الثلاثاء 15 يوليو 2014 / 10:30

داعش مستودع الخيبات


في كلمته القصيرة قبل أيام، وجه عزت الدوري الشكر لداعش، وقبل البدء في إلقاء الخطاب، قدمه شخص ما بعدة ألقاب دالة؛ فهو "قائد الجهاد، "القائد المؤمن"، "المهيب الركن"، لتخرج الألقاب معبرة عن تزاوج علني بين "البعث" الذي كان "علمانياً"، "وداعش" التكفيرية، وبعدها ثمّن الدوري حلفاءه، معتبراً أن "الفتوحات العربية الأخيرة" ممثلة في سقوط "نينوى" "وصلاح الدين" لم تحدث منذ عهد النبي محمد، وواصفاً "إيران" بالسرطان الصفوي.

وبالتزاوج بين "علمانية البعث العراقي" "تكفيرية داعش" تتجلى خيبة أخيرة لمشروع تحديث دونه "عفلق وساطع الحصري"، بدأ باللعب على وتيرة "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة"، وانتهى داعشياً، يبشر بالخليفة أبي بكر البغدادي.

استكمل الدوري، خيبات متتالية، لحكم صدام، كان أهم نتائجها استدعاء الاحتلال، وزوال الحكم، وبعد عشر سنوات من التخفي، تذكر خيبة كانت منسية في جعبة البعث، بالقفز على أدبيات التحديث والعلمنة، لتدشين دولة الخلافة، طالما الخصم كان متماهياً مع خلافة الملالي.

ومؤشر انتكاس العلمنة والتحديث، تراه كذلك في نقاش حاد منذ أيام، على مواقع التواصل الاجتماعي، بين رؤيتين لتفسير داعش، وهل أعضاؤها هم "من ينصرون الدين بالعمائم السوداء" كما يبشر نص منسوب للنبي، أم "الخوارج الذين يحتفظون بشعور كالنساء"، وكلا الرؤيتين تفتشان عن نص ديني يفسرون به مصائب الحاضر.

وكانت هذه واحدة من خيباتنا نكأتها داعش.

الخيبة الثالثة ظهرت مع التساؤل الملح؛ لماذا لا يحارب التكفيريون إسرائيل، خاصة مع العدوان على مدنيي غزة؛ وتجاهل التكفيريين للأمر عزز من فرضيات جاهزة وساذجة، حول العمالة للاستخبارات الأمريكية، أو الإسرائيلية.

جاءت الإجابة عبر فيديو تحدث فيه أحد قادة داعش عن تجنب التنظيم مواجهة إسرائيل، وأنهم كمجاهدين ليسوا مطالبين شرعياً بحربها. والإجابة كاشفة لعودة فكر تنظيمات التكفير القطبي وانتشاره مع الربيع العربي؛ وكون الأنظمة المرتدة في -مخيال التنظيمات- "قتالها أجدى من قتال الكافر"، ومن هنا فالصدر العراقي أو المصري أوالسوري، أولى بالرصاص من الإسرائيلي.

"وخيبة التكفير" تقودنا لعلة قديمة؛ حول ارتباك ترتيب أولويات التغيير لدى العرب بعد التحرر من الاستعمار؛ فبينما كان قوميو الخمسينات حائرين؛ هل يبدؤون مشروعهم للبناء بالاشتراكية أم الوحدة أم تحرير فلسطين، يحار الإسلامويون اليوم، أي الأطراف أجدى بالتكفير والقتل.

وفيما فشلت مشروعات البناء الخاصة بالقوميين لأسباب عديدة، يبدو أن مشروعات الهدم تنجح مع داعش رغم ارتباك الأولويات، وهذه هي الخيبة الرابعة.