بين الدول ذات الخلافات". لكن، يبقى الاختبار الأكبر بالنسبة للأمير الشاب، فيما إذا كان قادراً على تسوية خلافاته مع الثلاثي الخليجي، كي لا يجد نفسه وحيداً حول مائدة الاجتماعات في ديسمبر المقبل".