الخميس 17 يوليو 2014 / 15:27

زايد.. العربيُّ الأَبيُّ



تحل اليوم (التاسع عشر من رمضان) الذكرى العاشرة لرحيل حكيم العرب الشيخ زايد ـ رحمه الله ـ في الوقت الذي يعيش فيه العالم العربي آلاماُ وأوجاعاً، فيا أيُّها الحاضر الغائب نًحِنُّ إليك من أجل الرشاد والحكمة والمروءة.

ذكرى رحيلك تعيد التأكيد على قيم الحياة والعطاء والمواجهة والوحدة والدفاع عن الحق في وجه الظلاميين ودعاة الفتنة وأعداء الأمس واليوم، لأن تلك القيم كانت من منبع نفس أبية حفرت أخاديد في عمق الزمن، وصنعت زهو أمة فكانت على موعد لصناعة التاريخ.

أيها الحاضر بيننا، يكفينا أننا نعيش اليوم ما تبقَّى من آثار فعلك المجسد في الإمارات وفي الخليج العربي، وفي كثير من دول العالم حيث واصل الخير طريقه مُنساباً فكانت حدوده العالم.

لقد كنت سبّاقا أيها الراحل للعمل من أجل تغيير الذهنيات، حتى غدت الحكمة لدى من استمع إليك وتفاعل معك، من قادة العرب والعجم، منهج حياة، وتحققت من خلالها طموحات وآمال كبرى للنفس البشرية دون التزام بالجغرافيا أو اللون أو الدين.

حكمتك المشعة بالنور، تجعلنا نتساءل: كيف لنا أن نفسر هذا الإقبال عن الإمارات من كل دول العالم تقريبا؟.

ـ من بلاد العلم، والجهل.

ـ ومن بلاد التقدم، والتخلف.

ـ ومن عالم الفقراء لدرجة المسغبة، والأغنياء لدرجة التخمة.

ـ ومن دنيا المستضعفين، والمستكبرين.

ـ ومن أراضي الوثنيات، والديانات السماوية.

ـ ومن أمم مغلقة، وأخرى منفتحة.

ــ ومن ثقافات تتجه نحو الانقراض، وأخرى تصيغ مصير العالم على هواها.

كل أولئك لا ندري كيف جاءوا؟، ولكن الذي نعرفه أنهم يتعايشون في سلام وأمان في حدود تجاوزت الممكن أحياناً.

أعدت لنا، تحقيق ما نادى به المصلحون والمفكرون والشعراء من أجل نهضة أمة، فكنا معك على موعد مع التاريخ، تراكمت فيه المنجزات، حتى كشفتَ زيف الاستعمار للدول العربية عبر عدد من العقود، خالها الجاهلون ثابتة لا تتغير.

لقد كنتَ قوة دفع وتصدّ لظلم الزمن الاستعمار وباعث للذات العربية من جديد، وكأنك تجاوبت مع الشاعر المصري علي محمود طه في قصيدته" أخي جاوز الظالمون المدى"، حين قال:

أخي أَيُّها العربيُّ الأَبيُّ.. أَرَى اليوم مَوعِدَنا لا غَدَا

موعدنا معك اليوم ليس مجرد ذكرى عاشرة، تتراكم فيها السنوات لنحصيها أو نعدُّها وإن كان ذلك مطلوباً.

ولا هو افتخار بزعيم بنى وطناً، وحقق وحدةً، واستنهض أمةً، وهذا حقاً.

موعدنا معك حاضر نستنجد فيه بحكمتك في وجه أخطار اليوم المحدقة بالمنطقة.

نأمل أن يمكَّنُنا الله من عودة الأمة إلى صوابها عبر إرثك المعرفي، مصحوباً بعمق تجربتك المتراكمة.

موعدنا معك اليوم محبة خالصة، فأنت لست بيننا، جسداً، حتى يقول قائل: إنه مدح موجه من أجل حسابات أو مكاسب، لذا فاليوم لحظة صدق، فيها تجليات الأبوة والإباء، وتذكير من أجل مصلحة عامة، نحن في حاجة إليها، بالرغم من تعدد الخٌطب والمنابر وكثرة القادة الذين ملأُوا أرض العرب، وبَدَوْا متأثرين أو مستذكرين لرحيلك.

ليرحمك الله ويرحمنا معك، وعلنا نتبع حكمتك الباقية على قيد الحياة دائماً.